رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

يوم انكسرت قلوب الصحابة.. كيف ودّعوا الحبيب رسول الله؟

بوابة الوفد الإلكترونية

تُوفي رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة، وذلك يوم الاثنين الموافق للثاني عشر من شهر ربيع الأول، في السنة الحادية عشرة للهجرة. 

وقد شكّلت وفاته -صلّى الله عليه وسلّم- مصيبة عظيمة، بل هي أعظم مصيبة مرّت على المسلمين، كما جاء في حديثه الشريف:"إذا أُصيبَ أحدكم بمصيبةٍ فليذكُرْ مصيبَتَهُ بي فإنَّها أعظمُ المصائبِ"رُوي عن النبي عليه الصلاة والسلام، دلالةً على حجم الفقد وألمه.

عندما شاع خبر وفاة النبي الكريم في المدينة المنورة، تلقّاه الصحابة -رضوان الله عليهم- بذهولٍ تام، إذ نزل الخبر عليهم كالصاعقة، فكانت الفجيعة الكبرى التي لم يُصَب بها المسلمون قبلها أو بعدها بمثلها. 

فقد اضطربت عقول أصحاب العقول، وتاهت الأفئدة، وعجز كثير منهم عن استيعاب الأمر، حتى أن بعضهم جثا أرضًا غير قادر على الحركة، وأنكر البعض وقوع الوفاة من شدة الصدمة.

فيما يلي عرضٌ لأبرز مواقف الصحابة عند وفاة النبي :

 

موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه

كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أوائل من أنكَروا خبر وفاة الرسول، إذ لم يستطع تصديق ما سمعه، رغم أنه رأى النبي ميتًا بعينيه. فقد غلبت عليه مشاعره الجياشة تجاه رسول الله، ولم يتمكن من تصديق الحقيقة القاسية، فتوهّم أن النبي قد أغشي عليه، كما حدث مع موسى -عليه السلام- حينما ذهب لميقات ربه وغاب عن قومه.

وتُروى عن عمر مواقف مؤثرة في هذا الشأن؛ فقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها:"قام عمر يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقال: "والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم".

كما ورد في رواية أخرى أن عمر كان يخاطب الناس يوم وفاة النبي قائلًا:"لا أسمعن أحدًا يقول إن محمدًا قد مات، إن محمدًا لم يمت، ولكن أُرسل إليه كما أُرسل إلى موسى، فلبث عن قومه أربعين ليلة".

لقد كانت كلمات عمر -رضي الله عنه- انعكاسًا لعاطفة عميقة، وارتباطٍ وجداني لا يُوصف برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أن عقله رفض تقبل الحقيقة لحظتها.

 

موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه

أما أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، فقد كان في مسكنه بمنطقة "السُنح" حين بلغه الخبر، فأسرع إلى المدينة. وبينما كان عمر يخاطب الناس وينكر وفاة الرسول، اتجه أبو بكر مباشرة إلى بيت ابنته عائشة -رضي الله عنها- حيث كان النبي مسجىً.

دخل أبو بكر، واقترب من جسد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكشف عن وجهه الطاهر، ثم انحنى عليه يقبّله وهو يقول:"بأبي أنت وأمي، طبت حيًا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يُذيقك الله الموتتين أبدًا".

ثم خرج إلى الناس، وثبّته الله في ذلك الموقف الجلل بثباتٍ نادر، فكان بموقفه بلسمًا للقلوب، ومرشدًا للعقول. فلما سمع الناس خطابه، هدأ الهرج، وجلس عمر من هول المفاجأة.

تحدث أبو بكر بثقة وطمأنينة، وقال مخاطبًا الناس:"أيها الحالف، على رِسلك"، ثم تلا قول الله تعالى:
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر: 30]
وقوله عز وجل:
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].

وكان لكلامه الأثر البالغ في تهدئة النفوس، وتثبيت الإيمان في القلوب، فاستيقظ الصحابة إلى الحقيقة الأليمة، وبدأت الأمة تتقبل فَقْد نبيها الكريم.