رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من بداية المعرفة بعلم الاجتماع بكل ألوانه ومجالاته، ونحن نكرر الحديث عن صراع الأجيال، أو الفجوة بين الأجيال، وفى العموم فإن كل مجالات البحث كانت ولا تزال منصبة حول درجات الاختلاف -نوعا ودرجة- بين جيل وآخر. بتأمل الحالة المصرية منذ نصف قرن على الأقل يمكن القول بأن هناك إشكالية جديدة فى يمكن وصفها بـ«حالة الاغتراب» بين الأجيال. 

من منتصف سبعينيات القرن الماضى وهناك جسور تتآكل بين الأجيال فى مصر، وتحديدا مع بداية معرفة المصريين بما يسمى «الانفتاح الاقتصادى» والذى وصفه الكاتب القدير احمد بهاء الدين، بانفتاح «السداح مداح». الانفتاح الاقتصادى حتى لو تفهمنا معناه ودلالاته تحول إلى ظاهرة أقرب للفوضى غير الخلاقة –هذا اذا كان هناك ما يعرف بالفوضى الخلاقة– حسب تعبير وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس. حالة الفوضى انتقلت من دائرة المفهوم الاقتصادى للانفتاح إلى دوائر جهنمية متعددة المشارب والأهواء لهذا المعنى الذى اغتال مجالات كثيرة واغتصب أصولها فى عوالم الفن والأدب والفكر الاجتماعى والتعليم والموسيقى والغناء والتاريخ. حتى المزاج الاجتماعى العام الذى تكون بفعل تراكم التجارب التاريخية تم اغتصابه بنهار وليل وعلى مدار الساعة لصالح حيتان سياسية واقتصادية فى الداخل والخارج. 

النتيجة الطبيعية اليوم هى حالة الاغتراب بين الأجيال والتى جعلتنا أمام واقع غريب ومريب، نرى فيه الأجيال المعاصرة فى مصر اليوم وكأن كل جيل ينتمى إلى دولة غير الآخر، وكأن كل جيل لا معنى لوجوده إلا بالانفصال والقطيعة مع الجيل السابق والتالى له.. 

انقطع التواصل، وفقدنا الشعور بالألفة الاجتماعية أو بالحد الأدنى منها، والذى يمنح حياتنا معنى، ويقدم لها أكثر من سبب للاستمرار.. قرأت تعبيرا لصديقى المهندس سيد خضر كتب يقول «من يموت اليوم يكون قد نجا بنفسه من مقصلة الحاضر». 

الحقيقة إننى أكتب عن حالة الاغتراب الاجتماعى فى مصر ليس من قبيل التشاؤم، ولكننى مدفوع بألم وهم شخصى، وأذكر هنا تعريف استاذنا نجيب محفوظ للفرق بين التشاؤم والحزن، عندما قال: التشاؤم يعنى رفض الحياة، وهو إعلان للموت المبكر والطوعى لصاحبه، أما الحزن فإنه تعبير عن الألم بسبب موقف، وينتهى بنهاية المشكلة أو السبب المؤدى إليه. 

كنت أتمنى أن تتنبه مؤسسات ومراكز بحوث كثيرة فى مصر إلى خطورة مشكلة الاغتراب، والهجرة الجماعية للمجهول، لكن على ما يبدو أن حالة الاغتراب هذه ضربت مراكز أعصاب المجتمع واصابت الكثير من المؤسسات بالعطب خاصة التعليم والثقافة، وهو ما يجعلنى أحذر من المخاطر التى تحاصر عقل مصر.