غزة المسجونة فى كيس «طحين»

قوافل إنسانية شعبية على المذبح الصهيونى الأمريكى
غزة كلها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها جائعة فيما تواصل الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة الاحتلال الصهيونية إعدام الفلسطينيين على الهواء فى أكبر إبادة جماعية فى التاريخ وأطول المحارق التى ارتكبها الكيان على مدار 77 عاماً منذ نكبة 1948 وتدفع الفلسطينيين للموت فى مراكز ما يسمى الشركة الإسرائيلية الأمريكية «مؤسسة غزة الإنسانية» لتوزيع الموت وليس المساعدات واختارت حكومة الاحتلال محافظة رفح الفلسطينية جنوب القطاع الحدودية مع مصر لتحشر فيها أكثر من 2 مليون وأكثر من 300 ألف فلسطينى للحصول على «الفتات» فى خطة شيطانية ممنهجة لدفعهم إلى التهجير وحصارهم بالأحزمة النارية وفشلت أول بروفة لإقتلاع أصحاب الأرض فى نهاية مايو الماضى.
يضرب يومياً الرئيس الأمريكى دونالد ترامب السلام فى المنطقة ويهدد استقرار الشرق الأوسط بدعمه اللامحدود لحكومة اليمينى الصهيونى المتطرف بنيامين نتنياهو.
تتوالى القوافل الشعبية الدولية فى محاولات يائسة لكسر الحصار عن غزة بعد إغلاق الاحتلال لجميع المعابر التجارية للقطاع وتدميره لمعبر رفح الفلسطينى البرى الحدودى وهو منفذ برى فى الأصل لعبور الأفراد ومنذ بداية حرب الإبادة لم تغلق مصر المعبر، وقدمت لأشقائنا فى غزة آلاف الشاحنات فيما تتمركز آلاف أخرى تمنع إسرائيل دخولها.
اختطفت تل أبيب سفينة المساعدات الإنسانية مادلين واعتقلت 12 ناشطاً دولياً رحلت بعضهم فيما تحتجز البعض الآخر.
من المتوقع أن تصل غداً قافلة الصمود البرية والتى انطلقت من تونس والجزائر مروراً بليبيا... من المتوقع أن تسمح مصر بمرورها لمعبر رفح تعبيراً عن الدعم فيما يقبض الاحتلال بيده الحديدية على منافذ القطاع.
هذا الملف يتعرض لآخر الأحداث التى تشهدها غزة قبيل وصول قافلة الصمود البرية وهى محاولات شعبية لدعم الشعب الفلسطينى صاحب الأرض.
سيناريو البوسنة والهرسك... هندسة الجوع الصهيونية الأمريكية آخر الأسلحة لإبادة الفلسطينيين
لا تترك الإدارة الأمريكية فرصة الا وتكشف فيها عن وجهها القبيح. ولطالما تشدقت باسم الحريات وحقوق الإنسان وأبسطها الحق فى الحياة. ولكن ضربت أمريكا بالفيتو السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط برفضها قانوناً فى مجلس الأمن يطالب بوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.
ليس هذا فحسب ولكن زودت واشنطن تل أبيب بأطنان الذخائر والأسلحة المحرمة دولياً للقضاء على ما تبقى من الفلسطينيين. فيما توعد وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتيرش بمنع دخول أى مساعدات إنسانية للقطاع.
تنتهج واشنطن وتل أبيب هندسة الجوع كسلاح حرب ضد المدنيين العزل المجوعين.
ولم تتوقف سلطات الاحتلال بدعم أمريكى عن استخدام شتى أدوات القتل والتدمير فى قطاع غزة، على امتداد شهور حرب الإبادة التى لا تزال متواصلة. فمن القصف المكثف بأكثر أنواع الصواريخ والقذائف فتكًا، إلى تجنيد أنظمة الذكاء الاصطناعى فى إنتاج بنك أهداف واسع، وصولًا إلى سلاح التجويع الذى طال بشكل مباشر أكثر من مليونَى إنسان فى القطاع.
إن التجويع أحد أخطر أسلحة الاحتلال ضمن ترسانة الحرب المفتوحة، إذ لم يكن استخدامه طارئًا أو وليد اللحظة، بل شكَّل ركيزةً ثابتةً فى سياسات العقاب الجماعى المفروضة على القطاع المحاصر منذ أكثر من عقدين. وقد استخدمه الاحتلال مرارًا كورقة ضغط سياسى وإنسانى تهدف إلى تقويض مقومات الصمود.
ومع انهيار اتفاق التهدئة فى مارس الماضى واستئناف الاحتلال عدوانه واسع النطاق، عاد الحصار والتجويع إلى الواجهة كسلاح أساسى لتكثيف الضغط الجماعى، ومحاولة كسر إرادة السكان، ودفعهم إلى الانفكاك عن خيار المقاومة ومشروعهم الوطنى. ولكن ما لم تتوقعه منظومة الاحتلال كان المناعة الوطنية للمجتمع الغزى التى أفضت إلى فشل ذريع لخطة التجويع وإعادة هندسة المجتمع الفلسطينى، فقد واجهها موقف جمعى صلب، تكامَل فيه الوعى الشعبى، والثبات المؤسسى الفلسطينى، والمبدئية النسبية لبعض المؤسسات الدولية، ليُحبَط رهان الاحتلال على «الهندسة القسرية» بوساطة الغذاء والمساعدات.
ولا يعد استخدام التجويع كسلاح حرب سلوكًا جديدًا فى تاريخ النزاعات، بل ارتبط دائمًا بالأنظمة الاستبدادية والحروب الدموية التى استهدفت المدنيين استهدافًا مباشرًا. ففى الحرب العالمية الثانية فرضت القوات النازية لسنوات حصارًا خانقًا على لينينجراد (سانت بطرسبرج حاليًّا) قتل أكثر من مليون مدنى جوعًا.
وفى حرب البوسنة، استخدم القادة الصرب حصار سراييفو لتركيع السكان، وانتهى الأمر بإدانتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة بعد ثبوت استخدامهم التجويع كسلاح ممنهج.
ولطالما استخدمت القوى الاستعمارية هذا السلاح لإخضاع الشعوب المقاومة، واستمر ظهوره فى العقود الأخيرة بصور أكثر تنظيمًا، خاصةً لدى أنظمة قمعية طبَّقته ضد المدن الثائرة أو الخصوم السياسيين لإجبارهم على الاستسلام دون الحاجة إلى إعلان نوايا الإبادة.
وأكد موقع Middle East Eye البريطانى، أن حرب الإبادة الجماعية المستمرة فى غزة ليست «استثناء» بل هى تعبير عن منطق النظام الإسرائيلى وأن أى شخص يعارض الإبادة الجماعية حقًا يجب عليه أيضًا معارضة هياكل السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين فى كل مكان.
وقال الموقع إن أى شخص يدّعى معارضة الإبادة الجماعية الحاصلة فى غزة، عليه أيضًا أن يعارض البُنى التى تُكرّس السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين فى كل مكان.
وأبرز أنه رغم أن العدوان الإسرائيلى على غزة منذ أكثر من 600 يوم يُوصف اليوم على نطاق واسع بأنه «حرب إبادة جماعية»، إلا أن التركيز المفرط على القطاع يغفل الصورة الأوسع: ما يجرى فى غزة ليس معزولًا، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تستهدف كل تجمع فلسطينى، من الضفة الغربية والقدس المحتلة إلى الداخل المحتل عام 1948.
وشدد على أن مناهضة الإبادة الجماعية لا تكتمل ما لم تُقرَن برفض التهجير الممنهج، والتطهير العرقى، والتمييز القانونى الذى تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلى على الفلسطينيين أينما كانوا.
قوافل الإغاثة الإنسانية.. ذراً للرماد فى العيون والصمود فى انتظار الموافقة للعبور
قبل أيام اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلى نشطاء سفينة المساعدات مادلين واعتقلت 12 ناشطاً دولياً... تزامن ذلك مع تجهيز إحدى قوافل الصمود البرية والتى انطلقت من تونس والجزائر مروراً بليبيا.
وأكد متحدثون باسم المسيرة الدولية لغزة عدم تلقيهم ردًا حتى الآن من القاهرة بشأن السماح بالمرور إلى معبر رفح.
وقالوا «لا يوجد تواصل فعلى مع السلطات المصرية، ونأمل أن يُسمح لنا بالعبور غدًا. لا نرغب فى كسر أى قوانين داخل مصر، ونتمنى أن تتجاوب السلطات وتسمح لنا بالمرور إلى غزة».
وأضافوا «لدينا قرابة ثلاثة آلاف أكدوا نيتهم المشاركة فى المسيرة التى ننوى تنظيمها من القاهرة باتجاه مدينة العريش».
«لا ننوى التسبب بأية مشاكل للسلطات المصرية ولن ننظم أى تجمعات فى القاهرة».
قالت ياسمين الحمرونى، المنسقة الإعلامية بقافلة الصمود المتجهة من تونس إلى قطاع غزة بريًا لكسر الحصار المفروض من الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة، إن القافلة لم تحصل على الموافقة النهائية بشأن إمكانية عبور القافلة إلى مصر قادمة من ليبيا.
وأضافت «الحمرونى» خلال تصريحات صحفية، أنه يجرى حاليًا مشاورات على أصعدة مختلفة لإمكانية الحصول على الموافقة المصرية لدخول القافلة ومرورها إلى معبر رفح البرى، خاصة أن الخارجية المصرية تشترط الحصول على تأشيرة دخول لأى مواطن أجنبى يريد الدخول إلى أراضيها.
وقالت المنسقة الإعلامية للقافلة: إن المشاورات بدأت منذ فترة مع الجهات المصرية وإن هناك اتصالات مباشرة مع الخارجية المصرية للسماح بمرور القافلة.
وقالت إنه تم تقديم بعض من جوازات سفر المشاركين إلى السفارة المصرية فى تونس لإمكانية الحصول على تأشيرات للدخول إلى مصر، وإنهم (أى المشاركين بالقافلة) فى انتظار الحصول على الموافقة المصرية لإمكانية العبور.
وأشارت إلى أن القافلة تقترب من العاصمة الليبية طرابلس، مبينة أن القافلة تسير ببطء نظرًا لما تشهده من زحام من قبل الليبييبن، ما يستدعى إطالة الوقت المحدد للوصول إلى معبر رفح البرى عبر الأراضى المصرية.
ووصلت قافلة الصمود التونسية المتجهة إلى غزة لكسر الحصار الإسرائيلى على القطاع، إلى الأراضى الليبية أمس الأول الثلاثاء عبر منفذ رأس جدير البرى.
وعبرت قافلة الصمود التضامنية مع غزة الحدود التونسية الليبية، بينما هتف المشاركون لدى عبورهم معبر رأس جدير عبارات: «مقاومة مقاومة.. على غزة رايحين شعوب بالملايين».
وتتكون القافلة من 14 حافلة و100 سيارة تقريباً، تضم ما بين 1400 إلى 1500 شخص، ويخطط المشاركون للبقاء 3 أو 4 أيام على الأكثر فى ليبيا، قبل التوجه إلى مصر.
وقال المنظمون إن القافلة لا تحمل مساعدات إلى غزة، لكنها تهدف إلى القيام بعمل رمزى فى القطاع الذى وصفته الأمم المتحدة بأكثر الأماكن جوعاً على الأرض.
كان مئات المناصرين للفلسطينيين قد خرجوا من تونس باتجاه معبر رفح على الحدود مع قطاع غزة؛ حيث أعلن منظمو «قافلة الصمود» لكسر الحصار على غزة، عن بدء المرحلة الثانية من الرحلة بعد دخولها التراب الليبى.
وكانت القافلة قد انطلقت، صباح الاثنين، من تونس العاصمة متجهة إلى غزة؛ فى محاولة لكسر الحصار الإسرائيلى عنها وتقديم التضامن للفلسطينيين.
ويشارك فى هذه القافلة نحو 1700 ناشط، على أن ينضم إليها آخرون فى طريق القافلة إلى الحدود الليبية، إلى جانب منظمات وداعمين ليبيين.
وبحسب مسار رحلة الناشطين البرية، فإن نقطة البداية كانت من تونس العاصمة باتجاه الحدود التونسية الليبية جنوباً، على أن تمتد الرحلة على طول ليبيا وصولاً إلى حدودها مع مصر، ومن ثم إلى معبر رفح البرى.
