رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خط أحمر 

لا أظن أن المحنة التى يتعرض لها السودان هذه الأيام قد سبقتها محنة مماثلة أو حتى شبيهة فى تاريخه منذ الاستقلال. 
وقد مرت المحنة بمراحل عدة منذ أن اشتعلت الحرب فى الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣، بين قوات الدعم السريع التى يقودها محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، وبين قوات الجيش التى يقودها الفريق عبد الفتاح البرهان. 
مرت المحنة بمراحل متعددة، وكانت كل مرحلة منها أفدح من الأخرى، وتابعنا فى إحدى مراحلها كيف أن قوات الدعم السريع قد أفرجت عن أسرى عندها للجيش!، وهل هناك ما هو أفدح من أن يأسر مواطن سودانى يعمل لدى قوات الدعم السريع مواطنًا سودانيًا مثله يخدم فى الجيش؟. كنا نتصور وقت الإفراج عن أسرى الجيش أن هذا هو ذروة المأساة، فإذا بنا أمام ذروة أخرى لم تكن على بالنا. 
هذه الذروة تستطيع أن تراها مُتجلية فى تصريح أطلقه مالك عقار، نائب الفريق البرهان، فى السادس والعشرين من يناير! قال مالك عقار إنه طلب من قواته، أى قوات الجيش، تحرير مدينة ود مدنى عاصمة ولاية الجزيرة الواقعة فى وسط البلاد، وهى مدينة مهمة من حيث موقعها، ويعتبرها السودانيون: صُرة السودان! 
تحرير ود مدنى ممن؟ إن التصريح يوحى للوهلة الأولى وكأن عدوًا قد غزا المدينة فاستولى عليها، وأصبح على جيش البلاد أن يحررها من الاحتلال!.. أو كأن قوات معادية قد أغارت على ود مدنى فعسكرت فيها واحتلتها! 
لم يحدث هذا ولا ذاك طبعًا، وكل ما فى الأمر أن دقلو دخلها بقواته واستولى عليها، ثم طرد منها قوات الجيش، فلم يجد أهلها مفرًا من الخروج والنزوح إلى مدينة سودانية أخرى لا تكون قد وقعت فى قبضة "الاحتلال" بعد! 
ليس هذا وفقط، ولكن سودانيين مدنيين كانوا قد نزحوا إليها من مناطق الحرب، فلما دخلتها قوات الدعم السريع كان عليهم أن ينزحوا للمرة الثانية، وأن يفروا إلى أى مكان آخر، وأن يكونوا والحال هكذا كالمستجير من الرمضاء بالنار. 
بقى أن نقول إن تحرير ود مدنى لن يكون من قوات غازية، ولكنه تحرير لها من قوات سودانية، وإن السودان قد جاء عليه وقت وقعت فيه مدن بكاملها فى قبضة سودانيين لا محتلين أجانب، وإن الجيش قد وجد نفسه مضطرًا إلى أن يخوض حرب تحرير من نوع لم يعرفه السودان من قبل، ولا كان يتخيل أنه سيعرفه!