خارج المقصورة
عاد الحديث مجددًا ليتصدر المشهد حول صفقة بيع بنك القاهرة، أحد أبرز أذرع القطاع المصرفى المصرى، إلى بنك الإمارات دبى الوطنى. لكن هذه المرة، لا تسير الأمور بهدوء، بل تشهد كواليس الصفقة «معركة شد وجذب» عنيفة، عنوانها «سعر البيع».
البنك الإماراتى دخل السباق بقوة، وفتح العرض عند 1.2 مليار دولار، ثم عاد ورفعه إلى 1.5 مليار دولار فى محاولة لاسترضاء الحكومة المصرية. لكن الحكومة ترى فى بنك القاهرة جوهرة مصرفية لا تُقدّر بثمن، تتمسك بسعر أعلى ولا يقل عن 1.8 مليار دولار، فى ضوء مؤشرات الأداء والأصول والانتشار الجغرافى للبنك.
تقييمات الخبراء والمراقبين، يرون أن قيمة البنك السوقية الحقيقية تتجاوز كل هذه الأرقام، معتبرين أن السعر المعروض لا يعكس الإمكانات الكاملة لبنك القاهرة.. فى ظل هذا التجاذب، بدأ سيناريو جديد يلوح فى الأفق الطرح العام فى البورصة.. وكما حدث مع المصرف المتحد، قد تجد الحكومة فى هذا الخيار بديلًا ذكيًا وأكثر جدوى، خاصة مع سعى الدولة لاستقطاب النقد الأجنبى، وتنشيط سوق المال عبر اكتتاب يجذب شرائح متنوعة من المستثمرين المحليين والأجانب.
الخلاف على الرقم «السحرى» قد يؤجل البيع المباشر، ويفتح الباب أمام استراتيجية مختلفة تُبقى البنك تحت المظلة الوطنية، ولكن عبر تمويل سوقى شفاف وتنافسى، عبر البورصة، خاصة أن الطرح سيعود بالمكاسب على برنامج الطروحات بصورة عامة، فى ظل ارتفاع قيمته الدولارية، وهى لها دور كبير فى الترويج للشركات المصرية، وارتفاع نسبته فى المؤشرات العالمية.
القيمة السوقية للأسهم ستتضاعف، وتكون فى «السما» بسبب قيمة البنك، مع استقطاب شرائح جديدة من المستثمرين، وبالتالى ضخ أموال وتدفقات، وسحب سيولة جديدة من السوق، بعيدا عن المستريحين وصائدى أموال الباحثين عن الاستثمار السريع، وتحقيق العائد الأسرع، لكن الحكومة قد تميل إلى اللعب بورقة الطرح العام فى البورصة، فى ضوء المكاسب المتعددة التى قد يجنيها برنامج الطروحات من إدراج اسم ثقيل مثل بنك القاهرة. فالطرح المتوقع سيكون دوليًا بطابعه، ومحليًا بجذوره، واستثماريًا بأثره، وسيساهم فى رفع القيمة الدولارية لبرنامج الطروحات برمّته، ويعزّز من فرص الترويج للكيانات المصرية أمام المؤسسات العالمية، لا سيما مع احتمالية ارتفاع الوزن النسبى للبنك فى المؤشرات الدولية للأسواق الناشئة.
لن يتوقف الأمر عند مجرد الإدراج، بل من المنتظر أن تُحلّق القيمة السوقية لأسهم بنك القاهرة إلى مستويات غير مسبوقة، بفعل الثقة فى أصوله، وانتشاره، ومتانة علامته التجارية. هذا الزخم سيجذب شرائح واسعة من المستثمرين، ويُعيد ضخ دماء جديدة فى شرايين السوق، عبر تدفقات نقدية أجنبية ومحلية.
< يا سادة.. الطرح لن يكون فقط وسيلة لجذب الأموال، بل سيكون أيضا صمام أمان ضد المضاربين والمستريحين، أولئك الذين يصطادون أموال البسطاء بحيل الثراء السريع. فبدلًا من توجيه السيولة نحو أوهام الربح السهل، ستكون هناك فرصة حقيقية لاستثمار آمن، شرعى، وواعد، يُحقق عائدًا مستدامًا، ويُعزز من الثقة فى سوق المال كمصدر استثمارى جاذب وراسخ.. فهل نرى بنك القاهرة قريبًا فى شاشات التداول؟ أم يُحسم الملف فى غرفة مفاوضات محكمة الإغلاق؟