رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خط أحمر 

كان ونستون تشرشل رئيسًا لوزراء بريطانيا فى زمن الحرب العالمية الثانية، وكان يردد دائمًا أن الديمقراطية ليست أنسب أنظمة الحكم كما قد يتصور بعض الناس، وأن المشكلة هى أن العالم لم يتوصل بعد إلى نظام حكم أفضل منها، وإلى أن يتوصل لذلك ستبقى الديمقراطية أفضل نظم الحكم التى عرفها البشر. 
ولو أنك بحثت عن عاصمة تعيد تذكيرك بزاوية محددة فى هذا المعنى الذى عاش تشرشل يردده، فلن تجد إلا تل أبيب التى تتخذها الدولة العبرية عاصمةً لها. 
ذلك أن الذين يتابعون الحرب الوحشية التى تشنها حكومة بنيامين نتنياهو على المدنيين فى قطاع غزة، يكتشفون أن هذه الحكومة تقول عن نفسها إنها جاءت من خلال العملية الديمقراطية المعتادة إلى مقاعد الحكم، وسوف يكتشفون أنها تمارس ما تمارسه باسم هذه الديمقراطية، وأن المظاهرات التى خرجت تحتج فى تل أبيب لم تفلح فى إزاحتها عن مقاعدها ! 
لقد دمرت غزة وحولتها إلى ركام، وقتلت النساء والأطفال فيها، وتجاوز عدد الذين قتلتهم الثلاثين ألفًا منذ بدأت الحرب فى السابع من أكتوبر، وكلما احتج العالم واعترض قالت إنها حكومة منتخبة، وأن الناخب الإسرائيلى هو الذى جاء بها، وأنها تفعل ما تفعله باسم ناخبيها !.. وقد يكون هذا صحيحًا، ولكن الأصح منه أن هذا الناخب نفسه عاجز عن تغييرها، وغير قادر على طردها من مقاعدها. 
هو عاجز عن ذلك وغير قادر، رغم أن آخر استطلاعات الرأى التى جرى الإعلان عنها فى اسرائيل يوم الخميس ٧ مارس، تقول إن الثقة فى هذه الحكومة تراجعت من ٢٨٪ عند بدء الحرب إلى ٢٣٪، وأن هذا معناه أن الانتخابات لو جرت اليوم فسوف تسقط حكومة نتنياهو بالتأكيد. 
ومع ذلك كله، فالحكومة لا تزال فى مقاعدها، ولا تزال تدمر وتقتل، ولا يزال الناخب الذى جاء بها عاجزًا عن إخراجها.. وهذا أمر لم يحدث من قبل فى تاريخ اسرائيل كله.. ففى كل مرة مماثلة أو مشابهة من قبل، كانت الانتخابات تجرى على الفور، وكان رئيس الوزراء يتغير، وكانت حكومة جديدة تأتى. 
إلا هذه المرة التى يعرف نتنياهو فيها جيدًا، أن إجراء انتخابات جديدة لا تتوقف نتائجه عند حد تغيير حكومته، وأن النتائج سوف تمتد إلى محاسبته ووقوفه أمام العدالة مرتين: مرة عن قضايا فساد متهم فيها من أيام ما قبل الحرب، ومرة أخرى عن مسئوليته عن هجوم السابع من اكتوبر، وعن تقصيره الذى أدى إلى وقوع الهجوم، وفى الحالتين فإن الإدانة تنتظره ومن بعدها العقوبة التى ستراها العدالة مناسبة. 
كان الأستاذ الإمام محمد عبده يكره السياسة، وكان يلعنها ويلعن كل مفرداتها، وكان يقول لعن الله السياسة، وساس، ويسوس.. ولا بد أن كل متطلع إلى ما تمارسه حكومة التطرف فى اسرائيل يردد ما كان يردده الأستاذ الإمام، ولكن مع الديمقراطية ومفرداتها هذه المرة.