محمود عزازي: لا أكرر نفسي.. وأسعى لصناعة بصمة فنية متجددة في كل عمل

في عالم التمثيل قد تصبح الموهبة سلاحًا ذا حدين، خاصة حين ترتبط بتجسيد رموز فنية استثنائية، فتُضيء طريق الشهرة ولكنها أحيانًا تحجب الضوء عن أعمال أخرى لا تقل روعة، هذا ما حدث مع الفنان المتألق محمود عزازي، الذي رغم تألقه في تقديم شخصيات بحجم "العندليب" و"الزعيم"، إلا أن تلك الأدوار الكبرى غطّت في بعض الأحيان على أدوار إنسانية وكوميدية درامية قدمها بروح عالية واحتراف فني، ما يجعله من أبرز الفنانين الذين لم يُنصفهم الضوء بقدر ما أنصفهم الجمهور بحبهم وتقديرهم المتواصل.

استطاع الفنان محمود عزازي أن يلفت الأنظار بقوة ويحقق نجاحًا جماهيريًا واسعًا من خلال مشاركته اللافتة في العرض المسرحي "نوستالجيا ٨٠ ٩٠"، والذي جسّد فيه شخصية الزعيم عادل إمام، حيث أدهش الجمهور والنقاد على حد سواء بأدائه الذي تميز بدقة التفاصيل، سواء من حيث تعبيرات الوجه أو نبرة الصوت، وحتى لغة الجسد، ما جعل تجسيده للشخصية يبدو واقعيًا ومقنعًا إلى درجة كبيرة، مثلت هذه التجربة المسرحية نقطة مضيئة جديدة في مشواره، وأعادت التأكيد على قدرته على تقمص الشخصيات ذات الطابع الأيقوني بموهبة تلقائية ومهارة عالية.
وكشف عزازي أن تجسيده لشخصيات بحجم الزعيم عادل إمام والعندليب عبدالحليم حافظ، لم يكن مجرد أداء تمثيلي، بل مسؤولية ثقيلة، نظرًا لما تحمله هذه الأسماء من قيمة فنية وجماهيرية عبر الأجيال. وأضاف: "تقديمي لشخصيات عظيمة بحجم وقيمة الزعيم والعندليب كان له تأثير كبير على مسيرتي، فهما اسمان يرتبطان في ذهن الجمهور بذكريات عظيمة، مما جعل حضورهما يطغى على باقي أدواري الأخرى، التي قدمتها بنفس الشغف والإخلاص، ولكن لم تلقَ نفس القدر من الاهتمام، وظل الجمهور يربطني بهاتين الشخصيتين فقط".
ورغم ارتباطه بهذه الشخصيات البارزة، يؤمن عزازي بأنه قدّم عبر مشواره الفني مجموعة من الأدوار المتنوعة التي عكست تعدد أدواته التمثيلية. وأشار إلى مجموعة من الشخصيات التي يعتبرها محطات مهمة في رحلته مع التمثيل، ومنها شخصية "الشربيني" في فيلم "ورقة شفرة"، و"علوان" في مسلسل "بحر"، و"إدجار" في "سره الباتع"، و"أكرم" في مسلسل "أبواب الخوف"، وأكد أن هذه الأدوار نالت استحسان الجمهور، إلا أنها لم تحظَ بالتسليط الإعلامي الكافي.
من بين هذه الأعمال، يحظى دور "علوان" في مسلسل "بحر" بمكانة خاصة لدى عزازي، لما يحمله من أبعاد درامية وإنسانية. فقد قدّم شخصية رجل صعيدي يتورط في صراعات اجتماعية وأسرية متشابكة، داخل بيئة درامية تناولت قضايا الثأر والتقاليد والموروث الشعبي. وقد شارك في المسلسل عدد من النجوم، أبرزهم ماجد المصري، دياب، حنان سليمان، حسني شتا، عبد الرحمن أبو زهرة، ومريهان مجدي. كتب العمل أحمد عبد الفتاح وأخرجه أحمد صالح.
أما في مسلسل "أبواب الخوف"، فقد لعب عزازي دور "أكرم"، في عمل تميز بأجوائه الغامضة والميتافيزيقية، حيث تابع الجمهور رحلة الصحفي والمترجم "آدم ياسين"، الذي يتنقل بين عالمين من خلال قصص رعب غامضة. وقد شارك في بطولة العمل عمرو واكد، ريهام أيمن، عمرو عابد، لانا سعيد، ورانيا شاهين، وهو من إخراج أحمد خالد، الذي قدّم رؤية بصرية خاصة عززت من أجواء التشويق في المسلسل.
ومن الأعمال المميزة الأخرى التي شارك فيها عزازي، مسلسل "سره الباتع"، وهو مأخوذ عن قصة للأديب الراحل يوسف إدريس، ومن إخراج خالد يوسف، وقد جسّد فيه شخصية "إدجار"، وهي شخصية مختلفة أثارت تفاعلاً كبيرًا.
ويعتمد العمل على الدمج بين خطين زمنيين، حيث تدور قصته بين الماضي زمن الحملة الفرنسية على مصر، والحاضر، عبر شخصية “حامد” الذي يبحث في خفايا تاريخ السلطان حامد. وقد شارك في العمل كوكبة من النجوم، من بينهم أحمد فهمي، حسين فهمي، ريم مصطفى، أحمد عبد العزيز، وحنان مطاوع.
وفي السينما، أثبت عزازي قدرته على التنقل بين الأنماط التمثيلية المختلفة، فشارك في أفلام ذات طابع كوميدي ودرامي على حد سواء. ومن أبرز أفلامه "ورقة شفرة"، و"سمير وشهير وبهير"، حيث قدم أداءً متوازنًا ومرنًا يعكس مدى قدرته على كسر القوالب النمطية، والانتقال بين الشخصيات بسلاسة واحتراف.
واختتم عزازي تصريحاته قائلاً : "من وجهة نظري الفنان الحقيقي هو اللي يقدر يغير جلده في كل عمل، ويقدّم شخصية مختلفة عن اللي قبلها، من غير ما يقع في فخ التكرار. وأنا مؤمن إني لسه عندي كتير أقدمه، واللي جاي هيكون أقوى وأعمق فنياً بإذن الله".




