رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

لا تزال إشكالية «البحث عن السفر والهجرة»، تشكِّل هاجسًا مُخِيفًا، لهؤلاء الذين ضاقت عليهم أرض الوطن بما رحبت، بحثًا عن «حياة كريمة»، أو فرصة عمل تنتشلهم من شبح البطالة والفقر، وتحقيق طموحاتٍ تبدَّدت.
كنت أتوقعها «إشكالية» خاصة بالشباب وحدهم، لكن اللافت أنها باتت فكرة متجذرة في نفوس الصغار، الذين سيطرت عليهم مبكرًا نوازع الرغبة والإلحاح في السفر، حتى أصبح يقينًا لديهم أنه لا أمل أو طوق نجاة إلا بالرحيل.
قبل أيام، دار حديثٌ عابرٌ بيني وبين أطفال صغار، لا يتجاوزون الثانية عشرة من العمر، بزيهم المدرسي، داخل إحدى عربات المترو، حيث وجهتُ لهم سؤالًا واحدًا، لكن المفاجأة أن الإجابات كانت متطابقة تمامًا!
ورغم الإزعاج الشديد الذي يحيط بنا، بسبب مضايقات وسخافات المتسولين والباعة الجائلين، إلا أنني تمكنتُ أخيرًا من توجيه سؤالي للصغار: «شايف نفسك فين بعد 10 سنوات»؟
«عاوز أسافر برا».. إجابة مختصرة وصادمة، تلخص حال كثير من شبابنا ـ صغارًا وكبارًا ـ الذين يبحثون عن «الهروب»، و«السفر»، بأيِّ ثمنٍ، وبأيِّ وسيلةٍ كانت، رافعين شعار «لا صوت يعلو فوق صوت الهجرة»!
ما يمكن أن نُسميه «الهروب الكبير» من الوطن، بات هاجسًا يؤرق الشباب، ويطغى على كل ما سواه من تفكير، حتى صار بالنسبة لهم حلمًا لا يرغبون في الاستيقاظ منه، رغم كونه «مغامرة» غير محسوبة العواقب!
ويبقى السؤال مشروعًا، حول رفض بعض الشباب، العمل داخل وطنهم، ببعض المهن المتاحة، رغم أنهم قد يعملون خارج البلاد في مهن صعبة أو «منبوذة اجتماعيًا»، لنجد المفارقة في هذا الإلحاح والإصرار على السفر والهجرة!
إذن، علينا أن نواجه مسببات ظاهرة «النزوح» و«الفرار» الشبابي، والحدِّ من تداعياتها السلبية، لأنها أزمة حقيقية تواجه المجتمع ككل، وتؤثر بشكل كبير على أهم عناصره؛ لأن الشباب هم عماد الوطن ومستقبله وركيزة البناء وخُطط التنمية.
وبمناسبة الحديث عن «الهروب من واقع صعب، أملًا في الحصول على حياة أفضل»، تحضرني قصة حقيقية، حدثت بالفعل في العام 2004، عندما تم تنظيم مباراة في كرة اليد بين منتخب سريلانكا، مع فريق ألماني.
لقد اختفى الفريق السيريلانكي بكامل أعضائه الـ23، حيث اعتقد منظمو الحدث الرياضي أن الفريق ضَلَّ طريقه، بينما كان أعضاؤه يهرولون في إحدى الغابات، ثم عُثر لاحقًا على ملابسهم، ورسالة تفيد برحيلهم إلى فرنسا، وبعدها أُعلن وصولهم إلى روما!
أخيرًا.. توقف البحث عنهم في إيطاليا، حيث لم يتم تحديد مكان أعضاء الفريق حتى يومنا هذا، لكن أغرب ما في القصة، أنه عندما تم إبلاغ الحكومة السريلانكية باختفاء فريقها القومي، تفاجأ الألمان بِرَدٍّ رسميّ بأنه لا يوجد في سريلانكا فريق قومي لكرة اليد من الأصل!
فصل الخطاب:
تقول الحكمة: «السفر يجعلك تُدرك كم هو ضئيل المكان الذي تشغله من العالم».

[email protected]