• لِمَ أُوثِرَ التَّعبيرُ بـ ﴿بِنِعْمَةٍ﴾ دونَ (مِنَّةٍ) أو (إحْسانٍ)؟
آثَرَ النَّظْمُ الحَكِيمُ التَّعبيرَ بـ﴿ِنِعْمَةٍ ﴾دُونَ (مِنَّةٍ) أو (إحْسانٍ)؛ لأَوْجُه:
• الأول: أنَّ النِّعْمَةَ الحالَةُ الحَسَنَةُ، واللُّيونَةُ وطِيبُ العَيْشِ، والإنْعَامُ: إيصالُ الإحسانِ إلى الغَيْرِ.
• الثاني: أنَّ أَصْلَ المِنَّة من (المَنّ) بمَعْنَى: القَطْع، ومَنَّ عليه: أَحْسَنَ وأَنْعَمَ، وامْتَنَّ: عَدَّ النِّعْمَةَ؛ ومِنْهُ قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون ﭰ﴾ (التين)، أيْ: غَيْرُ مَقْطوعٍ أو غَيْرُ مَحْسوب.
• الثالث: أنَّ الإنْعامَ لا يكون إلّا مِن المُنْعِمِ على غَيْرِه؛ أمّا الإحسانُ فيُمْكِن أنْ يكونَ مِن الغَيْرِ أو مِن الإنسانِ إلى نَفْسِه؛ فمَثَلًا يُقال لِمَنْ يَتَعَلَّم العِلْمَ: يُحْسِن إلى نَفْسِه، ولا يُقال: يُنْعِم على نَفْسِه.
• وعلى هذا فإنّه لَمّا كان نَعِيمُ الجَنَّةِ لا انْقِطَاعَ له، وهو عَطاءٌ مِن الله بغَيْرِ حِسَابٍ؛ كَمَا قال عز وجل: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر)؛ فقد ناسَبَ معه التَّعبيرُ بـ ﴿نِعْمَةٍ﴾ دُونَ غَيْرِها.
• لِمَ أُوثِرَ التَّعبيرُ بالأُلُوهِيَّة فى قَوْلِه: ﴿بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ﴾؟
آثَرَ النَّظْمُ الحكيمُ التَّعبيرَ بالأُلُوهِيَّة فى قَوْلِه: ﴿بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ﴾؛ لأوجه:
• الأول: أنَّه لَمّا كان المُرادُ بـ ﴿بِنِعْمَةٍ﴾ ثوابًا، فقد ناسَبَ التَّعبيرُ معها بالأُلوهِيَّة التى من مُقتَضَياتِها مُحاسَبَةُ العِبَادِ وتَوْفِيَةُ أُجُورِهم.
• الثاني: أنَّ التَّعبيرَ بالأُلوهِيَّة يَقْتَضِى مَعانِى التَّعْظِيمِ والمَهَابَةِ والجَلالِ؛ وهو ما يَتَناسَب مع مَقامِ تَعْظِيمِ ثَوابِ المُجاهِدِينَ.
• الثالث: أنَّ التَّعبيرَ بالأُلوهِيَّة فيه تَأْكِيدُ ضَرُورَةِ إخْلاصِ العَمَلِ لله، حَتَّى يَسْتَحِقَّ العَبْدُ عليه الثَّوابَ عند الله.
وسبحان من هذا كلامه