رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كم سعدت للدعوة الكريمة التى تلقيتها من مؤسسة الفكر العربى ببيروت ومؤسسة عبدالحميد شومان الثقافية بالمملكة الأردنية للمشاركة فى الندوة المشتركة التى ستعقد الاثنين القادم الموافق السابع والعشرين من مايو 2024م بالعاصمة الأردنية عمان وتحت رعاية وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى تحت عنوان «العرب والحراك الفلسفى اليوم»، وأعلم أن مؤسسة الفكر العربى قد عقدت قبل ذلك ندوة موسعة مشابهة فى تونس بالتعاون مع بيت الحكمة حضرها أيضا مجموعة من المفكرين العرب. وهاتان الندوتان الموسعتان اللتان تعقدان بين تونس فى المغرب العربى وبين الأردن فى المشرق العربى وبالتعاون والمشاركة بين مؤسسات خاصة وحكومية عربية، وخاصة بعد أن اصدرت مؤسسة الفكر العربى نهاية العام الماضى مجلدا ضخما شارك فيه مجموعة كبيرة من المفكرين والأساتذة من مختلف البلدان العربية تحت عنوان «العرب والحراك الفلسفى اليوم» بإشراف البروفيسور هنرى القويط، إنما هو جهد جبار ومشكور من هذه المؤسسة العروبية العريقة ينبئ بمدى الوعى العربى المتنامى اليوم بأهمية الفلسفة وبضرورة تفعيل دور الفلاسفة فى ايقاظ وتنمية الفكر العربى ليواكب النهضة الفكرية العالمية الناشطة فى الشرق والغرب معا من جهة، ومن جهة أخرى يبشر بأننا على أعتاب عصر نهضوى عربى جديد ستشارك فيه الفلسفة والفلاسفة بدور ريادى حقيقى.
والسؤال الآن هو: كيف نستفيد من هذا التوجه وكيف نخلق من خلاله تيارا تنويريا جديدا وواعيا بأن الفكر عادة ما يقود قطار التقدم والنهوض ؟!
أرى أنه من الضرورى بداية أن تقوم هذه المؤسسات العربية خاصة كانت أو حكومية بدعم المؤسسات القائمة على نشر الوعى الفلسفى بالدول العربية ؛ فالكثير من الجمعيات الفلسفية العربية مثلا وأقدمها وأعرقها الجمعية الفلسفية المصرية باتت تعتمد كليا على اشتراكات الأعضاء وهذا أمر محزن أن تتسول هذه الجمعيات الفلسفية العلمية الدعم لمواصلة نشاطها التوعوى التنويرى المهم بينما تلقى أنشطة ترفيهية أخرى كثيرة دعما ربما لا تحتاج اليه أصلا لاقامة هذه الأنشطة والاحتفالات والحفلات! ان هذه الجمعيات الفلسفية على اتساع الساحة العربية – ربما باستثناء حديثة النشأة منها فى دولة الامارات المتحدة والمملكة العربية السعودية – تفتقر إلى الحد الأدنى من الإمكانيات الذى يمكنها من اصدار المجلات الفكرية التخصصية الخاصة بها أو تقديم أى دعم لنشر مؤلفات الشباب من أعضائها!
و لقد كنا فيما مضى نرى على الساحة العربية عشرات المجلات الفكرية الرصينة والمؤثرة واليوم غابت معظمها ؛ ففى مصر وحدها كانت هناك إصدارات كثيرة مثل مجلات الطليعة وتراث الإنسانية والفكر المعاصر والكاتب والقاهرة الأسبوعية وفصول وغيرها من المجلات التى كانت تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والفلسفة والعصر التى كانت تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة، وغير تلك وهذه من الإصدارات، نجد أنها قد توقفت وهذا يشير بالضرورة مدى تراجع الاهتمام بالحراك الثقافى العام! ولا ينبغى أن يحتج أحدهم هنا قائلا: إن النشر الالكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى قد حلت محل هذه المجلات الثقافية كما حلت محل الكتاب الورقى، فهذا وهم ومبالغة لأن المعين الأساسى للثقافة لايزال وسيظل هو الكتاب الورقى والمجلة الورقية ! ومن ثم فعلينا إعادة الاهتمام بإعادة اصدارهذه المجلات الفكرية الرصينة ونؤسس غيرها لتتيح للمفكرين والمثقفين فى قاعدتهم العريضة التعبير عن أفكارهم وآرائهم، فضلا عن اتاحة الفرصة لوجود حراك نقدى ضرورى لتقييم ما يصدر من أعمال فكرية لكبار المفكرين والكتاب! 
وخلاصة القول إننا ونحن نحيى هذه المبادرات الطيبة فى تأسيس ودعم حراك فلسفى تنويرى عربى جديد من خلال إقامة مثل هذه الندوات واللقاءات الفكرية المتميزة نتمنى أن يتنامى هذا الحراك الفلسفى والثقافى ليصبح تيارا قويا مدعوما من كل الحكومات والمؤسسات والهيئات المعنية فى عالمنا العربى، تيارا يجعل من حرية التفكير والقدرة على التفلسف وابداء الرأى الواعى حقا لكل انسان عربى، تيارا يقود الأمة بالفعل إلى مستقبل حضارى مشرق.