رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

خبراء: الحالة النفسية تؤثر مباشرة على عضلات الظهر وتسبب الألم

بوابة الوفد الإلكترونية

ألم الظهر من المشكلات الصحية الشائعة التي يعاني منها كثير من الناس، وغالبًا ما تُعزى هذه الآلام إلى أسباب بدنية مباشرة مثل الإجهاد الجسدي، الجلوس لفترات طويلة، أو الإصابات المرتبطة بالعمود الفقري والمفاصل، إلا أن دراسات حديثة كشفت عن جانب آخر من الأسباب، قد يغفل عنه الكثيرون، وهو الجانب النفسي والعاطفي، حيث تلعب الحالة النفسية دورًا كبيرًا في التأثير على صحة الجسم بشكل عام، وعلى منطقة الظهر على وجه الخصوص.

 

فقد بيّنت أبحاث طبية أن التوتر المزمن والاكتئاب لا يقتصر تأثيرهما على الحالة المزاجية للفرد فقط، بل يمتدان إلى التسبب في أعراض جسدية، منها آلام مزمنة في الظهر. وتوضح الدكتورة يلينا بافلوفا، أن التوتر والاكتئاب يمكن أن يكونا من العوامل الأساسية وراء الشعور بآلام الظهر، نظراً لتأثيرهما المباشر على العمليات البيوكيميائية في الجسم، لا سيما التوازن الغذائي المطلوب لصحة العضلات.

وتشير بافلوفا إلى أن الحالة النفسية المتدهورة تؤدي إلى استنزاف كميات كبيرة من العناصر الغذائية الأساسية، وعلى رأسها فيتامينات مجموعة B، وهي الفيتامينات التي تلعب دورًا مهمًا في تهدئة الجهاز العصبي وارتخاء العضلات.

ونقص هذه الفيتامينات يجعل العضلات أكثر عرضة للتوتر، مما يؤدي بدوره إلى الشعور بالألم في منطقة الظهر. وتؤكد أن هذه العلاقة ليست مجرد افتراض، بل مدعومة بنتائج أبحاث علمية، حيث يظهر تأثير مباشر للاكتئاب على الجهاز العصبي المركزي، ويؤثر ذلك على قدرة الجسم في تنظيم الإشارات العصبية المرتبطة بالألم.

وتضيف أن الاكتئاب ليس مجرد حالة عابرة أو شعور مؤقت بالحزن، بل هو اضطراب نفسي وجسدي ناتج عن الإجهاد المزمن، يؤثر على المخزون الحيوي للفيتامينات مثل B6، B9 وB12، وهي عناصر تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على استقرار الجهاز العصبي، وتوازن الإشارات العصبية المسؤولة عن الشعور بالألم. ومع استمرار التوتر والإجهاد دون علاج، تزداد أعراض الألم سوءًا، وتترافق غالبًا مع الإرهاق الشديد واضطرابات النوم، مما يخلق حلقة مفرغة من الألم والتوتر يصعب كسرها.

وفي السياق نفسه، تلفت الطبيبة أولجا تشيجي فسكايا النظر إلى تأثير التوتر العصبي المستمر على عتبة الألم في الجسم، حيث تؤدي حالات التوتر المزمن إلى جعل الجسم أكثر حساسية تجاه أي تغيّر عضلي أو توتر داخلي.

وتوضح أن الجهاز العصبي يصبح في هذه الحالات أكثر نشاطًا من اللازم، ما يجعل حتى أبسط التشنجات العضلية أو الضغوط على الأعصاب مؤلمة للغاية. ويؤدي ذلك إلى ما يُعرف بظاهرة فرط الإحساس بالألم، حيث يشعر الفرد بآلام متفاقمة نتيجة عوامل بسيطة.

ولا يتوقف تأثير التوتر عند هذا الحد، بل يمتد ليشمل تشنج عضلات الظهر وضغطها على الأعصاب والأوعية الدموية، مما يسبب المزيد من الألم الجسدي الذي قد يُخطئ البعض في تفسيره على أنه مجرد إرهاق بدني، في حين أن السبب الجذري قد يكون نفسيًا بحتًا.

العلاج يبدأ من العقل.. وليس فقط من الأدوية

فهم هذا الترابط الوثيق بين الحالة النفسية وصحة الجسم يُعد خطوة أساسية في تطوير استراتيجيات علاج فعالة لآلام الظهر. فبدلاً من الاكتفاء بوصف الأدوية أو الاعتماد على تمارين الاسترخاء واللياقة البدنية، بات من الضروري اعتماد نهج علاجي شامل يأخذ في الاعتبار الرعاية النفسية، والتغذية السليمة، ودعم التوازن العصبي والعضلي في آنٍ واحد.

فالعناية بالصحة النفسية لم تعد رفاهية أو أمراً اختيارياً، بل أصبحت ضرورة حتمية للحفاظ على صحة الجسد. وتجاهل هذا الجانب قد يؤدي إلى استمرار المعاناة من أعراض جسدية يصعب علاجها، ما لم يُعالج السبب الحقيقي الكامن وراءها. ومن هنا، يُنصح كل من يعاني من آلام مزمنة في الظهر بإعادة تقييم نمط حياته النفسي والغذائي، واستشارة مختصين في الطب النفسي عند الحاجة، لأن الجسد لا يتألم بمعزل عن النفس، والعلاج الحقيقي يبدأ من الداخل.