الموازنة بعد الإعلان
خسرت الأسهم في البورصة المصرية اكثر من 7 مليارات جنيه من قيمتها. السبب هو اعلان تطبيق ضريبة 10٪ علي ارباح البورصة. الغريب ان الحكومة لم تقرر فعليا تطبيق هذه الضريبة ولكنها ادرجتها ضمن الموازنة الجديدة مع عدد من الزيادات في المصادر الأخري. إلي جانب الضريبة الخاصة بالبورصة هناك 5٪ زيادة في شريحة الضرائب لمن يزيد دخلهم علي 10 ملايين جنيه. وهناك ايضا 10٪ زيادة علي الضرائب الخاصة بالسجائر. كل هذه الزيادات تهدف إلي تحصيل موارد لخزانة الدولة. ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة في كل الاوقات لأن ردود الفعل علي ما تم اعلانه لم تكن بسيطة. من الواضح ان المؤسسات المالية خاصة ادارة البورصة لم تكن تتوقع اعلان مثل هذا القرار. وكان اول تعليق لرئيس البورصة محمد عبدالسلام هو ان الحكومة تتخبط وتتخذ قرارات فجائية وتتجاهل مناقشة هيئة الرقابة المالية والبورصة.
وبما ان الاستثمار في أي بورصة في العالم له اصول فان اول ما يبحث عنه صاحب رأس المال هو الاستقرار والخطة الواضحة بلا مفاجآت والربح بدون فرض ضرائب مثل معظم دول العالم. ونحن نعيش حالة من عدم الاستقرار اضفنا اليها اتخاذ قرارات فجائية ثم طبقنا ضرائب علي ارباح البورصة، فما هي اذن الميزة التي ستدفع اي رجل أعمال أو صندوق استثمار علي ضخ أمواله في البورصة المصرية؟ وإذا كان رئيس البورصة نفسه الذي يفترض ان يخرج لطمأنة المستثمرين وجذبهم يقول ان الحكومة تتخبط فأي رسالة هذه نرسلها إلي أي مستثمر؟
رئيس بورصة يهاجم الحكومة وقراراتها معناة أن هناك انفصالاً بين صاحب القرار والواقع.
وإذا قمنا بحسبة بسيطة سنجد ان كل هذه الزيادات رفعت موارد الدولة حوالي 5 مليارات جنيه اذا تحققت. وبالتالي نحن امام رقم بسيط مقارنة بتأثيره السلبي. ولن تكون هناك جدوي من النقاش حول الرقم او تطبيق القرار لأن العالم اجمع اصبحت عنده قناعة ان مصر ستطبق هذه الضرائب حتي لو تم تأجيلها بعد الحوار. واصبحت هناك قناعة ايضا بأن القرارات عندنا تصدر دون سابق انذار او إعداد واستعداد. وهذه كلها عوامل تدفع اي مستثمر كبير في اي دولة في العالم إلي سحب امواله بعيدا عن وجع الراس وبعيدا عن »التخبط« الذي اعترف به رئيس البورصة نفسه.