في حوار للوفد..
نائب رئيس جامعة القاهرة يعلن آليات جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي

قفزات ملموسة حققتها جامعة القاهرة خلال السنوات الأخيرة في النهوض بالبحث العلمي، بعد أن وضعته في صدارة أولوياتها، باعتبارها القاعدة الأساسية لتحقيق اقتصاد تنافسي مستدام قائم على المعرفة والابتكار.
بادرت جامعة القاهرة باتخاذ خطوة تطبيقية لتعظيم الاستفادة من مخرجات البحث العلمي من خلال تأسيس شركة جامعة القاهرة لإدارة واستثمار الأصول المعنوية، وهي الأولى من نوعها في تاريخ الجامعة، بهدف تحويل تطبيقات الأبحاث إلى منتجات وخدمات ذات جدوى اقتصادية.
ولا تزال جامعة القاهرة لديها الكثير لتقدمه في مجال البحث العلمي في ضوء الأخلاقيات الجامعية التي تراعي تطبيق النزاهة، وأمانة البحوث العلمية، والحفاظ على الحقوق البحثية، والفكرية، والإنسانية، لأطراف العملية البحثية.
وللتعرف على استراتيجية جامعة القاهرة للنهوض بالبحث العلمي خلال السنوات المقبلة، أجريت بوابة الوفد الإلكترونية حوارًا مع الدكتور محمود السعيد نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحوث.
خطة إدماج الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي

ما خطة تطوير البحث العلمي في جامعة القاهرة؟
نحن بالفعل انتهينا من وضع الخطة الخمسية البحثية لجامعة القاهرة التي تتكون من القطاعات الخمسة، وهي: العلوم الاجتماعية، والإنسانية، والأساسية، والطبية، والهندسية، وكان التركيز على ربط مخرجات البحث العلمي بالاستراتيجيات القومية، مثل: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، وخطة مصر للتنمية المستدامة 2030، وربطها بأهدافها، وركزنا على الذكاء الاصطناعي؛ لأن العالم يتجه له في كل مناحي الحياة، ونحن نسعى لاستخدام جميع أدوات الذكاء الاصطناعي في ضوء الإمكانيات.
كيف ترى لجوء بعض الباحثين لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء البحث العلمي بالكامل؟
هذا سرقة وليس استخدام الذكاء الاصطناعي، وهناك طرق لكشف ذلك لكنها غير كافية وقاصرة ويمكن التحايل عليها، والمشرف على البحث العلمي أو المقيم له هو الوحيد القادر على التحقق من كونه مخرح بشري أو آلي، وبالطبع توجد بعض التطبيقات لكشف مدى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
ويجب أن ننبه إلى الفرق بين سرقة البحث العلمي بالكامل بالذكاء الاصطناعي، والاستعانة به لتبسيط وتسريع العملية البحثية وتطويرها ككان أجازت بعض الجهات العالمية لكن بشرط ذكر ذلك وعلى ألا تتجاوز نسبة معينة، وهذا ليس به مشكلة.
تدريبات على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

هل يتم تدريب أساتذة الجامعة على تلك البرامج؟
بالفعل يوجد تدريب على تلك البرامج خاصة للعاملين في الجهات التي تراجع الأعمال البحثية مثل الجهة التي تراجع الأبحاث لتقديمها للمجلس الأعلى للجامعات للترقية، فلا بد من تدريبهم على برامج اكتشاف السرقة العلمية واستخدام الذكاء الاصطناعي.
وماذا عن التدريب على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي؟
توجد برامج تدريبية في مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى أن كل كلية تعد دورة تدريبية على تطبيقات الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته في البحث العلمي وتصل لكل أسرة الكلية.
أفكار بحثية متعددة على طاولة شركة جامعة القاهرة

تتجه الدولة إلى تحويل البحث العلمي إلى منتجات، كيف تطبق الجامعة ذلك؟
نطبّق الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي التي تقوم على سبعة مبادئ، ومنها: التكامل بين الجامعات والمصانع والدولة وهناك تحالف وتنمية، فانطلقت الجامعة من مبدأ التكامل بقيادة تحالف إقليم القاهرة الكبرى الذي يضم خمس جامعات حكومية، وهي: القاهرة وعين شمس وحلوان وبنها والأزهر، بالإضافة إلى جامعات خاصة.
وبدأنا التواصل مع رجال الصناعة لمعرفة احتياجات الصناعة من البحث العلمي والبرامج التعليمية، بهدف الاعتماد عليها في الصناعة وبالفعل حدث لقاءات بين ممثلي الجامعات ورجال الصناعة.
كما طبقت جامعة القاهرة قانون 23 لسنة 2018 الذي يخص حوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار ويسمح للجامعات بإنشاء شركات، وبالفعل أنشأنا شركة جامعة القاهرة وتلقت العديد من الأفكار لتكون لبنة لشركة كبيرة جدًا تليق باسم الجامعة تربط بين الأفكار البحثية والصناعة والاحتياجات الأساسية للمجتمع.
هل يمكن أن تتطور الفكرة إلى إنشاء مصنع خاص بالجامعة لتطبيق مخرجات البحث العلمي؟
هذا الأمر ليس سهلا لأن الجامعة ليست جهة تصنيع، ويمكن تطبيق ذلك في بعض الكليات في إطار محدود جدًا، مثل: الزراعة والصيدلة والطب البيطري، لكن نحن نصنع الأفكار، ونتعاون مع مستثمر لتحويل الفكرة لمنتج وتكون الجامعة شريك، أما إنشاء المصانع ليست مهمتنا.
ميزانية ضخمة للبحث العلمي

كيف ترى ميزانية البحث العلمي في جامعة القاهرة؟
جامعة القاهرة تخصص ميزانية كبيرة جدًا للبحث العلمي، ويكفي أن نذكر أن ميزانية مكافآت النشر الدولي وهي أحد أذرع البحث العلمي كانت 90 مليون خلال العام الماضي، وهناك مشروعات بحثية تخطت الملايين مولتها الجامعة بالكامل، ومشروع تطوير العلوم الاجتماعية والإنسانية بتمويل 15 مليون جنيه، كما ساهمت في مشروعات بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتمول 60 في المائة من الوزارة و40 في المائة من الجامعة.
كيف تطوع جامعة القاهرة البحث العلمي للتقدم في التصنيفات الدولية؟
نعمل على تحسين منظومة البحث العلمي وربطها باحتياجات المجتمع وزيادة أعداد الأبحاث المنشورة في المجلات الدولية ذات جودة مرتفعة لتحسين ترتيب جامعة القاهرة.
ما طموح جامعة القاهرة بالنسبة للتصنيفات الدولية؟
نسعى لأن نكون ضمن أفضل مائة دولة في العالم وهذا الأمر ليس سهلًا؛ لأننا نحتاج إلى إنفاق كبير في ظل موارد محدودة، ونحتاج علماء كبار من دول العالم ينتمون للجامعة، وهذا يحتاج تكلفة مالية كبيرة، لكن نستعيض عن ذلك بأن لدينا علماء ذو أهمية لا تقل عن علماء الخارج وهؤلاء نعتمد عليهم في التقدم في التصنيفات الدولية، وبرغم قلة الموارد ومحدودية الإمكانيات إلا أننا نحاول بقدر المستطاع.
هل توجد برامج جديدة في مرحلة الدراسات العليا تواكب متطلبات المجتمع؟
نقدم برامج درسية جديدة ترتبط باحتياجات المجتمع وسوق العمل طوال الوقت، فكل شهرين تقريبًا يعرض برنامج دراسي على مجلس الدراسات العليا قبل عرضها على المجلس الأعلى للجامعات، مثلًا: دشنت كلية الإعلام ماجسيتير في الإعلام الرقمي واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وفي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية هناك ماجستير مهني خاص بتنمية الموارد المالية للمؤسسات.
ودائمًا جامعة القاهرة بكل كلياتها تقترح برامج دراسية بالتعاون مع مؤسسات الدولة لتلبية احتياجات سوق العمل، فمثلًا قدمت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منذ فترة ماجستير مع الاكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد في الحوكمة ومكافحة الفساد، ثم تطورت إلى دكتوراة هذا العام، بخلاف البرامج المختلقة بالتعاون مع أكاديمية ناصر والأكاديمية المصرية العسكرية.
10 آلاف طالب وافد من 100 دولة في الدراسات العليا

كم عدد الدارسين في الدراسات العليا بجامعة القاهرة؟
يبلغ عدد الطلاب الدارسين في الدراسات العليا 60 ألف طالب وطالبة، يمثلون نحو ربع إجمالي الطلاب بالجامعة الذين يبلغ عددهم 250 ألفا، ويوجد 10 في المائة من طلاب الدراسات العليا من الوافدين بنحو 5500 طالب.
ما أكثر الدول التي يوفد منها الطلاب لجامعة القاهرة؟
يدرس لدينا طلاب من مائة جنسية وتتراوح أعداد الوافدين من كل دولة من طالب حتى ألفين، والدول الأفريقية هي أكثر الدول إيفادًا، مثل: السودان الشمالي، والجنوبي، بالإضافة إلى زيادة عدد طلاب الكويت والسعودية.
هل لديكم خطة لرفع عدد الوافدين الدارسين في الدراسات العليا؟
بالفعل توجد زيادة في أعداد الوافدين بشكل دوري من ثلاثة آلاف وافد العام الماضي إلى نحو خمسة آلاف هذا العام، ونستهدف الوصول إلى نسبة 20 في المائة طلاب وافدين مثل الجامعات العالمية، ونسعى لذلك من خلال تسهيل الإجراءات للطلاب وتخصيص شباك لهم في كل إدارة، وتخصيص إدارة مستقلة للوافدين.
البعض يشتكي من تقديم امتيازات للطلاب الوافدين تفوق ما تقدم لنظائرهم المصريين، ما ردك على ذلك؟
هذا الكلام ليس حقيقيًا على الإطلاق، ولا يمكن أن تكون امتيازات لغير المصريين أكثر منهم، لكن الفكرة تكمن في أنه ببعض الأحيان توجد اتفاقات مع الدول لأهداف قومية عليا وتتفق على خفض المصروفات أو الإعفاء من المصروفات وهذا يحدث لفترات معينة، فمثلا جنوب السودان كان هناك تخفيض للمصروفات لنسبة 10 في المائة فقط ثم زادت لـ 30 في المائة وفي الطريق لعودة المصروفات كاملة، وبرغم أنها نسبة قليلة إلا أنها أعلى من مصروفات المصريين، لأنهم يدفعون مبالغ كبيرة بالدولار، وليس هناك طالب وافد يدفع أقل من المصري سوى بمنحة كاملة وفي المقابل لدينا طلاب يحصلون في منح في الدول الأخرى.
فبعض الدول العربية أصبحت تنافسنا في اجتذاب الوافدين، في حين أنهم مورد اقتصادي كبير بالنسبة لنا وهم قوة ناعمة للدولة المصرية، إذ يصبحون سفراء لنا ويدافعون عن مصالح مصر في دولهم، ولا بد أن بأهمية ذلك، وبالتالي نعمل على تسهيل الإجراءات لكنهم يدرسون نفس المنهج ونفس نظم الامتحانات ونفس شروط القبول، فنحن لن نتنازل عن جودة العملية التعليمية والبحثية، أما الطالب المصري
الطللب المصري فهو مميز لأنه يتقن اللغة العربية عكس الوافد، وبالتالي لديه ميزة عن الوافدين الذي يطلبون في بعض الأحيان ترجمة للامتحان ويتم الرفض.
كم تبلغ نسبة موارد الوافدين من ميزانية الجامعة؟
ميزانية الموادر من الوافدين كبيرة وهي تعد الأكبر قدرًا من الموارد الذاتية لأن الجامعة تحتوي على 10 في المائة من الطلاب وافدين يليها التعليم المدمج.
هل توجد بعثات لطلاب الجامعة والباحثين إلى الخارج؟
توجد بعثات للطلاب والباحثين للخارج من خلال منظومة البعثات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهناك رعاية من الدولة لنظام الابتعاث، كما توجد منح داخل مختلف الكليات مثل الاقتصاد والعلوم السياسية فهناك منحة الدكتورة سعاد الصباح التي أودعت مبلغا كبيرا للغاية في البنك لتمويل ثلاثة أفراد للدراسة في الخارج والحصول على الماجستير والدكتوراة.
ما هي شروط الحصول على البعثة؟
هناك معايير لكل تخصص دراسي، لكن الشرط المشترك هو تحقيق مستوى معين من التقدم الدراسي وقاعدة الأقدمية وترتيب الدرجات GPA.
تدشين أول "أبليكشن" كمرشد أكاديمي بالذكاء الاصطناعي

هل يمكن أن نصل بجامعة القاهرة إلى جامعة ذكية 100%؟
لقد أجريت دراسة عن هذا الأمر، لكن للأسف نعاني من نقص الإمكانيات خاصة أن مباني الجامعة قديمة وهي تحتاج مباني منشأة بطريقة معينة لتشغيل أجهزة معينة، لكن يمكننا تجهيزها برغم قدم الأبنية.
أما بالنسبة لطريقة التعليم والتقييم والبحث العلمي فنحن نعمل فعليًا على ذلك، وقد أطلقنا استراتيجية الذكاء الاصطناعي مع بداية تولي الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئاسة جامعة القاهرة، وهي تشمل أربعة أبعاد لإدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع والجهاز الإداري، وبالفعل تم تطبيق مقرر الذكاء الاصطناعي في التعليم لتعريف الطلاب بمفرداته وتطبيقاته.
ونعمل حاليًا على إطلاق تطبيق ذكاء اصطناعي للتواصل مع الطلاب كبديل للمرشد الأكاديمي، حتى يمكنه الحديث معه في كل وقت، كما أطلقنا مشروع استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي بشكل أخلاقي.
ما الموعد المحدد لتدشين تطبيق الإرشاد الطلابي؟
من المقرر أن يدشن العام الدراسى المقبل 2025-2026 وفي أسوأ الاحتمالات العام الدراسي بعد المقبل 2026-2027.
هل هناك خطة لإنتاج أدوات الذكاء الاصطناعي؟
بالفعل كلية الهندسة تمكنت من تجهيز مشروعات جيدة للذكاء الاصطناعي، وحصلت على جوائز عالمية، كما نطلق هذا التطبيق كمرشد للطلاب وهو أحد تطبيقات الذكاء وسيفيد الجامعة بالفعل خاصة في حال إضافته داخل البرامج الدراسية ويجيب على الطلاب ويرشده في اختيار المواد والدكاترة.
كيف تطور أسلوب التدريس في الجامعة أون لاين؟
هناك برامج أون لاين لكن الجزء الأكبر حضوري، وبعض الكليات تعمل حضوري بالنظامين معًا أون لاين وحضور في نفس الوقت لتجميع الأسلوبين في نفس الوقت.
تغير دور أستاذ الجامعة بسبب الذكاء الاصطناعي

هل يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل أستاذ الجامعة؟
بالتأكيد سيحل محله ومحل الكثير من المهن، ونحن نتجه نحو ذلك، لكن في النهاية الإنسان هو من يشغّل الذكاء الاصطناعي، وبرغم اختفاء الكثير من الوظائف إلا أنه في المقابل سيخلق مئات الوظائف كما حدث عند تطور الآلة في الثورة الصناعية وتخوف الكثير منها أنها ستحل محل الانسان، لكنها خلقت آلاف الوظائف وهذا ما سيحدث مع الذكاء الاصطناعي.
ونحن نسعى لإدماج الذكاء الاصطناعي في الجامعة بأبسط الإمكانيات والطرق، لأن ذلك سيسهل كثيرًا على الطلاب وأساتذة الجامعة، فمن الصعب للغاية أن يوصل المعلم المعلومة لهذا الكم من الطلاب لكن ذلك ليس صعبًا بالذكاء الاصطناعي.
كيف سيكون دور أساتذة الجامعة بعد دخول الذكاء الاصطناعي؟
هو من يغذي الذكاء الاصطناعي ويديره وستظل الجامعات كما هي وأساتذة الجامعة لكن طريقة العمل ستتغير.
ما هي أبرز الوظائف الجديدة التي تسعى الجامعة لتأهيل الطلاب لها؟
الرقمنة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة والأمن السيبراني والبرمجة لأنها ستسود العالم في القريب، بالإضافة إلى استمرار بعض الوظائف التقليدية.
هل يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في الامتحانات؟
يستخدمها بعض الأساتذة في كشف الغش في لجان الامتحانات، لكن لم يستخدم في وضع الأسئلة.