خط أحمر
مشهد تسليم الدفعة الخامسة من المحتجزين الإسرائيليين فى دير البلح وسط قطاع غزة سوف يظل مشهدًا لا يُنسى فى القطاع.
فالمحتجزون الثلاثة الذين جرى تسليمهم إلى الصليب الأحمر كانوا يقفون محاطين بعناصر من كتائب عز الدين القسام، وكان انتشار هذه العناصر فى المكان كثيفًا، وكانوا ملثمين كالعادة، كما أنهم كانوا فى كامل الزى العسكرى والسلاح!
ولم تكن هذه هى كل تفاصيل المشهد طبعًا، لأن تفاصيله كانت كثيرة ومثيرة، بقدر ما كانت لافتة لكل الذين تابعوه.. فمن بين تفاصيله مثلًا، أن عناصر الكتائب اصطفت فى طابور طويل، بينما المحتجزون الثلاثة مصطفون معهم أيضًا، وبينما كل محتجز يقف إلى جواره عنصر حمساوى على الشمال وآخر على اليمين، وكان كل محتجز يرتدى قميصًا، وعلى صدر القميص صورته مطبوعة، وتحت الصورة هذه العبارة: أسير لدى كتائب القسام.
ثم تفصيلة أخرى ربما كانت هى الأهم فى كل التفاصيل، وكانت تتجسد فى لافتة جرى رفعها خلف عناصر حماس المصطفة!.. اللافتة مكتوبة بالعربية، والعبرية، والإنجليزية، وتحمل عبارة تقول الآتى: نحن الطوفان.. نحن اليوم التالى.
هذه لافتة تقول الكثير جدًا، ومن بين ما تقوله إن غزة للفلسطينيين، لا للإسرائيليين، ولا للأمريكيين، ولا لطرف ثالث.. لافتة لا بد أن تدفع الرئيس الأمريكى ترامب إلى إعادة التفكير فى حكاية استيلائه على القطاع لتحويله إلى منتجع سياحى، لأن هذه أرض لها أصحاب، ولأن أصحابها أحياء يُرزقون وموجودون.. لافتة تقول للرئيس ترامب أن غزة ليست فلوريدا، حيث يقع منتجعه الشهير، وأن حكاية تحويل غزة لمنتجع مسألة مضحكة فضلًا عن أنها عبثية.
أما التفصيلة الباقية المهمة فهى أن واحدًا من المحتجزين الثلاثة تكلم مع الإعلام المتواجد فى المكان فقال: المفاوضات هى الحل الوحيد للإفراج عن بقية المحتجزين.
وهى مهمة لأن المفاوضات التى يتحدث عنها المحتجز ليست الحل الوحيد للإفراج عن زملائه وفقط، ولكنها الحل الوحيد أيضًا للقضية الأم الأشمل.. فلقد دامت الحرب الإسرائيلية الوحشية على الفلسطينيين فى غزة ٤٧١ يومًا، ثم تبين أنها لم تحل المشكلة.. الحل هو ما قال به المحتجز، ولا حل آخر لعل حكومة التطرف فى تل أبيب تسمع وترى.