رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

مع قراءتك لهذه الكلمات يكون قد مضى على الحرب على غزة خمسة شهور والنصف بالتمام والكمال، ما يجعلها، كما أشرنا من قبل، الأطول فى تاريخ الصراع مع إسرائيل. ورغم طول الفترة إلا أنه لا يبدو ان لها نهاية فى الأفق، إن لم يكن على العكس، حيث تشير الأمور إلى أنها مفتوحة على الاستمرار، ولفترة غير قصيرة حال بدء العملية العسكرية المزمعة فى رفح.
من جانب آخر، فإن أى متابع يمكن له أن يلمس ان هذه الحرب، هى الأكثر التى لاقت مناشدات دولية بوقفها. على صعيدنا العربى ما اكثر القادة الذين لم يخل تصريح لهم إلا من التأكيد على ضرورة وقف النار. وتمتد المناشدات إلى جهات دولية أخرى أوروبية أو أممية وغيرها، بل إن الولايات المتحدة، كما يبدو من واقع التطورات، كان لها دورها فى الدعوة إلى وقف العمليات العسكرية ولو بشكل مؤقت، ورغم ذلك فإن الدولة العبرية تتعامل بمنطق دع العالم يناشد والعمليات العسكرية تسير!
السؤال الذى يطرح نفسه: لماذا لم تتوقف الحرب رغم كل ذلك؟ هل هى عجرفة إسرائيلية تجعلها فوق المساءلة الدولية؟ هل هو ضعف من المجتمع الدولى، رغم قناعته ببشاعة ما يجرى لحد ارتقائه إلى حرب إبادة ضد شعب أعزل؟ ولو أن الأمر كذلك، فلماذا يظهر ذلك المجتمع الدولى أنيابه فى حالات أخرى أقل سوءا وأقل خسائر وأهوالا؟
فى تقديرى أن استمرار الحرب حتى الآن رغم إدانتها من القريب قبل البعيد، هو ما يمكن وصفه بغياب الإرادة الدولية لتحقيق ذلك الهدف. والمقصود هنا هو مجموع مواقف الدول الفاعلة فى النظام الدولى وعلى رأسها الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل منذ بدء الحرب، دعك طبعا من كل الادعاءات حول مساعٍ أمريكية محمومة وجولات مكوكية لوزير خارجيتها بلينكن لتحقيق هذا الهدف.
صحيح أن وجود حكومة متشددة متطرفة فى إسرائيل بزعامة نتنياهو يمثل وقودا لاستمرار الحرب إلا أن المؤكد ان تل أبيب تتمتع بل وتضمن التدخل الأمريكى للحيلولة دون اجراءات رادعة ضدها على صعيد المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وليس أدل على ذلك من حق الفيتو الذى استخدمته واشنطن اكثر من مرة لعرقلة أى قرار أممى لوقف النار.
اذن كيف يمكن تفسير عملية التلاسن الظاهرى بين بايدن ونتنياهو؟ هو خلاف فى التكتيك وليس الموقف العام.. فالهدف من الحرب واحد لدى الطرفين ولكن أسلوب تحقيقه هو الذى يختلف. عند بايدن يجب العمل على مهلة لفترة مؤقتة يتم خلالها استعادة المحتجزين وتهدئة الرأى العام الدولى وتهيئة الظروف لعملية نقية خالية من التعامل مع المدنيين.. أما نتنياهو فالأمر عنده لا يفرق! يؤكد ذلك الانباء التى اشارت إلى توجه وفد اسرائيلى عسكرى ودبلوماسى إلى واشنطن خلال أيام لعرض خطة عملية رفح وبما يحقق المطالب الأمريكية بأن تكون عملية نظيفة من دم المدنيين!
الأمر ذاته ينطبق وإن بشكل أقل حدة على المستوى الغربى، حيث تتوافق دول أوروبا على أن حماس والمقاومة الفلسطينية صداع مزمن يجب التخلص منه والمشكلة فى نمط تحقيق هذا الهدف.. ويفسر ذلك لغة الدبلوماسية الغربية غير الحاسمة فى الدعوة لوقف الحرب.
وربما يمتد الأمر نفسه إلى روسيا التى ينظر اليها البعض على انها داعمة للحقوق الفلسطينية، فقد جاءت تلك الحرب لتصرف الأنظار عن أوكرانيا حيث تشن موسكو حرب واسعة هناك، بل وربما تساهم الحرب على غزة فى تخفيف الدعم العسكرى لكييف، وهو أمر حدث بالفعل فى بدايات العمليات العسكرية فى غزة.
لعل ذلك يفسر أن باب الحرب الموارب لم يغلق بعد وقد لا يغلق قريبا.. تاركا المقاومة الفلسطينية تواجه حالة فريدة تتكاتف فيها كافة الظروف والأطراف -للأسف- ضدها.
[email protected]