رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العربية جذور هويتنا

اتسع صدر اللغة العربية فى تفاعلها مع لغات العالم القديم، فتفاعلت معها لغويا وحضاريا ، تأثيرا وتأثرا، وكان ذلك منذ أزمان بعيدة؛ حيث نقلتْ كلمات لدى الجاهليين عن الفارسية بالاقتراض والتعريب من مثل:
السندس، والنرجس، والإبريق، والخز، والديباج، والإستبرق، وترياق، وفالوذج.، ونموذج، التى أجاز مجمع اللغة العربية حديثا كتابتها «أنموذج»، وكذلك عن الهندية مثل:
القرنفل، والفلفل، والكافور، والشطرنج، وعن اليونانية ألفاظ مثل: القسطاس، والقنطار، والفردوس، والترياق، وعن السوريانية مثل: المسيح، والكهنوت، والناقوس، وعن العبرية مثل: 
التوراة، والأسباط، والشيطان، وجهنم، وعن الحبشة: مثل: 
النجاشي، والتابوت، والمنبر، مما يدل على تفاعل مثمر؛ نتيجة المخالطة اللغوية، تلك التى رصدتها المعاجم العربية القديمة، من مثل: المعرّب للجواليقي، وشفاء الغليل فيما فى ألفاظ العربية من الدخيل للشهاب الخفاجي، والمزهر لجلال الدين السيوطى (ج1 ص 271ـ283)؛ إذْ إنّ الجاهليين عرفوا لغات غير لغتهم العربية، ومنهم منْ كان من مشهورى الشعراء من أمثال :
عديّ بن زيد اللخمي، الذى أتقن الفارسية، وترْجم لكسرى وللنعمان، وعاصره علماء اللغة، وعدى بن دؤاد الإيادي، ولقيط بن معمر، كذلك منْ اشتهروا بالقراءة والكتابة كورقة بن نوفل، وسويد بن الصامت، على نحو ما نرى فى أخبار مفصّلة فى السيرة النبوية لابن هشام، وتاريخ ابن بري، وما فصله ناصر الدين الأسد فى كتابه مصادر الشعر الجاهلي، دار المعارف، القاهرة ط4 1969 عن مجتمعات العرب فى الجاهلية وتفاوتها فى الحضارة ص1ـ19، وعن الكتابة ص 23ـ58، وموضوعاتها وأدواتها59ـ103، واستمرتْ حركة تلك القراءة والكتابة والتراسل اللغوى بعد البعثة النبوية، لدى كتـّاب الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث جمعوا بين كتابة رسائل الرسول إلى الملوك، وترجمة رسائلهم من اللغات الفارسية، أو القبطة، أو الحبشية، ويذكر المسعودى (345هـ) طائفة من أسمائهم فى كتابه التنبيه والإشراف، تصحيح الصاوي، مصر 1938، كما يتضح ذلك فيما نقرؤه من تحاشى (تعليقات) علماء اللغة، وقت التدوين، حيث الاستشهاد بالمرويّ من شعر قبائل معينة خالطتْ أمما مجاورة، على نحو ما نرى عند ابن جنى فى الخصائص، والسيوطى فى المزهر، وقد حصروا من تلك القبائل، بوجه خاص، لخم، وجذام؛ نظرا لمجاورتهم أهل مصر والقبط، والحيرة ، ولمجاورتهم أهل فارس، وقضاعة وغسان وإياد ، ولمجاورتهم أهل الشام، وتغلب ، ولمجاورتهم الروم فى الجزيرة، وبكر، ولمجاورتهم القبط والفرس، وعبد القيس، وأزد عمان ، ولمجاورتهم الهند والفرس بالبحرين، واليمن، ولمجاورتهم الهند والحبشة، ويمكن أن نقيس على ذلك بنى حنيفة، وسكان اليمامة، وأهل الطائف، وحاضرة الحجاز، على نحو ما نجد فى الاستشهاد فى اللغة، لسعيد الأفغاني بدمشق، وقد قام رمضان السيد فى بحثه أضواء جديدة على تفسير سورة يوسف بحصر أكثر من خمسمائة لفظ فصيح وعامى متفق مع اللغة المصرية القديمة صار عربيا مصداقا لقوله تعالى: «إنا أنزلناه قرآنا عربيا «، يوسف 2، وفى هذه السورة حصر خمسة وخمسين لفظا بين اسم وفعل وصفة معتمدا على معجم صغير وضعه أحمد بدوي، هو و«هرمن كيس» هو المعجم الصغير فى مفردات اللغة المصرية القديمة، الأميرية، القاهرة ط1 1958 ص 1ـ 299. من تلك الألفاظ: غيابة ـ الجبّ ـ الذئب ـ بخس ـ راودتْه ـ هيت لك ـ همّتْ.......، وأشار إلى ما كتبه عبد الحميد زايد فى بحثه نظرات عابرة فى العلاقات القديمة بين لغات أمم الشرق الأدنى القديم وشعوبه، مجلة عالم الفكر، مج2، ع3، الكويت 1973 ص 168ـ180، مظْهرا دور اللغة المصرية القديمة من ناحية التأثير والتأثر، ومشيرا إلى ما ذكره عبد العزيز صالح من وجود ما يقرب من مائتيْ كلمة مصرية قديمة ما تزال حيّة فى اللغة العربية الفصحى، وذلك فى كتابه الشرق الأدنى القديم ج1 مصر والعراق، الأنجلو ط2 القاهرة 1982 ص 6.
وفى ذلك كله يبدو اتساع صدر اللغة العربية لمبدأ التأثير والتأثر؛ فكما أثّرتْ لغتنا العربية فى لغات أخرى أثّرتْ تلك اللغات فى اللغة العربية، وهذا شأن التفاعل اللغوى بين لغات الأرض عبْر الحقب زالعصور، وعبْر تنوع البيئات والمواقع، ويكفى أن نشير إشارة عجلى إلى ما أحدثتْه اللغة العربية من تأثير واضح جليّ فى المصطلع العلمى فى العلوم الخديثة بتعددها، وفى مجال البحث والدرس بوجه عام أثناء التحول الحضارى والعلمى فى عصر النهضة الأوروبية الحديثة . 
عضو المجمع العلمى وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس