رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

بعد حرب أكتوبر 1973، تغير التوجه المالى للدولة المصرية من الاشتراكية إلى الرأسمالية والاقصاد الحر، فيما عرف بسياسة الانفتاح أيام حكم السادات. ارتبطت تلك الفترة فى مصر بنمو رؤوس الأموال الصغيرة التى كانت موجودة فى ظل النظام الاشتراكى وتحولها لرؤوس أموال كبيرة وظهور طبقة ثرية فى مصر كانت قد اختفت فيما قبل عام 1952. نتيجة لبدء ازدهار النظام الرأسمالى فى مصر غيرت العديد من المحلات التجارية نشاطها وظهرت بمصر مراكز التسوق الخاصة والعديد من الأنشطة الاقتصادية التى كان يحظرها النظام الاشتراكى.
اقترنت تلك الفترة سياسيًا بالاتجاه إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية كشريك رئيسى لمصر والاتجاه إلى إضعاف العلاقات مع الاتحاد السوفيتى والقوى الاشتراكية الأخرى. خلال تلك المرحلة انتقلت البلاد مرة أخرى إلى التعددية الحزبية التى كانت قد ألغيت بعد 1952، اقترنت تلك المرحلة أيضاً ببدء نمو النفوذ السياسى للجماعات الإسلامية بعد الإفراج عن الجماعات الإسلامية. ضعفت العلاقات المصرية الإيرانية خلال تلك الفترة بشكل ملحوظ بعد استقبال مصر «محمد رضا بهلوى» شاه إيران بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، وما لبث أن قطعت العلاقات تمامًا بعد اغتيال السادات.
أدى الانفتاح الاقتصادى إلى تجزئة الاقتصاد المصرى، فقد تحول إلى مجموعة متمايزة وأحياناً متنافرة من الاقتصاديات، فلم يعد الأمر مقصورًا على القطاعين العام والخاص والقطاع التعاونى، وإنما ظهرت إلى جانب هذه القطاعات أربعة قطاعات أخرى هى: القطاع المحلى المختلط القائم على المشاركة بين رأس المال المحلى ورأس المال العام، والقطاع الأجنبى الخالص المملوك للأجانب، والقطاع المشترك الذى يقوم على المشاركة بين رأس المال العام ورأس المال الأجنبى، وبالتالى أصبح الاقتصاد المصرى منقسمًا إلى أجزاء عديدة، فلكل منه قواعده وآلياته الخاصة، مثل السوق الخاص وقواعد خاصة بالتسعير وتشغيل العمال والتمويل. أدى الانفتاح إلى إضعاف القطاع العام والذى كان يمثل الركيزة الأساسية لما حدث من نمو اقتصادى فى الستينيات، وكان الأداة الفعالة للسيطرة المركزية على الاقتصاد والسند الرئيسى فى ممارسة التخطيط، وإذا كان القطاع العام لم يتعرض بأكمله للتصفية الجسدية فى زمن الانفتاح، فمن المؤكد أنه قد تعرض لما هو أخطر، وهو التصفية فى زمن الانفتاح، وهو التصفية الروحية والتفريغ المعنوى.. فقد انخفض نصيب القطاع العام فى الاستثمارات الإجمالية بانتظام من نحو 77٪ فى عام 1979، إلى نحو 75٪ خلال سنوات الخطة الخمسية (82-83)، (86-87)، ولا يقل أهمية من ذلك ما جرى للقطاع العام من استنزاف للخبرات والمهارات والعمالة المدربة، ليس فقط بالهجرة إلى الدول العربية، بل وانتقالها إلى الشركات الانفتاحية، أى تشغيل القوة المنافسة للقطاع العام ذاته.
وأدى الانفتاح إلى ظهور مراكز قوى جديدة، فقد نشأت مراكز قوى اقتصادية اكتسبت نفوذًا وهيمنة لا يستهان بها على توجيه السياسات الاقتصادية ووضع القرارات العامة.
كما أدى الانفتاح الاقتصادى إلى «نمو هش» فى الاقتصاد المصرى، فهو نمو خدمى بالدرجة الأولى لم تكن الأولوية فيه للقطاعات السلعية كالتجارة والتوزيع والمال والإسكان الفاخر والنقل الخاص وسياحة الأغنياء.. فيما بلغت معدلات النمو فى القطاعات الخدمية من 2٪ على أكثر تقدير.
ولم يتعد معدل النمو فى قطاع الصناعة والتعدين 6٪ طبقًا للإحصاءات الرسمية، كذلك فإنه نمو لا يستند إلى عناصر القوة الذاتية للاقتصاد المصرى بقدر ما تستند  إما إلى اعتبارات طبيعية كالطفرة فى استخراج البترول وتصديره أو اعتبارات خارجية مثل حركة الملاحة العالمية وتأثيرها على إيرادات قناة السويس أو الأوضاع الخاصة بدول الخليج وتأثيرها على استيراد العمالة المصرية، أو تدفق الاستثمارات الخارجية.
أدى الانفتاح إلى تفشى الطفيليين وقد اتخذ النشاط الطفيلى صورًا عديدة مثل استغلال النفوذ السياسى والإدارى، والارتشاء، والمضاربة فى الأراضى والمبانى وتضخيم الأزمات والاتجار فى السوق السوداء والتهريب، والتهرب من دفع الرسوم والضرائب الجمركية والاستيلاء على أموال الدولة وغيرها مما ظهر فى محاكمات الفساد بعد رحيل السادات واتهم الانفتاح بأنه سداح مداح!