رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

رسالة حب

كان جماعة من البدو الرحل مسافرين ذات مرة فى أحد الوديان، وعندما شعروا بالتعب من السفر قرروا نصب خيمتهم فى مكان على ضفة الوادى بالقرب من الجبل.. وبينما هم يتناولون طعامهم شعروا ببعض الرمال والحجارة الصغيرة تتساقط من الجبل، فانتابهم الخوف ظنًا منهم أن زلزالًا أو بركانًا سيقع، فنهض الجميع مسرعين وقاموا بمراقبة الجبل.. وبعد قليل خرج من أحد جحور الجبل فأرًا.. ضحك الجميع وعندئذ قال شيخهم: «تمخض الجبل فولد فأرًا»، وأصبحت مقولته انطلاقًا للمثل الشهير الذى تناقلته الأجيال فيما بعد عبر الأزمنة.
تذكرت هذا المثل وأنا أتابع ما فعله ترامب منذ أيام.. فقد استجمع رئيس أكبر دولة فى العالم كل قواه وشحذ كل أسلحته وخرج عبر منصته «تروث سوشال» ليعلن للعالم أجمع توقيف الشاب الفلسطينى محمود خليل.. كتب ترامب بالنص على منصته: «بعد توقيعى للأوامر التنفيذية السابقة، تمكنت إدارة الهجرة والجمارك من القبض على محمود خليل، الطالب الأجنبى الراديكالى فى حرم جامعة كولومبيا».
فى البداية تخيلت أن محمود خليل هذا قيادى بارز فى تنظيم عالمى جديد يستهدف أمن الولايات المتحدة أو إسرائيل على أساس أن أمريكا هى الراعى الرسمى لهذه الدولة الصهيونية.. وذهبت بتصوراتى إلى أبعد من هذا وقلت ربما يكون محمود خليل هو اسم لزعيم جديد سيكون امتدادًا لزعماء العرب الذين قادوا ثورات التحرر ضد الاستعمار أمثال سعد زغلول وعمر مكرم ومصطفى كامل وعمر المختار وعبدالقادر الجزائرى أو ربما يكون نموذج جيفارا جديدًا يدعو إلى ثورة لإنصاف الشعوب الفقيرة من سطوة الدول الكبرى التى تنهب ثرواتها كما تفعل أمريكا وفرنسا مثلا مع بعض دول أفريقيا.. لكن بعد البحث اكتشفت أن محمود خليل هو مجرد طالب فلسطينى يدرس فى جامعة كولومبيا وحاصل على الإقامة الدائمة فى الولايات المتحدة لزواجه من أمريكية.. استخدم حقه الدستورى فى التظاهر السلمى للتعبير عن رأيه ضد مجازر الاحتلال الإسرائيلى فى غزة.. هنا تذكرت المثل العربى الشهير «تمخض الجبل فولد فأرًا».. وتأكدت أن الولايات المتحدة فى طريقها إلى السقوط.
نزل رئيس أكبر دولة فى العالم إلى مستوى طالب أو عدة طلاب تظاهروا ضد إسرائيل حتى أصبحنا أمام فيل يصارع نملة أو سربًا من النمل.. وظهر ترامب وكأنه فى حالة حرب وقال «سنقوم بالبحث عن هؤلاء المتعاطفين مع الإرهاب، وسنعمل على ترحيلهم من بلادنا».
هكذا سقط ترامب.. وهكذا تصرف رئيس أكبر دولة فى العالم مع طالب أو عدد من الطلاب داخل إحدى الجامعات عبروا عن رأيهم سلميًا طبقًا للقانون والدستور.. وهنا يمكن القول إننا أمام رئيس أحمق وأرعن وجاهل لا يعرف شيئًا عن السياسة وأصول الحكم ولا يدرك ما يفعله، وهو وضع كارثى ليس على أمريكا وحدها.. بل على العالم أجمع.