صحتك فى أمان–173 –
لن يستطيع أحدٌ أن يدركَ معنى هذا المقال أكثر من العاملين فى مجال الموجات الصوتية على القلب، لأن المريض ما إن يجلس إلى فحص القلب إلا ويتراءى لنا أنّ الأمراض تختلف حتى فى الصورة التى نراها بالموجات الصوتية. وللعلم فليس ما نرى هى صوراً بل نحن نرى ارتداد موجات الصوت التى تصطدم بالأنسجة ثم بعد ذلك تتجمع فى صور يلتقطها جهاز أشعة فيكون صورة لظل الأشياء، وهذا ما نفعله كل يوم وإن وددنا لو كنا نحن المصنّعين لهذه الأجهزة أو مبتكرين لمثلها ولكن ولشىء ما سنظل حبيسين لعلوم غيرنا ومستوردين ما ينتجه الشرق والغرب من تقنيات.
الهام فى الأمر أنّ أمراض مريض روماتيزم القلب تسير به فى طريق آخر يبتعد به عن أمراض الشرايين التاجية وكم من مريض روماتيزم القلب يعانى من مرض بصمام أو غيره نعلم جيدًا أنه لا يعانى من شرايين بالقلب ضيقة حتى وإن كانت عضلة القلب قد تأثرت ولكننا نعرف أن مشاكله ليست من الشرايين وهذه معلومة هامة جدًا فى الطب كله، ولكننا لا نملك ما يثبتها لأننا ليس عندنا الأبحاث الجادة التى تخدم حياتنا، وهذه المعلومة أيضًا لو تحققنا منها لكفت المريض كثيرًا من الفحوصات ولوفرت على الدولة كثيرًا من العناء والجهد، ولو اكتشفنا الرابط الطبى الذى يربط الأمراض ببعضها فيؤججها أو يمنعها لاستحققنا جائزة نوبل فى الطب فلسنا بعيدين عنها ونحن أهل لها ولغيرها من الجوائز فالعرب أهل الطب وخاصته.
فإذا قلنا إن التهاب اللوزتين ميزة فى بلادنا فلسنا نبالغ، ولكنها حقيقة واقعة أن الحمى الروماتيزمية تدفع عنك أمراض الشرايين التاجية بل أكثر من ذلك أن الخوف من تكلس الشرايين الذى يؤدى إلى مشاكل كثيرة يختلف فى تكلسات الصمامات فى الحمى الروماتيزمية عن تكلس الشرايين فى أمراض الشرايين التاجية، مع أن التكلس أو ترسب الكالسيوم فى الأنسجة واحد ولكنه لشىء ما لا نعرفه إذا حدث من الروماتيزم يكون فى الأغلب فى الصمامات وليس الشرايين التاجية.
بطبيعة الحال البحث العلمى عندنا فى مصر لا يقام له وزن ولا يسمن ولا يغنى وقد بحّت أصواتنا فى التنبيه إلى أهمية البحث العلمى والاستثمار فيه دون جدوى وسنظل ننبه إلى أن البحث العلمى جزء من الدين وهى أمانة، أما ما يخص اللوزتين تحديدًا فالسؤال الأهم لماذا خلق الله اللوزتين؟ وهى أشهر الالتهابات فى الأمراض ولا يخلو بيت من التهاب اللوزتين عند الأطفال والكبار فلا تستعجل باستئصالهما دون حق وفى كل مكان فى أرض المعمورة لا بد أن يتم سؤالك عن اللوزتين «أشيلهم إمتى يا دكتور؟» والتهاب اللوزتين جائز فى الأطفال وفى أى سن جائز أيضًا وهى غدة بذاتها أو عضوٌ وهى ما شئت من المسميات وهى «العذرة» التى جاءت فى كتب السيرة أن الأمهات يضعن أصابعهن فى حلوق الأطفال المصابين «باللوز» محاولة منهن بالضغط على اللوزتين ليجد الطفل متنفسًا إلى الهواء.
ويقول العارفون باللوزتين إنهما لحبتين أمام الناس مكورتين تحمى الرئتين وهى سلاحٌ ذو حدين حاد الشفرتين فاتركهما نائمتين على المخدعين وأطبق الشفتين.
استشارى القلب - معهد القلب
[email protected]