رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

أيام فقط تفصلنا عن «الأول من أبريل»، الذي يعتبره البعض يومَ «الكذب» أو «المزاح» ـ كما جَرَت العادة في كل عام ـ لارتباطه بالحماقة والخداع والتدليس في أذهان الكثيرين.
وسواء أكانت تلك العادة، تقليدًا أوروبيًا، يعود للقرن الرابع عشر أم التاسع عشر، فإنها انتشرت حول العالم، وأصبحت واحدة من التقاليد الشعبية، باستخدام «الكذبات»، ولذلك يُسمى مَن يُصدقها «السمكة» أو «الضحية»!
ومهما تكن «كذبةٌ» أم «عادةٌ»، فقد أطلقها الغرب، كنوعٍ من الفكاهة، لتنتقل إلى عالمنا العربي، الذى أدمنها بشكل مختلف، حتى باتت مرتبطة بالكذب، وأصبحت «الكذبات»، مسلسلًا مستمرًا على مدار العام، وليس أول أبريل فقط!
للأسف، لقد استقر «الكذب» في نفوس البعض، ليصبح عندهم «عبادة» وليس «عادة»، فيما كثيرون يعتبرونه نوعًا من الذكاء الاجتماعي، أو منهجية للتكسب والارتزاق، رغم علمهم المسبق أن «حبل الكذب قصير»!
خلال النصف الأول من شهر رمضان المبارك ـ وكعادتي منذ عقد من الزمان ـ لا أتابع تلك الجرعة الزائدة من «السخافات»، التي تُعرض على الشاشات، ربما لقناعتي الشخصية بأنها نوع آخر من «الكذب» الذي يتكرر كل عام.
وبما أننا نتحدث عن «الكذب»، فقد شاهدتُ مؤخرًا فيلم «أنا لا أكذب ولكنِّي أتجمَّل»، الذي أنتجه التليفزيون المصري عام 1981، حيث أبدع «إحسان عبدالقدوس»، في وصف عقلية وعُقَد وتناقضات شخصية الكاذب المُتجمّل.
الآن، ربما نعيش واقعًا مشابهًا تمامًا لما فعله بطل الرواية والفيلم، لكن ثمّة فارق جوهري، بين كذب البطل الرومانسي الحالم، والكذبة الكبرى التي نحياها.. الأول يكذب على نفسه بالأساس، ويعيش الوهم حتى يكاد يصدِّقه، أما النوع الآخر، فهو عبارة عن تصريحات «وردية»، لهؤلاء المسؤولين الذين يُدركون جيدًا ماذا يفعلون، ويُجَمِّلون الواقع المرير.. ربما لتجاوز أزمة أو خروج ـ مؤقت ـ من مأزق، أو لمداراة إخفاقات متتالية.
لعل أصدق تعبير عن حياتنا البائسة، تلك الجُمَل الحوارية التي بَرَع فيها «محمود أبوزيد»، في فيلم «البيضة والحجر»، الذي تم إنتاجه عام 1990، بين «مُستطاع الطَّعْزي» و«توالي جنيح»: «وتضمن منين إنك تنجح في خداع الناس كل مرة؟»، ليردَّ عليه: «النجاح مضمون»، ثم يسأله: «طب إزاي؟»، ليُجيب: «خوف الناس من المستقبل بيسببلهم قلق، والقلق بيزوِّد استعدادهم لتقبل الإيحاء، وفي ظل الإيحاء، الناس بتصدق أي حاجة»!
أخيرًا.. نعتقد أن «الكذب» هو «الكذب».. كله سُوء، وإثمه أكبر من نفعه، ولا يوجد له مبرر أو منطق، ولذلك فإن أشدَّ أنواعه ضررًا، ما قد يُطلق عليه «الكذب السياسي»، أو «سياسة الكذب»، التي صارت مدرسة فريدة، لها أساتذتها ومناهجها وروّادها وخريجوها وعباقرتها وأغبياؤها.. وهم كثر!
فصل الخطاب:
التقى صديقه بعد غياب، فسلَّم عليه وسأله متعجبًا: «يقولون إنك ميتٌ؟ فأجابه: كذبوا، وها أنا واقفٌ أمامكَ حيٌّ أكلمك.. فقال له: لكن الناقل ثقة»!

[email protected]