عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سماسرة الحبوب يتلاعبون بالأسعار الرسمية

بوابة الوفد الإلكترونية

يعيش مزارعو مصر أجواء من الفرحة والبهجة منذ منتصف شهر أبريل، وهو بدء موسم حصاد الذهب الأصفر (القمح).. فرغم التعب فى الحقول إلا أن الإنتاج الوفير من هذا المحصول الإستراتيجى، وسعر توريد القمح، جعل الرضا يرتسم على وجوه الفلاحين.

رصدت الوفد أجواء موسم حصاد القمح بين الفلاحين فى إحدى قرى جنوب محافظة الجيزة، فكانت علامات رضا تكسو وجوه المزارعين بعد إعلان الحكومة تحديد سعر توريد القمح الجديد بــ2000 جنيه للإردب، ولكن ممارسات تجار القمح تسرق فرحة الفلاحين، خاصة أن هؤلاء التجار لا يعترفون بالأسعار الرسمية المعلنة من قبل الحكومة.

وكشف مزارعون عن أن بعض موظفى التعاونيات الزراعية يشترون القمح من الفلاحين بأقل من سعر التوريد الحكومى بـ200 جنيه.. وقال أحد المزارعين: «نضطر إلى البيع لتجار الحبوب، لأن شون الحكومة بعيدة عن القرى وتكاليف النقل غالية، ولهذا نقول الخسارة القريبة ولا المكسب البعيد». 

وحكى مزارع آخر حكايته مع موظفى التعاونيات الزراعية، قائلًا إنه تواصل مع موظف الجمعية الزراعية بالقرية، والذى يشترى القمح من مزارعى القرية كل موسم بالسعر الذى يحدده، وحجته أن القمح به شوائب طينية، ولهذا لا يشترى إردب القمح إلا بسعر 1750 و1800 و1900 جنيه، على حسب درجة نقاوة القمح، كما يضيف خمسة كيلو قمح زيادة فوق كل إردب!

من جانبه، قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن سعر التوريد الذى حددته الحكومة (2000 جنيه لإردب القمح) عادل وعالى مقارنة بسعر القمح العالمى، موضحًا أن شون الحكومة تشترى القمح من الفلاحين بأسعار تتراوح بين 1900 و2000 جنيه حسب درجة النقاوة، مؤكدًا أن سعر القمح المصرى أعلى من السعر العالمى، ويزيد طن القمح المصرى ثلاثة آلاف جنيه عن القمح الروسى، فطن القمح الروسى تستورده الحكومة المصرية بـ10 آلاف جنيه، وطن القمح المصرى وصل حاليًا إلى 13 ألف جنيه، وهذا يرجع لجودة القمح المصرى وسمعته العالمية. 

وأكد «أبوصدام»، أن الحكومة رفعت سعر التوريد خلال هذا الموسم منعًا لـ التلاعب فى السوق الحر لتجار الحبوب، إلى جانب أنها تدعم المستلزمات الزراعية والأسمدة والتقاوى للفلاحين.

وأكد أن الحكومة لا تصدر حبة قمح واحدة، وكل ما يُقال عن تصدير القمح المصرى وجلب قمح مستورد بدلًا منه، حديث عار من الصحة تمامًا، والقمح يعود إلى المواطن فى صورة رغيف خبز مدعم فالدولة والمواطن فى دائرة واحدة، لافتًا أن 80% من الحيازات الزراعية أقل من فدان والمزايدة مع التُجار سوف تضر الموطن فى المستقبل فى سعر رغيف الخبز. 

وأوضح نقيب الفلاحين تكاليف زراعة فدان قائلاً: يحتاج الفدان إلى ثلاثة آلاف جنيه تجهيزات أولية وتقاوى، ويلزمه أيضًا سماد بلدى ويوريا بـ أربعة آلاف جنيه، وتكاليف الرى تزيد على ألف جنيه، وتكاليف الحصاد والدرس تبلغ أربعة آلاف جنيه أخرى، إضافة إلى ثلاثة آلاف جنيه للرش وخدمات الزراعة، وبالتالى فإن تكلفة زراعة فدان القمح تبلغ 15 ألف جنيه، وإذا كانت الأرض بالإيجار فإن التكلفة يضاف إليها 10 ألاف جنيه إيجار الفدان خلال فترة زراعة القمح، فتصبح تكلفة وإيجار فدان القمح 25 ألف جنيه».

وأضاف «أبوصدام» أن فدان القمح ينتج فى المتوسط 20 إردب قمح، والإردب 150 كيلو قمح، وبالتالى فإن متوسط إنتاج الفدان من القمح يصل إلى حوالى 40 ألف جنيه، بخلاف 5 آلاف مقابل «التبن» الناتج من قش القمح، فيكون إيراد كل فدان 45 ألف جنيه، وتكليف زراعته 25 ألفًا، وبالتالى يكون صافى ربح كل فدان 20 ألف جنيه، وهذا يؤكد أن سعر التوريد عادل وفى مصلحة المزارع المصرى.

وأكد أن الحكومة تورد 3.5 مليون طن قمح من المزارعين فقط، من حوالى 10 ملايين طن قمح، الباقى يذهب إلى التجار والفلاحين تخزن القمح للاستهلاك المنزلى. 

وقال الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى، إن الدولة أعلنت فى نوفمبر 2023 أول موسم زراعة القمح سعر استرشادى 1600 جنيه لطن القمح، ومع بدأ موسم الحصاد رفعت سعر التوريد إلى 2000 جنيه، ما أحدث مشكلة لدى المزارع، بالإضافة إلى أن التُجار والوسطاء يُصرون على التوريد بالسعر الإرشادى لأن تكلفة نقل القمح وتشوينه تستهلك 25% من مكسب الفلاح، فيضطر إلى بيع القمح إلى التُجار والوسطاء بسعر أقل من سعر التوريد الحكومى، مؤكدًا ضرورة أن يكون سعر التوريد محدد قبل بدأ الموسم حتى يطمئن المزارعون ونشجعهم على زراعة مساحات أكبر، مع إتاحة التوريد للمزارعين داخل القرى لإنقاذهم من استغلال التجار الذين يشترون منهم القمح باسعار أقل بكثير من سعر التوريد الحكومى.

ودعا الحكومة إلى تكليف الجمعيات التعاونية فى القرى بعملية توريد القمح مباشرة بعيد عن التجار، موضحًا أن دور الجمعيات التعاونية معدوم ولا تقوم إلا بتوزيع الأسمدة على الفلاحين منذ عام 1986 تقريبًا، وتأخذ عمولة على توزيع الأسمدة 10 جنيهات على كل شيكارة، لافتًا إلى أن مصر تزرع 9 ملايين فدان قمح، الفدان يحتاج إلى ثلاثة «شكاير» أسمدة فيكون الإجمالى 27 مليون شكارة سماد، بمعنى أن الجمعيات التعاونية تًحصل 270 مليون جنيه عمولة فوق سعر الدعم الحكومى للأسمدة، و«تلك المبالغ الطائلة تدخل جيوب «مافيا» جمعيات التعاون الزراعة، فضلًا عن أن تقاوى المحاصيل يشتريها المزارعون من محطات البحوث الزراعية».

وأكد «صيام» أن التُجار تورد القمح بعد شرائه من الفلاحين إلى مصانع الأعلاف، ويحدث خلط القمح بمكونات تصنيع الأعلاف، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف التى وصلت إلى 35 ألف جنيه للطن فى وقت سابق. 

وأضاف أن مركز البحوث يضم 16 معهدًا بحثيًا متخصصًا فى مختلف المحاصيل الزراعية والإنتاج الحيوانى وميزانيته لا تتعدى 300 مليون جنيه، ويجب تخصيص 1% من الإنتاج الزراعى لمراكز البحوث الزراعية، مع عودة مهندسى الإرشاد الزراعى لجمعيات التعاون الزراعى فى القرى، التى يديرها حاليًا الحاصلون على دبلومات المدارس الثانوية الزراعية، ففى الثمانينات كان لدينا 15 ألف مرشد زراعى، الآن لا يوجد سوى 900 مرشد على مستوى الجمهورية ويحالون على المعاش واحدًا تلو الآخر وبعضهم لا يحمل شهادة بكالوريوس زراعة من الأساس، بسبب وقف تعيينات خريجى الإرشاد الزراعى منذ عام 1986.