حكم من مات غنيًا ولم يحج

أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه يستحب للقادر على الحجّ ماليًّا وبدنيًّا المبادرةُ والتعجيلُ بأداء الفريضة، ويجوز له تأخيرُه إن غلب على ظنِّه السَّلامةُ والاستطاعةُ بعد ذلك، فإن غلب على ظنه الموت بظهور المرض أو الهرم فيجب عليه أداء الفريضة على الفور.
وقالت دار الإفتاء أن من كان مستطيعًا أداء الفريضة فماتَ قبل أدائها: فلا يخلو من أن يكونَ قد مات عن وصيَّةٍ وله ترِكَةٌ؛ فيُحَجُّ عنه وجوبًا من ثُلُث ماله على ما ذهب إليه الحنفيَّة والمالكيَّة، ومن جميعِ ماله على ما ذهب إليه الشافعيَّةُ والحنابلةُ.
وأضافت دار الإفتاء أن أو يكون قد مات من غير وصيَّةٍ وكان له ترِكَةٌ؛ فلا يلْزَمُ ورثَتَه الحجُّ عنه، بل يستحبُّ؛ خروجًا من الخلاف، ومثله من مات ولم يكن له تركَةٌ ولم يوصِ.
مفهوم الحج وحكمه ودليله
وبينت دار الإفتاء إلى أن الحج لغةً: القصدُ، وقال جماعةٌ من أهلِ اللغة هو: القصدُ لِمُعظَّم.
وأشارت دار الإفتاء أن وأما في الشرع: فقد عرَّفه الشريف الجرجاني في "التعريفات" (ص: 82، ط. دار الكتب العلمية) بأنه: [قصْدٌ لبيتِ الله تعالى بصفةٍ مخصوصةٍ، في وقتٍ مخصوصٍ، بشرائطَ مخصوصةٍ].
وبينت دار الإفتاء أن الحجُّ فرضٌ على كل مكلَّف مستطيع في العمر مرَّةً، وهو ركنٌ من أركانِ الإسلام، واختلفت الرواياتُ في السَّنَة التي فُرِض فيها، ورجَّح أصحابُ السير أنه فُرِض في السَّنَة السادسةِ من الهجرة.
وأردفت دار الإفتاء أن وقد ثبتت فرضيتُه بالكتاب والسُّنَّة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97].
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "أي: ومن كفر باعتقاده أنه غير واجب".
ومن السُّنَّة: ما رواه الشيخان -واللفظ للبخاري- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» وكذلك ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ».
وبينت دار الإفتاء أن وأما الإجماع: فقد حكاه العلامة شمسُ الدين الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 234، ط. دار الفكر)؛ حيث قال: [وهو مُجمَعٌ عليه، يكفر جاحده إن لم يَخْفَ عليه].
وقال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (3/ 213، ط. مكتبة القاهرة): [وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرَّةً واحدةً].