رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أيام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كان لرجل درهمان فقط، فتصدق بأحدهما وأبقى الآخر لأهله. ورجل آخر ذهب إلى جانب ماله، وفيه إشارة إلى كثرة ماله، فتصدق منه بمائة ألف درهم، فقال رسول الله فى الحديث الذى رواه أبو هريرة: زاد أجر درهم واحد وتقدم ثوابه على أجر وثواب مائة ألف درهم، مع أنه أقل فى العدد كثيرًا؛ لكن ميزان الحسنات والسيئات لا يعتمد على العدد فقط، لذلك قال الصحابة الحاضرون محبو رسول الله حينما حدث بهذا الحديث: وكيف يسبق درهم واحد مع قلته مائة ألف درهم مع كثرتها؟ فبين (صلى الله عليه وسلم) سبب سبق الدرهم الواحد على هذه الدراهم الكثيرة أن الفقير يتصدق بما هو محتاج إليه بخلاف الغنى، فإنه يتصدق بفضول ماله. تذكرت هذا الحدث بمناسبة قيام بائع البرتقال الصعيدى الشهم البسيط «عم ربيع» بإلقاء ثمار البرتقال أعلى شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة أثناء مرورها بمنطقة الحوامدية بجوار الفرش الذى يبيع من خلاله الفاكهة.
الثوانى التى التقطها أحد الأشخاص لـ«عم ربيع» الفكهانى لقيت رواجاً واسعاً وتصدر «عم ربيع» الأخبار المحلية والعربية بسبب تصرفه العفوى لدعم أهالى غزة جراء عدوان وحصار إسرائيلى محتل غاشم للشهر الخامس دون توقف على المدنيين العزل!
عم ربيع لا يسعى إلى الترند، ولا يعرف شيئاً عن الشهرة والهوس التكنولوجى، ولكنه بائع بسيط تطوع بكل ما يملك للتضامن مع أهالينا فى غزة على طريقته الخاصة من قوت أولاده. ولكنه بتصرفه التلقائى البسيط حظى بثناء واسع من جانب مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر، من خلال مشاركة المقطع المتداول على نطاق واسع، بخلاف التعليقات الإيجابية المدونة خلال مختلف المنشورات.
كشف عم ربيع ابن الصعيد أنه أقدم على إلقاء الفاكهة على شاحنات المساعدات المسافرة لدعم أهالى غزة، وطلب من السائقين إيصالها لهم هدية منه، وتضامناً مع الأشقاء وأعطى السائقين بعض ثمار الفاكهة لتناولها فى الطريق، وضمان وصول هديته لأهالى غزة.. إنه أقدم على هذا التصرف التلقائى البسيط فى قيمته المادية، ولكنه كبير فى رسالته، ومعناه، رغم قيامه بشراء بضاعته من برتقال وأنواع أخرى من الفاكهة التى يبيعها على الطريق فى الحوامدية عن طريق «الدين»، أى يسدد ثمنها فى وقت لاحق للتجار.
وأوضح عم ربيع الذى أعطانا درساً فى أهمية التصدق، حتى لو كان بشق ثمرة أنه تفاعل مع مرور مشاحنات المساعدات بسبب متابعته لتطورات الأحداث فى قطاع غزة عبر وسائل الإعلام، ولم يلقِ بالاً للديون المستحقة عليه.
رغم بساطة تصرف بائع البرتقال عم ربيع إلا أنه ينطبق عليه حديث رسول الله لأنه أنفق مما يحتاج إليه لقوت يومه، وأثبت لنا أنه أفضل من المحتكرين الذين يملكون الملايين، ويخفون السلع لرفع أسعارها على الشعب، وأفضل من التجار الجشعين، وأفضل من أصحاب المليارات التى لا يتصدقون منها.
عم ربيع ذكرنا بأن صدق المعنى أفضل من صدق الغنى، وأن الفقير يتصدق بما هو محتاج إليه بخلاف الغنى الذى يتصدق من وسع ماله. فعلًا الدنيا ما زالت بخير رغم المآسى والحروب والجشع والصراع.