رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

سقوط نظام بشار الأسد.. تجسيد للعدالة الإلهية ودور الإيمان في نصرة الشعوب

سوريا
سوريا

في ظل الأحداث التي شهدتها سوريا مؤخرًا، والتي انتهت بسقوط نظام بشار الأسد، تُعلق الشعوب العربية على الحادث ليس فقط من حيث كونه انتصارًا سياسيًا أو عسكريًا، ولكن من خلال منظورهم الإيماني والتاريخي المرتبط بالعدالة الإلهية، ودور الإيمان في التحولات الكبرى التي تشهدها الشعوب.

النصر والعدالة الإلهية: تجسيد للحق ضد الباطل

 

في الإسلام، يُعد النصر على الظلم من أسمى القيم التي يتم التشديد عليها، تقول الآية الكريمة: "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" (الإسراء: 81)، وتُعتبر هذه الآية مصدرًا للإيمان بأن الحق سيظل قائمًا مهما طال الزمان، المسلمون الذين عايشوا معاناة الشعب السوري خلال سنوات من القمع والظلم تحت حكم بشار الأسد، يرون في سقوط النظام هزيمة للبَاطِل وانتصارًا للعدالة الإلهية، تلك العدالة التي تكفل للمظلومين في النهاية حقهم في الحياة الكريمة.

الظلم لا يدوم: تأكيد لوعود الله للمظلومين

النظام السوري كان يُعتبر تجسيدًا للظلم الذي استمر لفترات طويلة، وتذكّرنا السورة الكريمة: "وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" (الأنعام: 131)، وهو تأكيد على أن الله لن يغفل عن ظلم الناس، وأنه سينصف المظلومين في النهاية، وكثيرون من السوريين في الداخل والخارج يرون أن هذا السقوط هو نتيجة حتمية للظلم الذي مارسه النظام على شعبه، وأنه جاء في الوقت الذي أذن الله فيه بالتحول، فكان بمثابة انتقام إلهي للمظلومين الذين كانوا يتعرضون للقتل والتعذيب دون رحمة.

الشكر لله: التواضع وامتثال المؤمن لله

أما بالنسبة للمسلمين الذين شهدوا هذه اللحظة، فإن الاحتفال بالنصر لا يجب أن يقتصر على الفرح فقط، بل يجب أن يترافق مع الشكر لله على هذه النعمة.

 في الحديث النبوي الشريف: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" (رواه الترمذي)، وهو تذكير بأن الفضل لله أولًا وآخرًا، وأن النصر لا يأتي من العوامل السياسية أو العسكرية فقط، بل هو جزء من تدبير الله الذي لا يُردّ. لذلك، يولي المسلمون أهمية كبرى في أن يتوجهوا بالدعاء والشكر لله على كل تحول إيجابي في حياتهم، مع الاعتراف بالمساعدات التي تلقوها من الآخرين.

التسامح والإصلاح: الدعوة للمصالحة بعد النصر

 

وفي مرحلة ما بعد النزاع، يدعو الإسلام إلى التسامح والإصلاح، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: "فَمَن عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" (الشورى: 40).

 في الوقت الذي يعيش فيه السوريون فرحة النصر، يوجه علماء الدين المسلمون الدعوة إلى التصالح والعفو، وعدم الاستمرار في إشعال نار الانتقام، فعلى الرغم من عمق الجراح التي مر بها الشعب السوري، فإن المرحلة المقبلة تقتضي أن يكون التركيز على إعادة بناء البلاد بروح من التسامح، بهدف المضي قدمًا نحو مجتمع متماسك.

العودة إلى الوطن: لحظة تكامل الروح والجسد

العودة إلى الوطن بعد سنوات من المعاناة قد تكون لحظة مليئة بالمشاعر المتضاربة، لكن من الناحية الدينية، يُعتبر العودة إلى الوطن بداية جديدة تُحتسب عند الله، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ابتلى الله عبده بالبلاء ثم صبر عليه، كان له أجر عظيم" (رواه البخاري).

 لذلك، يجب أن تكون هذه العودة مترافقة مع العمل على بناء الوطن وإصلاحه، مع الحرص على أن تكون أفعالهم بعد العودة انعكاسًا لإيمانهم العميق بأن هذه الفرصة هي بداية مرحلة جديدة من النماء الشخصي والاجتماعي.

 

إن سقوط النظام السوري لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان تحولًا روحيًا ووجوديًا بالنسبة للعديد من السوريين الذين عاشوا سنوات من الظلم والدمار، ومن خلال منظور ديني، يظهر أن هذه اللحظة تمثل تجسيدًا للعدالة الإلهية والتأكيد على أن الحق لا يضيع مهما طال الزمن. وفي نفس الوقت، تظل الدعوة الدينية موجهة نحو البناء والتسامح، حيث أن النصر ليس سوى بداية جديدة تتطلب توجيه الشكر لله، والعمل على إصلاح النفس والمجتمع.