رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

تشكل كتب التراث، الإرث الفكرى للبشرية.. ولكل زمان تراثه من العصور السابقة عليه.. وعلى مر التاريخ، تفهم الباحثون والمفكرون ضرورة الاختلاف بين فكرهم وما ورد فى كتب التراث.. فاختلاف الأعراف والأفكار والمعارف عبر الزمان.. أمر مفروغ منه. 
لكن لا أدرى لماذا علت اليوم الأصوات الرافضة للكثير مما ورد فى التراث.. وبالطبع المقصود بالتراث هنا هو ما يتعلق بالتراث الفقهى للإسلام فقط.. دون غيره.. بل وامتد الأمر لأخذ كل ما ورد فى تلك الكتب من غرائب أو شواذ.. وإلقاؤها على الدين الإسلامى نفسه ككل.. فى جهل فاضح وخلط واضح بين الدين والفقه.. لتكون تلك الهفوات ذريعة للطعن فى كل ما ورد فى تلك الكتب صحيحة وضعيفة.. وليمتد الطعن بعد ذلك إلى السنة النبوية المطهرة.. حتى بلغ الغلو بأحد مدعى التجديد إلى الطعن فى أحكام القرآن نفسه.. والتخرص بأن أحكام القرآن تخص زمانها ولا شأن لنا بها اليوم!.. وهو ما يشير بوضوح إلى أن حديث البعض عن تطوير الخطاب الدينى أو تنقية التراث.. ما هو إلا مجرد غطاء للطعن فى الدين ورفضه.. ولم يعد الأمر مجرد جهل بطبيعة كتب التراث.. أو حتى عدم إدراك قيمة تلك الوثائق التاريخية للحركة الفكرية. نعم قد تحتوى كتب التراث على ما هو غريب أو مرفوض فى زماننا.. لأنها بالطبع أخرجت لزمانها.. لكن هذا لا يعنى بأى حال من الأحوال رفضها برمتها.. أو إحراقها.. وقد انتهج الطاعنون والمرجفون منهج التصيد لزلات العلماء.. ليكون خطأ واحد لفقيه أخرج مئات الألوف من المسائل الفقهية الصحيحة والصالحة لكل العصور كفيلة بإهالة التراب على كل ما قدمه للفكر الإنسانى.. وهذا ما يدفع للتساؤل: هل كان رفض ذلك الفريق لفكر وتراث ذلك الفقيه من أجل زلته.. أم من أجل ملايين الأفكار الصائبة؟!. الأمثلة فى هذا كثيرة.. وكان للفقه الشافعى وللإمام البخارى نصيب الأسد من السهام المسمومة.. فقد أخرج البخارى 7397 حديثًا صحيحًا.. اجتهد فى تمحيصها من بين 600 ألف حديث.. أعمل فيها «علوم الرجال» وتتبع سلاسل الإسناد.. حتى توصل إلى ما اطمأن له إسنادا.. ولأن الكمال لله وحده.. كان من المنطقى أن تجد من يطعن فى صحة بعض أحاديثه.. والطعن هنا يكون فى الأغلب على المتن لا السند.. ولنسلم بأن هناك أحاديث ضعيفة فى صحيح البخارى.. فكم عددها؟.. خمسة أحاديث.. سبعة ؟.. 23 حديثا؟.. فهل من المنطق إنكار أكثر من 7370 حديثًا صحيحًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أجل بضعة أحاديث ضعيفة؟!.. بما يستتبع ذلك من تمادى المغالين لإنكار السنة النبوية بأكملها.. نظير هامش خطأ فى كتاب البخارى يقدر بـ 2 فى الألف!.. أى عقل هذا!.. وكيف يمكن وصف من ينحون هذا المنحى بصفات المفكر والباحث والكاتب.. فلو كان لأحدهم من هذه الأوصاف نصيب.. لأدرك أن جزءًا من الألف.. هامش خطأ مقبول جدًا لأدق الآلات الإليكترونية الحديثة. 
وهذا يقودنا لمراجعة مثل تلك الأطروحات الفكرية الشاذة والمتحيزة.. والتى عادة ما كانت ترد لنا من الغرب.. عبر مستشرقين يحملون من الكراهية والحقد على الإسلام أكثر مما يحملون من الحياد العلمى والبحثى.. وبالتالى يكون التساؤل عن هوية المتحدث وهدف طرحه أمرًا مشروعًا.. وليس مجرد تفتيش فى النوايا.. أو طعن عبثى فى شخصية أو هوية صاحب الطرح. فالمفترض أن تجديد الخطاب الدينى.. أو الاجتهاد.. أمر محمود.. يحمله أصحاب الهمم من كبار العلماء.. وهدفه مواكبة الحركة الفقهية لتطور زمانها.. والحفاظ على بقاء الدين غضًا بين عامة المسلمين.. وبالتالى ليس من المتصور أن يكون إحياء علوم الدين هو هدف منكرى الدين وقادة تيارات الإلحاد.. ولله فى خلقه شؤون.