دار الإفتاء توجّه نصيحة ثمينة لمن يغلبه النوم عن صلاة الفجر

صلاة الفجر من أعظم الصلوات أجرًا وثوابًا، وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة تبين مكانتها، وتحث على أدائها في وقتها، وعلى وجه الخصوص في جماعة، لما في ذلك من بركة وخير عظيمين.
ومع ذلك، يعاني كثيرون من صعوبة الاستيقاظ لأدائها، خاصةً مع غلبة النوم أو الإرهاق، مما يطرح سؤالًا متكررًا: ما حكم من ينام عن صلاة الفجر؟ وماذا يمكن أن يفعل المسلم حتى لا تفوته هذه الصلاة؟
الله أمر بالمحافظة على الصلاة في وقتها
في رده على هذا التساؤل، أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الله تعالى أمر عباده بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، كما في قوله سبحانه:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103].
وأوضح أن المسلم إذا استيقظ وسمع أذان الفجر وجب عليه النهوض فورًا للصلاة، وإن تعمّد تأخيرها حتى يخرج وقتها فهو آثم، وعليه التوبة والاستغفار، والعزم الجاد على عدم التكرار.
هل يأثم النائم عن صلاة الفجر؟
أوضحت دار الإفتاء أنه لا إثم على من غلبه النوم غير المتعمّد، واستدلت بقول النبي ﷺ:«مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» – رواه مسلم.
وشددت على أن المسلم في هذه الحالة يصلي فور استيقاظه دون تأخير، إذ إن النوم غير المتعمد عذر مقبول شرعًا، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه نام ذات مرة عن صلاة الفجر في سفر حتى طلعت الشمس، فلم يعنّف أصحابه، بل صلّى بهم حين استيقظوا.
كما أوردت الدار حديث الصحابي صفوان بن المعطل، وفيه:"فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ، لا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ"، فقال النبي ﷺ:«فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ» – رواه أبو داود.
من أعظم الأجور لمن يصلي الفجر في جماعةبيّن الشيخ عويضة عثمان أن الله تعالى أجزل الثواب لمن حافظ على صلاة الفجر والعشاء في جماعة، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ:
«مَنْ صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، ومَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» – رواه مسلم.
وفي حديث آخر عظيم، قال ﷺ:«من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء...» – رواه مسلم.
كيف أستيقظ لصلاة الفجر؟
أشارت دار الإفتاء إلى أن من أهم الوسائل العملية للاستيقاظ لصلاة الفجر:
النوم المبكر: النوم في وقت مناسب يساعد على الاستيقاظ بنشاط لأداء الصلاة.
صدق النية: أن يُبيت الإنسان نيته وعزمه على أداء الصلاة، فإن النية الصادقة تعين، بإذن الله، حتى دون منبه.
ضبط المنبه: وتكرار التنبيه أكثر من مرة، ووضع الهاتف بعيدًا عن متناول اليد ليُجبر النفس على القيام.
طلب العون من الله: بالدعاء قبل النوم، مثل أن يقول: "اللهم أيقظني لصلاة الفجر وأعني على طاعتك".
وأضافت أن كثيرًا من الناس جربوا أن صدق النية وحده يجعلهم يستيقظون قبل الأذان بدقائق، دون أن يوقظهم أحد، مؤكدة أن هذا من عون الله لمن أخلص النية.
آيات تُقرأ قبل النوم للاستيقاظ للفجر
ذكرت دار الإفتاء أنه من المجربات النافعة أن يقرأ المسلم قبل نومه خواتيم سورة الكهف، وهي:
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا • خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا • قُلْ لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا • قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 107–110].
ويُستحب بعد قراءتها أن يدعو الإنسان قائلًا:
"اللهم أرسل لي من يوقظني لصلاة الفجر"، موقنًا بالإجابة، متوكلًا على الله، فإن الله لا يُخيّب من دعاه بإخلاص.