عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يهودى فى ثورة 30 يونية

من أهم الأخطاء التى وقعنا فيها أثناء ثورة 30 يونية أننا كنا نتحدث مع بعضنا البعض ولم نعرض لأسباب ثورتنا ودوافعها واهدافها لبلدان العالم، وانشغلنا بالتبرير لأنفسنا، كما أننا حتى فى ظل تفوق جماعة الإخوان بالترويج لهولوكوست إخوانى، ارتضينا بمقعد المدافع والمشاهد، وبعد ان أفقنا على إدانات عالمية بدأنا نفكر ونلقى المسئولية على بعضنا البعض، هيئة الاستعلامات، وزارة الإعلام، وزارة الخارجية، القوات المسلحة، القنوات الخاصة، حتى أن وزارة البيئة والنقل والمواصلات والشئون الاجتماعية لم تسلم ولم تنجو من الاتهامات.

هذه المشكلة أتذكرها اليوم بمناسبة الحوارات التى أجريت منذ يومين فقط مع رئيسة الطائفة اليهودية، وهى سيدة مصرية تعيش مثلنا وتعانى هى وسائر المصريين اليهود، وكان يجب أن نسمع صوتها ورأيها خلال الثورة، ونتعرف على موقفها السياسى من الأحداث التى تجرى فى بلدها، لكن للأسف كما انشغلنا فى الحوار مع أنفسنا وتركنا جماعة الإخوان المتأسلمين تصور للعالم الهولوكوست الإخوانى، انشغلنا أيضا عن اخوتنا فى الوطن.
منذ يومين فوجئت بحوار للزميل الشاب جـرجس بشرى مع رئيسة الطائفة السيدة ماجدة شحاتة هارون، منشور في صحيفة أقباط متحدون الإلكترونية، وحوار آخر أجرته الزميلة الشابة أميرة هشام ونشرته فى بوابة جريدة الأهرام، ووالد السيدة ماجدة هو المناضل اليسارى المصرى شحاتة هارون الذى لا يستطيع أحد أن يزايد على وطنيته ولا على حبه لهذا الوطن، له كتاب رائع بعنوان: «يهودى فى القاهرة»، اعتقل أكثر من مرة، ورفض تماما وبشكل قاطع أن يرحل عن بلده مصر التى ولد وتربى فيها أبا عن جد، وهاجم بشدة قرار جامعة الدول العربية الذى قضى بترحيل اليهود العرب، وتمسك ببيته وجيرانه وأبناء الحى الذى عاش فيه وبذكرياته وبأصحابه، ورفض تنفيذه وهاجم الفكر الصهيونى ودولة إسرائيل، هارون شحاته كان يعيش حياته كمواطن مصرى بكل معنى الكلمة، ويعلن رأيه فى المواقف والقرارات السياسية بشكل علنى، هذه بلادى ولن أتركها لأحد أو من اجل أحد، قالها فى رسالة إلى محمود درويش: «تحية من القاهرة، صخرتي التي لن أبيعها باللآلئ.. حبيبتي التي لن أهجرها.. أنت وأنا الأمل.. لو عدت أنت لحيفا، وصمدت أنا في القاهرة».
فى عام 1967 ضربت إسرائيل الجيش المصرى، المطارات والمعسكرات والقوات فى سيناء، وكانت هزيمة بشعة ومنكرة أعلن على أثرها الزعيم جمال عبدالناصر تنحيه، خلال هذه المعركة او النكسة التى كانت من طرف واحد، فتحت جميع النقابات والأندية باب التطوع، وكان من بين هذه النقابات نقابة المحامين التى كان شحاتة هارون المحامى عضوا بها، وكان احمد الخواجة النقيب، ماذا فعل المصرى اليهودى اليسارى شحاته هارون؟، كتب رسالة إلى أحمد الخواجة يطلب فيها قبوله جندياً بين صفوف المتطوعين لكى يدافع عن بلاده

وعن سيناء التى يضربها الجيش الصهيونى، قال: «عزيزي أحمد، تحية كفاح أبعثها إليك مع استمارة التطوع.. تاركًا لك اختيار المكان الذي أستطيع فيه أن أؤدي حقي وواجبي في المعركة، وإذ أعتبر مجلس النقابة قيادة لي»، كان عمر شحاتة هارون فى هذه السنة حوالى 47 سنة، فقد كان من مواليد سنة 1920، ورغم سنه هذه كتب استمارة تطوع فى الجيش المصرى.
هذا هو شحاتة هارون المصرى اليهودى اليسارى الذى عشق تراب بلاده ورفض الرحيل عنها إلى بلد مهجر أو إلى دولة الميعاد، هذا هو والد السيدة ماجدة رئيسة الطائفة اليهودية فى مصر، ولا أشك للحظة فى ان ماجدة تحب وتعشق تراب بلدها مصر أقل من شحاتة هارون، وهذا الحب يؤكده كلامها فى الحوارين، حوار أقباط متحدون وحوار بوابة الأهرام، حيث أكدت: «شاركت في ثورة 30 يونية وما بعدها ولم أشارك في ثورة 25 يناير ، وشاركت تحديدًا في المظاهرات التي انطلقت ضد الدستور كلها وهناك من حاولوا تشويه المظاهرة، وادعوا أن الصهيونية تؤيد تظاهرة 30 يونية، أنا شاركت لأن مصر بلدي وهي جزء مني ومن كياني».
وقال: «كنت أود اليوم في ليلة رأس السنة العبرية، فتح المعبد ودعوة المواطنين لمشاركتنا وأقيم عيدًا كبيرًا، ولكن الظروف الأمنية وحتى الحاخام خاف أن يأتي ولن نقيم الصلوات في عيدنا».
فى ظنى أننا خسرنا كثيرا عندما لم ندفع بماجدة هارون شحاتة مع بعض قيادت الكنيسة والأزهر إلى أمريكا وأوروبا لكى يؤكدوا للعالم اجمع أننا كشعب مصر بجميع أطيافه ومذاهبه ودياناته قمنا بثورة على جماعة الإخوان، وجميعا طالبنا القوات المسلحة أن تزيحهم من الساحة السياسية.
الوقت مازال بين أيدينا، وعلى الحكومة أن تشكل لجنة من الرموز الدينية بينها ماجدة هارون شحاتة، لكى يكونوا سفراء لنا فى البرلمانات الأوروبية.
علاء عريبى
[email protected]