رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

نبض الكلمات


في الوقتِ الذي يفترضُ أنْ يشكلَ إقرار قانوني مجلسي الشيوخ والنواب خطوة نحو استكمال المؤسسات التشريعية في مصرَ، فجَّرتِ التعديلاتُ الأخيرةُ موجةً من الجدلِ السياسيِّ والحقوقيِّ حولَ طبيعة المشهد الحزبي والانتخابي، ومخاوفَ متزايدةً من تحوُّلِ الحياة السياسية إلى ساحة مغلقة لأباطرة المالِ والنفوذِ. رغمَ أنَّ التعديلاتِ تهدفُ إلى تحقيقِ توازنٍ في التمثيلِ النيابيِّ ومراعاةِ الزيادة السكانية، إلا أنَّ بعض المراقبينَ قد يرون أنَّ هناكَ حاجةً لمزيدٍ من التفاصيلِ حولَ معايير تقسيم الدوائر وكيفية ضمان تمثيلٍ فعليٍّ لجميعِ الفئاتِ، خاصةً في ظلِّ التغيراتِ المستمرةِ.
أبقى التعديلُ على نظامِ "القائمة المغلقة المطلقة"، حيثُ تفوزُ القائمة كاملةً إذا حصلتْ على الأغلبيةِ، دونَ تمثيلٍ نسبيٍّ لباقي القوائمِ. هذا النظامُ يُعتبرُ إقصائيًّا، إذ يحدُّ من فرص الأحزاب الصغيرة والمستقلينَ في التمثيلِ، ويعززُ سيطرة الأحزاب الكبرى المدعومة من الدولةِ. ورغمَ جلساتِ "الحوار الوطنيِّ" الذي دعا إليهِ الرئيسُ السيسيُّ، والذي ناقشَ مقترحاتٍ لتعديلِ النظامِ الانتخابيِّ، إلا أنَّ التعديلاتِ تمتْ دونَ الأخذِ بتوصياتِهِ.
ما بعدَ إقرار قانوني مجلسي الشيوخ والنواب ليسَ مجرد مرحلة تشريعية جديدة، بل تحديدٌ لمصير الحكمِ في مصرَ. فإما أنْ تُستعادَ نزاهة العملية السياسية من قبضة المالِ، أو نُسلِّمَ البلادَ إلى نخبةٍ ثريةٍ تُديرها كإقطاعيةٍ بأدواتٍ دستوريةٍ. القانونانِ اللذانِ تمَّ تمريرُهما عبر اللجنة التشريعية بمجلس النوابِ، رسَّخا أنماطًا انتخابيةً تُسهّلُ على رؤوس الأموالِ السيطرة على المشهدِ. فبينما أبقيا على نظامِ "القوائم المغلقة المطلقة"، قلّصا فرص المنافسة الفردية العادلة، وفتحا الطريقَ أمامَ تحالفاتٍ حزبيةٍ يهيمنُ عليها رجالُ أعمالٍ يمتلكونَ القوةَ الماليةَ اللازمةَ لحسمِ نتائجِ أيِّ اقتراعٍ قبلَ أنْ يبدأَ.
النظامُ القائمُ فعليًّا لا يفرزُ مرشحينَ بناءً على الكفاءةِ أو الشعبيةِ، بل على القدرةِ على الإنفاقِ والارتباطِ بشبكاتِ نفوذٍ، وهو ما يُفرغُ العمليةَ الانتخابيةَ من مضمونِها الديمقراطيِّ الحقيقيِّ. ورغمَ عقدِ "الحوار الوطنيِّ" الذي دعا إليهِ الرئيسُ السيسيُّ، والذي ناقشَ مقترحاتٍ لتعديلِ النظامِ الانتخابيِّ، إلا أنَّ التعديلاتِ تمتْ دونَ الأخذِ بتوصياتِهِ. الحقيقةُ حتى الآنَ، ما هو دورُ هذا الحوارِ وقادتِهِ الذينَ أمضوا شهورًا في حواراتٍ تبدو أنها "مكملةٌ"؟ وللأسفِ، تغلغلُ المالِ السياسيِّ في مؤسساتِ الدولةِ، وخاصةً البرلمانَ، يهددُ جوهرَ الديمقراطيةِ ويحولُ العمليةَ السياسيةَ إلى مزادٍ علنيٍّ، لا يربحُ فيهِ الشعبُ، بل نخبةٌ ماليةٌ تتحصنُ خلفَ قوانينَ صنعتْها بنفسِها. إنَّ مقاومةَ هذا التغلغلِ ليستْ خيارًا سياسيًّا فحسبُ، بل ضرورةٌ وطنيةٌ لإنقاذِ مستقبلِ الدولةِ ومصداقيةِ مؤسساتِها. للأسفِ، أصبحَ الوصولُ إلى المناصبِ السياسيةِ مرهونًا بالقدرةِ على الإنفاقِ، ما يجعلُ الديمقراطيةَ "نخبويةً"، تخدمُ الأغنياءَ فقط، وتُقصي باقي فئاتِ المجتمعِ.
رئيسُ لجنةِ المرأةِ بالقليوبيةِ وسكرتيرُ عامِّ اتحادِ المرأةِ الوفديةِ
[email protected]