خارج المقصورة
بينما تشتعل نيران الصراعات فى المحيط الجغرافى، وتتحول بعض العواصم إلى مسارح للدمار والاضطراب، تظل مصر واقفة بثبات، كصخرة تتحدى التيارات، تحرس أمنها القومى بإرادة لا تلين، وتتمسك بثوابتها الاستراتيجية التى صنعت منها حائط صد فى وجه الفوضى.
هذه ليست مجرد شعارات، بل رسائل قوية ومباشرة للمستثمرين، مفادها أن السوق المصرى لم يعد فقط جاذبًا، بل أصبح ضرورة لمن يبحث عن الاستقرار وسط عالم مضطرب، فى أرض الكنانة، تلتقى فرص النمو مع ضمانات الأمان، وتتلاقى العوائد المجزية مع السياسات الرشيدة.. أثبتت الأحداث أن ضخ الاستثمارات خارج مصر، فى بيئة إقليمية مشتعلة، هو مجازفة أشبه بمن يلقى بأمواله فى أتون ملتهب.. أما السوق المصرى، فهو الرهان الآمن، والبوصلة التى لا تخطئ، والنقطة المضيئة فى خارطة يلفها الضباب.
لم يعد الأمر بحاجة إلى مزيد من التوضيح، فالرسائل المصرية وصلت واضحة وصريحة إلى كل من يبحث عن استثمار حقيقى ومستقر. وفى الأيام القليلة الماضية، تجلت هذه الحقيقة فى مشهد لافت: وفود أجنبية تتوافد، شركات دولية تطرق الأبواب، ونوايا توسع تتجسد على أرض الواقع، بعدما أدرك المستثمرون أن مصر لم تعد مجرد خيار، بل أصبحت وجهة أولى.
ما يحدث اليوم هو انعكاس لتحولات جذرية شهدتها الدولة على مدار السنوات الأخيرة. ثورة فى البنية التحتية نقلت الخريطة الاستثمارية إلى مستوى غير مسبوق، فشبكات الطرق العملاقة التى تشقّ البلاد من أقصاها إلى أقصاها، والموانئ الذكية، والمناطق اللوجستية، كل ذلك أعاد رسم المسارات الاقتصادية، وجعل من مصر مركزًا استراتيجيًا متفردًا.
البيئة الجاذبة تحتاج إلى أدوات تحفيز، ولم تتأخر الدولة فى إطلاق حزم تشجعية، تضمن للمستثمرين أفقًا من الثقة والربحية، من إعفاءات ضريبية مغرية، إلى تسهيلات إجرائية تُزيح عن كاهل المستثمر البيروقراطية.. ما يضفى على المشهد ا بريقًا مضاعفًا، هو السوق المحلى ذاته... سوق نابض بالحياة، يعجّ بالكثافة السكانية، ويُمثل واحدًا من أكبر الأسواق الاستهلاكية فى المنطقة. فمصر لا تُقدم فقط بنية تحتية قوية أو حوافز استثمارية سخية، بل تقدم قاعدة جماهيرية ضخمة، تُشكّل طلبًا دائمًا على السلع، والخدمات.. هذا الزخم السكانى لا يعد عبئًا، بل هو رافعة اقتصادية هائلة، تضمن دوران عجلة الإنتاج، وتعزز من قدرة أى مشروع على النجاح السريع وتحقيق عوائد مستقرة.
وفى ظل هذا المناخ، انعكست الثقة فورًا على البورصة المصرية، التى سجلت خلال الأسابيع الماضية مستويات تاريخية غير مسبوقة. اندفعت السيولة من المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، لاقتناص الفرص الذهبية فى سوق الأسهم، إيمانًا بأن الحاضر واعد، والمستقبل أكثر إشراقًا
< يا سادة.. فى زمنٍ تترنح فيه الاقتصاديات وتُغلَق فيه الأبواب، تبقى مصر مفتوحة على الأمل، شامخة بالثقة، ومضيئة بالفرص.