دوحة المقاصد
زكاة الفطر: صدقةٌ مُقدَّرة تجب بالفطر فى رمضان على كلِّ مسلمٍ ومسلمة قبل صلاةِ عِيدِ الفِطر فى مصارِفَ مُعيَّنة، وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنه سببُ وُجُوبها، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنه قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِى صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ∪ رواه أبوداود.
وقد اختلف العلماء فى إخراجها قُوتاً أو مالاً، فقال مالك والشافعى وأحمد: إنه لا يجوز إخراج القيمة بدل الطعام، وقال أبوحنيفة وبعض السلف منهم عمر بن عبدالعزيز والثورى: إنه يجوز إخراجُها نقوداً، وهناك رأى نقول به: وهو النظر إلى مصلحةِ الفقير، فإن كانت مصلحتُه أن يُعطى الزكاة مالاً فلتُعطَ مالاً، وإن كانت مصلحتُه أن يُعطى طعاماً فلتُعطَ طعاماً، وهذا ما تُرجِّحُهُ مقاصدُ الشريعةِ التى تُعظم من المصلحةِ وتدورُ فى فلكِها.
وزكاةُ الفطر لها العديد من المقاصد نذكر بعضَها إجمالاً:
1− مقصد التعبد: هذه الزكاة عبادة، يُتقرب بها إلى الله عز وجل فى إكرام خلقه من الفقراء والمساكين وأرباب الحاجات.
2− مقصد التزكية: فزكاة الفطر من مقاصدِها تزكيةُ النفس بالكمالات من خلال تطهيرها من الشُّحِّ والبُخْلِ.
3− مقصد الطهارة: فزكاة الفطر طُهرة للصائم مما علق بصيامِهِ من أدران، يقول صلى الله عليه وسلم: ∩زَكَاةُ الْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ∪.
4− مقصد جبر النقصان: فزكاة الفطر تجبر نقصانَ الصوم، فعَنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ رحمه الله تعالى قَالَ: ∩زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِى السَّهْوِ لِلصَّلاةِ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ∪، وهى أيضاً تكميلٌ للأجر، وتنميةٌ للعمل الصالح كما قال أهل العلم..
5− مقصدُ الإغناء: زكاة الفطر هدفُها إغناء الفقير عن السؤال يوم العيد، فعن عبدالله بن عمر −رضى الله عنه− قال: قال رسول الله −صلى الله عليه وسلم−: ∩أغنوهم عَن طوافِ هذا اليومِ∪ رواه البيهقى.
6− المواساة: فهذه الزكاة مواساة للفقراء لكونها ∩طُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ∪ كما أخبرنا الرسول الكريم، ففيها يُواسى المسلمُ القادرُ الذى شعر خلال شهر رمضان بالجوع اختياراً أخاه المسلمَ المحتاجَ الذى يشعر بالجوع طوال العام إجباراً.
7− مقصد البذل والعطاء: فالمسلمُ يتعلم بعد أن تَلَبَّسَ بفقهِ الصيام الذى ذاق فيه معنى المنع والحرمان أن يُعطى، سواء أكان فقيراً أو غنياً، وعطاءُ الغنيِّ معروفٌ، وعطاءُ الفقيرِ لأنَّ هناك من هو أفقر منه.
8− مقصد التراحم والتكافل: هذه الزكاة نوع من التراحم والتكافل بين المسلمين، فهى واجبة على جُموع المسلمين يتراحمون بها فيما بينهم، وينفثون بها المحبة فى نفوسهم، فتزول بها الضغائنُ بين الطبقات، وينصهر الجميع فى بوتقة الأخوة الإسلامية؛ حتى يصبحوا كالبنيان المرصوص.
9− شكر المُنعم: من مقاصد زكاة الفطر شكر الله عز وجل أن أنعم عليهم بشهود شهر رمضان وأكرمهم فيه بالصيام والقيام، وهى كالهدى للحجيج شكراً لنعمةِ التوفيق لحج بيته الحرام، كذلك زكاة الفطر شكرٌ للتوفيقِ لصومِ رمضان.
وبلا شكَّ أن تحقيق هذه المقاصد يعود على الأمن الاجتماعى بالسلام والسكينة؛ مما يعزز اللحمة الوطنية والتماسك المجتمعى.