عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

عندما جرؤ الصحفى الإسبانى «لويس جونزاليس ماتا» وكتب لأول مرة عام 1979عن عصبة أو نادي «بيلدربيرخ» السرى والذى تشكل عام 1954 من قمم عالمية فى عالم الاقتصاد، المال، السياسية، الأمن والاستخبارات، فجر الصحفى عشرات التساؤلات الخطيرة فى كتاب بعنوان «أسياد العالم الحقيقيون»، وجاء الكتاب على أصداء تفجر فضيحة فساد مالى تورط فيها الأمير بيرنهارد «والد ملكة هولندا ورئيس العصبة فى حينه» لتفضيله شركة سلاح أمريكية بعينها لتسليح الجيش الهولندى عن شركات أخرى أفضل مقابل حصوله على عمولة.

ومن هنا كان حريًا أن يجرؤ البعض لمحاولة قفز الأسوار العالية واختراق جدران السرية المصمتة التى تحيط بتلك العصبة، خاصة مع انسحاب الأمير الهولندى من رئاسة المنتدى، وكانت أسئلة الصحفى بلا إجابات، لكنها لم تخلُ من الإشارات والدلالات، تساءل عما يثار من موضوعات داخل المكاتب المغلقة، عن المتغيرات التى تعترى عالم الاقتصاد والصفقات الكبرى التى تعقد والحراك صعودًا أو هبوطًا فى أسواق المال ومجالات الأعمال فى أعقاب كل اجتماع للعصبة، تساءل عن سر حضور شخصيات لها تأثيرات عالمية، وعن حضور شخصيات يتم تصعيدها عالميا فيما بعد.

وللأسف لم تجد الأسئلة سوى التكهنات من الإجابات، وهو ما سمح لخيال البعض للترويج لنظرية المؤامرة، ولم تبد العصبة تجاوبًا فعليًا لدرء التكهنات، وكان الصمت أفضل وسيلة للحد من تأثير تضخم كرة الثلج لتلك التساؤلات، حتى كانت مرحلة الانفتاح النسبى للنادى على الساحة العامة مع بداية القرن الحادى والعشرين لتهدئة نظريات المؤامرة وكل الشكوك المتصاعدة التى حاصرته، حيث اضطرت العصبة إلى إنشاء موقع على الإنترنت ذي طابع إخبارى مقتضب، يُنشر من خلاله أسماء المشاركين فى كل اجتماع سنوى، وعناوين لملفات مدرجة بأجندة الاجتماعات، لكن لم تنشر أبدًا أى نتائج أو توصيات للاجتماع، ولم تتسرب حتى للإعلام أى معلومات، فأصبح ما يدور داخل النادى مادة خصبة للصحافة ولإصدار كتب حوله، سواء معه أو ضده، منها كتاب «دليل سريع إلى نظريات المؤامرة»، وقال فيه المفكر «جيمس ماكوناتشي» إن السرية لهذه الجماعة سمحت للمحتجين بإسقاط مخاوفهم عليها، وقال البروفيسور «أندرو كاكابادسي» أحد مؤلفى كتاب آخر اسمه «أفراد بيلديربيرغ» إن دعاة نظرية المؤامرة ربما يكونون شديدى التحمس فى كلامهم حول هذا النادى، ولكن لا يمكن إنكار أن أعضاءه يتمتعون بسلطة حقيقية، تتجاوز سلطة المنتدى الاقتصادى العالمى الرسمي «دافوس»، لذا يجب تفهم قلق الناس من نفوذ هؤلاء لعدم وجود شفافية.

ورغم مشاركة شخصيات أمريكية فى الاجتماع السنوى لـ«بيلديربيرج»، واقتصار الدعوات على البلدان الأوروبية والولايات المتحدة مع استبعاد الصين، روسيا، اليابان، الهند، وبلدان أمريكا اللاتينية، إلا أن المريب فى الأمر أن أمريكا نفسها علنت منه، وزعمت أنهم عصبة يديرها الاتحاد الأوروبى ويتحكم بهم بصورة خطيرة بما يهدد الحريات الأمريكية، ومن هنا كانت أمريكا نفسها وراء إشعال مظاهرات مضادة لاجتماع العصبة عام 2015 إبان انعقاده فى النمسا، ولعبت أمريكا على أوتار العالم النامى والفقير للتشكيك فى نوايا الحضور، ووجه المتظاهرون اتهامات لتأمر العصبة على اقتصاديات الدول خاصة الفقيرة والنامية.

كما وُجهت لعصبة «بيلديربيرج» تهمة التدبير المتعمد لصناعة الأزمة المالية العالمية، التخطيط لقتل 80% من سكان العالم، وعبر عن هذه الاتهامات «أليكس جونز» مقدم أحد البرامج الحوارية الشهيرة فى أمريكا، حيث إذ قال عبر مكبر للصوت «نعلم أنكم قساة، نعرف أنكم أشرار وترغبون فى إيذاء العالم»، وهو الأمر الذى جعل الشارع الأمريكى يصف أعضاء النادى بالأشرار الذين يحاربهم «جيمس بوند» بطل اشهر أفلام الأكشن الأمريكية.

وبدا تحريك أمريكا للمظاهرات ضد اجتماع «بيلديربيرج» وكأنه نوعًا من توزيع الأدوار بين أمريكا وأوروبا، أو ذرًا للملح فى الأعين، لتبرئ أمريكا نفسها رسميًا مما يمكن أن يحدث من خطط لصالح قلة من التجمعات الاقتصادية والأقطاب السياسية العالمية على حساب المجموع الشعبى، وللحديث بقية..

 

[email protected]