نصائح ذهبية لخلق توافق في المعاملة بين الأم والزوجة (شاهد)

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن التوفيق بين الأم والزوجة من القضايا التي تشغل الكثير من الرجال، مشيرًا إلى أن الإسلام وضع قواعد واضحة لحل هذه الإشكالية بما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات.
الحياة اليومية
وأوضح المفتي خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة صدى البلد، أن هذه المسألة كثيرًا ما تتكرر في الحياة اليومية، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم لها الحل عندما قال: "إن لربك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، وإن لنفسك عليك حقًا، وإن لبدنك عليك حقًا، فأعطِ كل ذي حق حقه"، وهو ما يؤكد ضرورة توزيع الاهتمام والرعاية بعدل وحكمة.
وأضاف المفتي، أن الحل يكمن في الذكاء وحسن التصرف، بحيث لا يؤدي الحرص على رضا أحد الطرفين إلى ظلم الآخر، مشددًا على أهمية الصبر والتعامل الحسن، خصوصًا إذا كانت الأم والزوجة تعيشان في منزل واحد، ففي هذه الحالة ينبغي على الرجل أن يتحلى بالقوة في إدارة الأمور، وأن يصبر على بعض المطالب التي قد يراها صعبة، لعل الله يجعل فيها الخير، مع التأكيد على حسن التعامل مع الزوجة، لأن الإحسان يولد الإحسان في المقابل.
أما إذا كان كل طرف يعيش في منزل منفصل، فيمكن للرجل أن يصل والدته عند عودته من العمل، أو يطمئن عليها من خلال الهاتف، وفي الوقت ذاته يوضح لزوجته أن بر الوالدين مسألة ستنعكس إيجابًا على حياتهما.
طاعة الوالدين واجبة
وشدد المفتي على أن طاعة الوالدين واجبة ولا يمكن التغافل عنها، وفي الوقت نفسه المحافظة على الأسرة واستقرارها أمر لا يقل أهمية، لذا عند تعارض الواجبات يجب التوفيق بينهما بالحكمة والكلمة الطيبة، مع الحرص على التصرف بشكل لا يؤدي إلى مشكلات أو توترات بين الطرفين.
جدير بالذكر أن دار الإفتاء المصرية، قالت إن بر الوالدين وصِلَتُهُما والإحسان إليهما فرضٌ على ابنهم في حدود طاعة اللهِ ورسولِه صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يعني الطاعة العمياء، بل على الولد أن يجتنب مواطنَ الشُّبهة، وألَّا يطيعَ أيًّا منهما فيما فيه معصية لله.
وأوضحت الإفتاء أنه من المقرر شرعًا أنَّ صلة الرحم ليست مكافأة على معروف، ولا جزاء على إحسان، وإنَّما هي واجب ديني وإنساني حثت عليه الشرعية الإسلامية.
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 33- 34].
ويقول صلوات الله وسلامه عليه سيدنا محمد: «لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» رواه البخاري.
وورد في "صحيح مسلم" جاء رجل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فقال: "يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ.." فامتدحه صلوات الله وسلامه عليه وحثه على التزامه وعدم العدول عنه، وفي "صحيح ابن حبان": «ومَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَجَلِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».
وقد أمر الله سبحانه وتعالى بطاعة الوالدين؛ قال تعالى: ﴿ ۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)﴾ [الإسراء: 23.
وورد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» رواه الترمذي في "سننه" واللفظ له، والإمام أحمد في "مسنده"، ومعنى التوقير المأمور به في هذا الحديث الشريف أن يُعطيَ الإنسان لِذَوِي الشرف والمنزلة حقَّهم؛ بما يتناسب مع أقدَارِهم، سواء كان هذا الشرف وتلك المكانة لنحو سِنٍّ أو عِلمٍ أو غير ذلك.
قال العلامة زين الدين المناوي في "فيض القدير" (5/ 388، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا) الواو بمعنى أو، فالتحذير من كل منهما وَحْدَه، فيتعيَّن أن يُعامِل كلًّا منهما بما يليق به؛ فيُعطي الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه، ويُعطي الكبير حقه من الشرف والتوقير] اهـ.