رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طلة

مات أخى وحبيبى, مات الصحفى المثال.. يا مية خسارة ع الرجال.. هذا أمر الله يا صديقى ولا راد لقضائه وإنا لله وإنا إليه راجعون. حان وقت الراحة يا رفيق الرحلة والحياة.. الآن لا خوف عليك يا أشرف ولا أنت بإذن الله من الذين يحزنون, نحسبك على خير يا رجل ولا نزكيك على الله.. الآن أنت بين يدى رءوف رحيم. ستكون هناك آمنًا مطمئنًا تلقى وجه كريم راض عنك.. عفو كريم يحب العفو, أعد لك ولأمثالك جنة عرضها السموات والأرض فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلبك يا أشرف. أيها الصديق الصدوق الذى تعلمت منه فى حياته وهأنذا أتعلم من رحيله كيف تكون صاحب قضية تدافع عنها حتى لو كان العالم كله ضدك, مؤمنًا بأنك على حق حتى لو لامك أقرب المقربين، واثقا من عدل الرحمن الرحيم.

عرفت أشرف سويلم تقريبًا فى أول يوم خطوت فيه أول خطواتى فى بلاط صاحبة الجلالة, كان ذلك تحديدًا فى منتصف الثمانينيات حيث تخرجت مايو 1985 والتقيت أشرف فى نفس الشهر. كان فى ذلك الوقت نجما من نجوم جريدة الجمهورية, بينما كنت أتلمس طريقى فى عالم الصحافة, كان أشرف قد تخرج فى معهد الفنون المسرحية وقبل تخرجه كان قد التحق للعمل صحفيا تحت التمرين فى الجمهورية. كان لقاؤنا ينطبق عليه الحديث الشريف: «الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف». بيد أن روح أشرف سويلم كانت متآلفة مع العالم كله، حيث كان يكفى لقاء واحد معه لتشعر أنك فى حضرة صديق تعرفه منذ نعومة أظافرك. لذا كان مكتبه فى الدور الأول من دار التحرير 24 شارع زكريا أحمد ملتقى جمع من الناس من مختلف الفئات والأعمار والتخصصات فى الجريدة, ليس ذلك فقط على مستوى الصحفيين باختلاف خبراتهم ودرجاتهم المنهية من أصغر محرر إلى رؤوساء التحرير, ولكن أيضًا على مستوى الزملاء فى الادارة والعمال وحتى باعة الصحف والموزعين فى الشوارع. كنا نعرف أنه فى مكتبه لو لمحنا ذلك الزحام الذى يتبع وصوله للجريدة, فقد كان أشرف شخصية شعبية جاذبة, عاشقا للناس محبا حقيقيا لهم لا ينتظر منهم شيئًا، بل كانت يده دائمًا ممدودة بالعطاء للجميع.

منذ اليوم الأول صرت وأشرف لا نفترق إلا لحظات قليلة. جمعتنا الصحافة بحلوها ومرها كما ساهمت العزوبية فى تلك الأيام فى أن نقضى كل الوقت معًا, ننتهى من العمل مساء لنبدأ رحلتنا فى عالم الليل, نذهب إلى شقته فى شارع قدرى بالسيدة زينب، بعد ان نمر على أقرب محل تأجير شرائط الفيديو, نختار كل ليلة فيلمين ثلاثة ونسهر نتسامر ونضحك ونناقش كل مشاكل الكون وليست الصحافة فقط, نغفو ونستيقظ ونظل على هذا الحال حتى شروق الشمس. وكانت صفحة الموسيقى والغناء التى أسسها أشرف سويلم فى الجمهورية هى مفتاح النجاح والشهرة لأى مطرب أو ملحن أو شاعر أغانٍ. شاهدت بعينى كيف كان النجوم الجدد فى ذلك الوقت أمثال محمد منير وعمرو دياب وإيهاب توفيق وحميد الشاعرى ومحمد فؤاد يتسابقون لكى ينشر أشرف اخبارهم ويكتب عنهم فى عموده الشهير غنائيات. كانت صفحة مليئة بالحيوية ومفعمة بالنشاط والشباب. كنا كمجموعة سكرتارية التحرير نتنافس على إخراجها أسبوعيا. كان أشرف يصرف راتبه وربما يقترض من والده ليتمكن من ظهور صفحته فى أبهى صورها. يشترى كل المجلات الفنية المحلية والعالمية مهما كانت أسعارها، حيث خصص فى صفحته ركنًا للموسيقى الأجنبية يتابع من خلاله أخبار نجوم الغناء العالميين، كما ابتكر فكرة نشر كلمات أغنية أجنبية بنفس لغتها مع ترجمتها للعربية مع صور الفرق الغنائى أو المطرب والمطربة, كما كان أشرف سويلم أول من ربط قراءه بصفحته باشراكهم فى تحريرها من خلال ترشيحهم للأغانى التى يريدون ترجمتها أو من خلال الاستفتاء السنوى الذى كان يجريه بينهم باختيار مطرب ومطربة العام وكان نجوم الطرب ينتظرون نتيجة الاستفتاء بفروغ صبر، ليعرف كل منهم ما حقق من نجاح أو تراجع فى تلك السنة. وكان رحمه الله شديد الإخلاص لأى عمل يقوم به. اعتاد أن يكون الأول دائمًا ليس فقط كصحفى بل فى كل ما تعرض له من ظروف الحياة, فهو محامٍ بارع إذا لزم الأمر يكتب مذكرات كان يندهش من براعتها كبار المستشارين, وفى أيامه الأخيرة تفرغ لكتابة بعض خواطره عن بعض آيات القرآن وكان يرسل لى وأنا فى أمريكا كل يوم ما كتبه وأرسل لى يبشرنى أنه بصدد الانتهاء من موسوعة دينية متكاملة.

سأفتقدك كثيرا يا أشرف ايها الانسان المثقف الراقى النبيل, رحمك الله وألحقنا بك فى الغرفات، حيث السلام الدائم بلا منغصات، وحيث الراحة والنعيم المقيم.

[email protected]