رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

هذه الأسطر موجهة إلى مسئول وإلى وزارتى «التربية والتعليم» و«التعليم العالى» واستهلها بحديث رسولنا الكريم» ص» (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء)، ولا جدال أن كل الأديان السماوية تدعو إلى الرحمة، وقى القوانين الأرضية التشريعية، يلتمس القضاة الرحمة ما استطاعوا وهم يطبقون العدل، مستندين إلى روح القانون على أمل الإصلاح للمتهمين ومنحهم فرصة أخرى للحياة السوية، فما بالنا والرحمة التى يحتاجها المرضى!.

هل هناك من يحتاج إلى الرحمة والمساعدة أكثر من مريض بمرض عضال؟، فما بال هذا المريض لو كان يحاول بكل ما تبقى لديه من قوة وطاقة ألا يستسلم لليأس ولبراثن المرض لتقضى عليه، ويحارب قسوة الحياة وآلامه من أجل صناعة مستقبل علمى ومهنى لنفسه، حتى لو كان هذا الأمل باهتًا وشاحبًا كصحته، لكنه يجاهد ليشعر أنه شيء فى الحياة حرمته من صحته ولكن لم تسلب إرادته.

إسلام، صبى يافع، النظرة فى وجهه تساوى الدنيا وما عليها بالنسبة لوالديه، كان يستعد لدخول امتحانات الثانوية العامة، وفى لحظة فجائية قست فيها الحياة، سقط إسلام مغشيًا عليه بعد نوبات صداع عنيف وقيء، اعتقد والديه إنها نزله برد أو فرط إجهاد من المذاكرة، أو أى عرض مرضى بسيط، وتم عرضه على طبيب انف أذن وحنجرة، ثم طبيب باطنة، غير أن كم الأدوية التى وصفت له لم تثمر عن أى تحسن، وإذا ببصره يضعف أيضاً فجأة، ويصاب بازدواج فى الرؤيا مع استمرار الصداع، وهنا اكتشف طبيب العيون إصابة إسلام بورم فى المخ وطالب والديه بسرعة التوجه إلى أخصائى مخ وأورام، وبالفعل تم حمله من المنصورة حيث تقيم الأسرة وجاءوا به للقاهرة، وكانت الصدمة التى كشفتها الأشعة أن الورم خبيث وبحجم برتقالة، وفى المرحلة الرابعة، أى مرحلة متأخرة، ويجب إجراء جراحة خلال ساعات تتكلف 70 ألف جنيه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال، كانت كلمات الطبيب صادمة أيضاً، بأن نتيجة الجراحة غير مضمونة، ويمكن معها أن يتوفى أو يصاب بالشلل أو بالعمى.

رفض الأب والأم الانصياع لكلام الطبيب الذى أنبأهم بمخاطر الجراحة، وتوجهوا به إلى مستشفى 57، وهناك تقرر إجراء جراحة له فى اليوم التالى استغرقت 16 ساعة، حيث تم استئصال الورم، وتركيب صمام لشفط المياه الزائدة على المخ، ولعدم توافر غرفه ليحتجز بها باقى فترة العلاج بالمستشفى، تم تحويل المنزل إلى مستشفى معقم، وقد انتقلت أسرته للقاهرة تاركة كل حالها فى المنصورة لأجله.

واعفى القارئ من المتاعب التى بذلتها الأم لتعقيم البيت وغرفته، والتعامل معه من مسافة بعيدة من خلال كمامات وملابس معقمة وأدوات خاصة، مع أنواع مخصصة من الطعام والشراب، إلخ.

وتم بعدها إجراء جراحة أخرى لاستئصال باقى الورم، وأعقب ذلك 32 جلسة إشعاع، بمعدل خمسة جلسات فى الأسبوع بجانب جلسة كيماوى، وكان إسلام يضطر للعودة للمنزل عقب كل جلسة لعدم توافر مكان بالمستشفى، وكان لكل هذا أثارًا جانبية عنيفة من ألام بشعة، التهابات بالفم والجلد والبول وغيرها، فكانت مسكنات الترامادول هى الوحيدة التى تجعله يحتمل كل تلك الآلام، وتم بعدها مواصلة جلسات أخرى للكيماوى مما اثر سلبًا على مناعته الطبيعية وأصيب جسده بالضعف العام، حتى اضطر الطبيب لتوقيف جلسات الكيماوى بعد أن بات مهددًا بالموت.

بين كل هذا كان إسلام لحكمة قدرية مصرًا على استكمال مذاكرته لخول امتحانات الثانوية العامة، عله شعور خفى لديه بالرغبة فى أن يجلب لوالديه لمسة فرحة بنجاحه، عسى أن يهون عليهم رحلة العذاب التى يخوضانها معه، كان مدمرًا نفسيا وجسديًا، لكنه يصارع ليصنع لنفسه أملًا فى الحياة، وتم عمل لجنة خاصة له فى مستشفى 57 مع تسعة آخرين من المصابين بهذا المرض الخبيث وخلال أيام الامتحان، توفى طالبان من رفاقه فى المرض والمأساة، وللحديث بقية.

 

[email protected]