رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

يعقد مجلس أمناء الحوار الوطنى اليوم السبت اجتماعاً لوضع جدول أعمال الدورة الثانية من جلسات الحوار، والاتفاق على الموضوعات التى ستجرى مناقشتها، ونوعية وعدد المدعوين إليها. ويأتى الاجتماع قبل نحو أربعة أسابيع من بدء شهر رمضان، ما قد يعنى أن استمرار جلساته فى الشهر الكريم غير متوقعة. كما يأتى استجابة لدعوة الرئيس السيسى فى خطابه فى عيد الشرطة إلى حوار وطنى اقتصادى أعمق وأشمل. لكن دعوة الرئيس لحوار أكثر عمقاً وشمولية للأزمة الاقتصادية، لا تتوافق مع دعوة مجلس الأمناء لتلقى اقتراحات الأحزاب والسياسيين والخبراء من أجل إعلان الجدول الزمنى لجلسات محاوره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ما يشى بأن كل القضايا ستكون مطروحة للنقاش مرة أخرى، بما لا يتيح فرصة حقيقية لمناقشة الأزمة الاقتصادية، أو حتى غيرها من الأزمات نقاشاً أكثر شمولاً وأكثرعمقاً.

كانت جلسات الحوار الوطنى قد أنهت دورة أعمالها الأولى على عتبات الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بعد نحو سبعة أشهر من النقاش حول محاورها. ومن المفترض أن يعلن المنسق العام للحوار الوطنى ضياء رشوان فى نهاية اليوم، وقبل بدء جلسات الدورة الجديدة، مصير التوصيات التى خرجت من الجولة الأولى وتم رفعها إلى الرئيس السيسى، وما تم تنفيذه منها، ونوع العوائق التى قد تكون اعترضت تحول بعضها إلى إجراءات تنفيذية.

والملاحظ من متابعة جلسات الدورة الأولى للحوار أن بعضاً من الخلل قد أصاب تنظيم النقاش. ومن بينه مثلاً أن المشاركين فى الحوار كانوا يفاجأون بالمحور المراد مناقشته، أو يعلمون به فى وقت لا يكفى الاستعداد لنقاشه، وربما حتى لم يشاركوا فى تحديدهومن بينه أن منح كل متحدث أربع دقائق فقط لطرح فكرته، قد جعل الأمر كأنه بات منصة لتسجيل الحضور وليس لتقديم بدائل لسياسات قائمة كما هو المفترض من الحوار، بينما تم فتح المجال لأعضاء مجلس الأمناء للتحدث دون أية حدود زمنية. وهو وضع يعكس المعادلة الموضوعة للحوار، إذ إن مجلس الأمناء من واجبات عمله تنظيم النقاش بين المشاركين فى الحوار، وتلقى اقتراحاتهم بشكل مكتمل، وليس إلقاء محاضرات عليهم، لكى يطلق عليه من يراهنون على فشله، أنه مجرد مكلمة لا طائل من ورائها.

تعقد الدورة الثانية من جلسات الحوار الوطنى ومصر تحيط بها التحديات من كل جانب. ومخاطر تهدد الأمن القومى للبلاد على حدودها الجنوبية والشمالية والغربية. وأصبح جلياً التواطؤ الأمريكى مع إسرائيل لمواصلة حربها البرية فى رفح، لكيلا يجد الفلسطينيون ملاذاً آمناً سوى العبور إلى سيناء، ويصبح تهجيرهم أمراً واقعاً مفروضاً على الإدارة المصرية، ومتحدياً رفض هيئة الأمم المتحدة الإقدام على تلك الخطوة. وبدلاً من الجولات العبثية لوزير الخارجية الأمريكى التى تريد لنا أن نقتنع بخلافات بين واشنطن وتل أبيب، تستطيع إدارة بايدن لو أرادت، وقف شاحنات الذخائر والأسلحة والأموال التى بلغت حتى الآن 17 مليار دولار لإجبار نتنياهو على وقف حرب الإبادة الجماعية التى يشنها على الشعب الفلسطينى، ومنعه من الإقدام على تلك المخاطرة. لكنه توزيع الأدوار بين قوى الغرب الاستعمارى!

وجاءت القرارات الأخيرة التى أصدرها الرئيس السيسى لرفع جديد فى الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات، لتخفف من حجم الضغوط المعيشية العاتية على معظم المواطنين. لكن تلك الزيادات تظل خطوة جزئية فى مسار معالجة جذرية لم تبدأ بعد، للأزمة الاقتصادية الراهنة. ولا بديل عن الاعتراف بأن التحايل الحكومى الدائم على أسبابها الداخلية قد فاقمها، فمعدلات التضخم ترتفع وتتجاوز نسبته 33% وقيمة الجنيه تواصل الانخفاض، فضلاً عن نقص فى العملة الصعبة، وفوضى لا مثيل لها فى الأسواق، وغلاء مسعور يلتهم كل زيادة فى الرواتب والأجور، واختفاء سلع أساسية كالسكر والأدوية، وفجور لا شبيه له من مافيا التجار والمستوردين الذين يحتكرون الأسواق، وغدوا يتحكمون فى رقاب الناس وحكومتهم!

تملك مصر جيشاً لا يستهان بقوته فى التصدى للمخاطر التى تهدد أمنها القومى. لكن استمرار الأزمة الاقتصادية دون علاج جذرى لأسبابها، يشكل بدوره تهديداً للأمن القومى والسلم الاجتماعى. ويغذى الإخفاق فى التوصل لنموذج تنموى صناعى وزراعى منتج حالات الانقسام الاجتماعى، ويزيد الفقراء فقراً، ويعزز تفاقم الأزمة الاقتصادية. ولكل تلك الأسباب ولغيرها، ربما يكون من الضرورى أن تقتصر الدورة الراهنة من الحوار الوطنى على مناقشة شاملة للأزمة الاقتصادية كما دعا الرئيس. وألا يدعى إليها سوى خبراء ومختصين من الاقتصاديين من مدارس فكرية متنوعة، ومن منفذى السياسات الاقتصادية القائمة، لكى يدركوا أنه ليس من المستحيل التوصل لمشتركات بينهم وبين معارضى تلك السياسات لأجل الصالح العام.