رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

منذ بدء «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023، جسَّدت حرب الأشهر الستة، صمودًا أسطوريًّا للشعب الفلسطيني في غزّة «المُطَوَّقة برًّا وبحرًا وجوًّا»، حيث تتعرض لحرب تجويع وإبادة، لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
حصار خانق وترويع وتهجير وقتل وتدمير، بحقِّ شعبٍ أعزل، ومذابح جماعية وصل عدد ضحاياها 33 ألف إنسان، وأكثر من 77 ألف جريح.. كما تجاوز نصيب الأطفال والنساء الثلثين تقريبًا! 
لعل أكثر ما يلفت الانتباه في «العدوان الصهيوني الوحشي»، هو أن الأطفال دائمًا يصنعون البطولات، كأيقونة للمقاومة، وعنوان للانتصار، لأنهم روح النضال المتأجج، الذي لا يخفت بريقه تحت وطأة احتلال غاشم.
عندما نشاهد أطفال غزة تحت «القصف الوحشي»،  لـ«جيش الاحتلال الصهيوني»، وبسالتهم في الذَّود عن أرضهم، والدفاع عن شرف وجودهم، لا نجد مفرًا من الانحناء إعجابًا وفخرًا واعتزازًا بهم، والدعاء لهم، وذلك أضعف الإيمان.
أطفال غزة الذين يحلمون بوطنهم مُحَرَّرًا، يمتلكون شجاعة تتجاوز «كبارًا» متخاذلين، خانعين، مرتعبين، لأنهم لا يعرفون لغة المصالح، أو لعبة التوازنات الإقليمية والدولية، كما لا ينتابهم أيّ خوف من قوة باطشة.
خلال ستة أشهر من العدوان الوحشي، يتصدر أطفال فلسطين مقدمة الصفوف، لإعادة رسم خارطة «النخوة العربية» بدمائهم الزكية، خصوصًا أنهم لم يعرفوا يومًا معنى الجُبن أو الاستسلام، ولم يعتنقوا غير الحرية دينًا، في زمن كثر فيه العبيد.
إن وراء كل طفل فلسطينيٍّ حكاية تُروى بالدماء الطاهرة.. زهور في عمر التفتح، «محاصرون» تحت وطأة التجويع، تغتالهم آلة القتل الممنهج، في استهداف واضح لهدم الروح المعنوية وبث الرعب في قلوبهم، والقضاء على شعاع نور قد يُولد من جديد.
تحضرني قصة مؤثرة، كتبها غسان كنفاني، إهداءً لابنة شقيقته، عام 1963، في مقدمة كتاب «القنديل الصغير»، تروي ما حدث لابنة الملك التي تتسلم وصية أبيها، بأن تحاول إدخال الشمس إلى القصر، لتتمكن من نَيْل لقب الأميرة، وإن لم تستطع سيكون مصيرها قضاء حياتها داخل صندوق مغلق، وعندما فشلت محاولاتها، وصلتها رسالة تدعوها للاستمرار بالمحاولة، ثم يأتي عجوز لمساعدتها، غير أن رجال القصر يمنعونه من الدخول، فيصيح بأعلى صوته حتى تسمعه: «قولوا لها إذا لم يكن بوسع مُسِنٍّ دخول قصرها، فكيف تطمح أن تدخل الشمس إليه»؟
تنتهي القصة برجال يحملون «قناديل صغيرة» مضيئة، لكنهم لم يتمكنوا من دخول القصر لأن أبوابه صغيرة جدًا، لذلك طلبت الأميرة أن يهدموا الأسوار العالية ليتسنى لهم الدخول.. وحينها بدأت الشمس تُشرق، وتدخل أشعتها إلى القصر.
أخيرًا.. على مدار 180 يومًا، ترحلُ البراءةُ من عيون أطفال فلسطين، لتحلّ محلها مسؤولية الذود عن الأرض، كما يرحلُ اللهو الطفوليّ ليحلَّ محلّه العهدُ الصعبُ بتحرير الوطن.

فصل الخطاب:
يقول «محمد الماغوط»: «يموتُ مَن لا يستحق الموت، على يد مَن لا يستحق الحياة».

[email protected]