رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قانون دور العبادة الموحد

 

بعد أن تكرمت جريدة الوفد الأسبوعية بنشر مقالتي‮ ‬بعنوان‮: »‬المواطنة في‮ ‬الإسلام والمسيحية‮« ‬تلقيت ردود أفعال واسعة من القراء أثلجت صدري‮ ‬وملأت قلبي‮ ‬بالسعادة التي‮ ‬يشعر بها كل من أنجز عملاً‮ ‬مفيداً‮ ‬للآخرين‮.‬

كان من بين هذه الردود أن استوقفني‮ ‬شاب مسيحي‮ ‬يدعي‮ ‬عبده بأحد شوارع وسط القاهرة وقال لي‮: »‬لقد قرأت المقال وفهمت أن المواطنة تقتضي‮ ‬المساواة بين كافة المواطنين في‮ ‬الحقوق والواجبات دون تمييز علي‮ ‬أساس الدين أو العقيدة أو الجنس أو أي‮ ‬سبب من الأسباب،‮ ‬كما تيقنت بأنها بهذا المفهوم مستمدة من الأديان السماوية لاسيما الإسلام والمسيحية بأدلة دامغة،‮ ‬وأنها ليست مصطلحاً‮ ‬مستورداً‮ ‬من الغرب لتحقيق أهداف خفية بسوء نية‮.‬

وتابع الشاب المسيحي‮ ‬قائلاً‮: ‬إنني‮ ‬أطالبك بأن تستكمل الكتابة في‮ ‬موضوع المواطنة لتوضح لنا كيف‮ ‬يمكن أن تتحول إلي‮ ‬واقع ملموس نعيشه وننعم فيه جميعاً‮ ‬بالأمن والأمان بعيداً‮ ‬عن الفتن الطائفية والاحتقان والمشاحنات التي‮ ‬تنشأ بين الحين والآخر وتؤدي‮ ‬أحياناً‮ ‬إلي‮ ‬إراقة الدماء لأتفه الأسباب‮.‬

واستجابة لرأي‮ ‬أخي‮ ‬المسيحي‮ ‬فقد رأيت أنه من الضروري‮ ‬الحديث عن مشروع قانون دور العبادة الموحد باعتبار أن مسألة بناء الكنائس تعد من أهم أسباب الاحتقان والغضب لدي‮ ‬إخواني‮ ‬المسيحيين،‮ ‬وأنها كثيراً‮ ‬ما أدت إلي‮ ‬مشاجرات أزهقت الأرواح وأراقت الدماء وأوقعت الكثير من المصابين‮.‬

وبمطالعة مشروع قانون دور العبادة الموحد المقترح‮ ‬يتضح أنه‮ ‬ينطوي‮ ‬علي‮ ‬العديد من المزايا،‮ ‬منها أن بناء دور العبادة أو تعليتها أو توسيعها أو تدعيمها أو إجراء ترميمات لها أصبح بترخيص من الجهة الإدارية وليس من رئىس الجمهورية ممثلة في‮ ‬وزير التنمية المحلية بعد أخذ رأي‮ ‬المحافظ المختص في‮ ‬حالة طلب الموافقة علي‮ ‬البناء،‮ ‬بينما تختص الإدارة الهندسية الكائن بدائرة اختصاصها دور العبادة في‮ ‬حالة طلب الموافقة علي‮ ‬التعلية أو التوسعة أو التدعيم أو الترميم‮.‬

ولاشك أن اختصاص وزير التنمية المحلية بالموافقة علي‮ ‬البناء سوف‮ ‬يجعل إنشاء الكنائس أيسر مما كان عليه الحال حين كان الاختصاص منعقداً‮ ‬لرئيس الجمهورية‮.‬

ومن مزايا القانون المقترح أيضاً‮ ‬أنه حدد مدة البت في‮ ‬طلب البناء بستين‮ ‬يوماً‮ ‬وبمدة شهر في‮ ‬باقي‮ ‬الطلبات،‮ ‬واعتبر القانون أن انقضاء هذه المدد دون رد من الجهة الإدارية بمثابة موافقة علي‮ ‬الطلب،‮ ‬ولا شك أن هذا التحديد‮ ‬يؤدي‮ ‬إلي‮ ‬سرعة البت في‮ ‬الطلبات ويزيل العراقيل التي‮ ‬تهدف إلي‮ ‬منع البناء بطريق‮ ‬غير مباشر،‮ ‬هذا فضلاً‮ ‬عن حق مقدم الطلب في‮ ‬اللجوء إلي‮ ‬محكمة القضاء الإداري‮ ‬في‮ ‬حالة رفض طلبه وهو الأمر الذي‮ ‬يمثل ضمانة حقيقية ضد أي‮ ‬مظهر من مظاهر التعسف التي‮ ‬كنا نعاني‮ ‬منها في‮ ‬الماضي‮.‬

ومن المزايا أيضاً‮ ‬أن مشروع القانون أجاز إلحاق دار مناسبات أو وحدات علاجية وخدمية بدور العبادة سواء المرخص بإقامتها من قبل أي‮ (‬القائمة فعلاً‮) ‬أو تلك التي‮ ‬يرخص بإقامتها‮.‬

ومن المزايا أيضاً‮ ‬أن مشروع القانون منع الترخيص ببناء دور عبادة ضمن بناء قائم معد لأغراض السكني‮ ‬كما منع الترخيص بتغيير استعمال بناء قائم ليصبح كله أو جزء منه داراً‮ ‬للعبادة،‮ ‬ولا شك أن هذا المنع سوف‮ ‬يغلق باباً‮ ‬من الفتن ليس لها نهاية في‮ ‬ظل إقدام متوقع من الكثير من المسلمين

والمسيحيين لتحويل أجزاء من مساكنهم أو عقارات مملوكة لهم إلي‮ ‬مساجد وكنائس في‮ ‬ظل اعتراض هذا أو ذاك من الجيران الملاصقين‮.‬

ويجب القول بأن أمراً‮ ‬مهماً‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يضع له القانون علاجاً‮ ‬حتي‮ ‬نغلق كل أبواب الفتن والخلافات بين المسلمين والمسيحيين بشأن بناء دور العبادة‮ ‬يتمثل فيما‮ ‬يعتقده بعض المسلمين من أن بناء الكنائس‮ ‬يتم تمويله من الخارج مستدلين علي‮ ‬ذلك بأن جميع الكنائس المنشأة في‮ ‬السنوات القليلة تتسم بالضخامة علي‮ ‬نحو‮ ‬يقطع بأنها تكلفت مبالغ‮ ‬باهظة،‮ ‬كما‮ ‬يري‮ ‬هؤلاء بأن مواقع إنشاء الكنائس‮ ‬يتم اختياره بدقة ليكون في‮ ‬أكثر الأماكن ظهوراً‮ ‬وكأن المقصود هو إعطاء مظهر مسيحي‮ ‬للشارع المصري،‮ ‬وفي‮ ‬المقابل‮ ‬يري‮ ‬بعض المسيحيين أن بناء المساجد‮ ‬يتم تمويله من المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية،‮ ‬وأن المساجد تبني‮ ‬بأعداد كبيرة وأحياناً‮ ‬تكون متقاربة وأن بعضها لا‮ ‬يحتاج إليه الناس احتياجاً‮ ‬حقيقياً‮ ‬لوجود مساجد أخري‮ ‬في‮ ‬ذات المكان‮.‬

وحتي‮ ‬نغلق هذا الباب‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬ينص القانون صراحة علي‮ ‬ضرورة احتياج مجموعة من المسلمين للمسجد المطلوب الترخيص ببنائه وأن تكون هناك مجموعة من المسيحيين في‮ ‬حاجة للكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها،‮ ‬كما‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬ينص صراحة علي‮ ‬عدم المبالغة في‮ ‬نوعية المباني‮ ‬وأن تكون متناسبة مع طبيعة المنطقة التي‮ ‬سيقام فيها المسجد أو الكنيسة بحيث نضمن أن الهدف من بناء هذا المسجد أو هذه الكنيسة هو عبادة الله عز وجل وليس التفاخر بإنشاء مساجد وكنائس عملاقة،‮ ‬أو الصراع علي‮ ‬إضفاء الطابع الإسلامي‮ ‬أو المسيحي‮ ‬علي‮ ‬الشارع المصري‮.‬

ومن جهة أخري‮ ‬فإنه‮ ‬ينبغي‮ ‬علي‮ ‬رجال الدين الإسلامي‮ ‬والمسيحي‮ ‬وكذلك أجهزة الإعلام المرئى والمسموع أن تقوم بدورها في‮ ‬توعية الناس جميعاً‮ ‬بأن إنشاء دور العبادة سواء المساجد أو الكنائس هو خير عظيم لأنها دور لعبادة الله الواحد الذي‮ ‬خلقنا جميعاً‮ ‬ولأنها أماكن‮ ‬يذكر فيها اسم الله عز وجل والذي‮ ‬قال جلا وعلا‮ »‬ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد‮ ‬يذكر فيها اسم الله كثيراً‮ ‬ولينصرن الله من‮ ‬ينصره إن الله قوي‮ ‬عزيز‮«.‬

صدق الله العظيم