رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحمد رشدي "بعبع" تجار المخدرات ومكتشف "الهجان".. قصة وزير داخلية بدرجة إنسان

اللواء أحمد رشدي
اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق

 اللواء أحمد رشدي.. لم يكن وزير داخلية عاديًا، فقد نجح في تحقيق المعادلة الصعبة بالقضاء على المخدرات وتحقيق الانضباط، وحقق الأمن والأمان بالشارع المصرى، ويعد الوحيد من بين وزراء الداخلية الذي امتلك شعبية، رغم أنه لم يمكث في منصبه سوى 19 شهرًا فقط.

كان "رشدي"، السبب في تغيير كبير في علاقة الشعب بالمصري بالشرطة، ووضع اسمه كأفضل وزير داخلية على مدار العصور، واستحوذ على قلوب المصريين وعشقه الجميع، بما لديه من مبادئ راسخة لم يتخلِ عنها حتى مع أقرب الناس إليه.

 وكان اللواء أحمد رشدي، بمثابة "البعبع" الذى هدد عرش تجار المخدرات، واقتحم عالمهم وهدم أوكارهم، وجعلهم يسكنون الجحور مثل الفئران.

 وتقلد "رشدى" حقيبة وزارة الداخلية فى ظروف استثنائية وعصيبة كانت تمر بها البلاد، وبالرغم من ذلك كان الرجل المناسب في المكان المناسب فى الوقت المناسب.

نشأة اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق:

 ولد رشدي في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 1924 بمدينة بركة السبع بمحافظة المنوفية، والتحق بمدرسة الأمريكان الابتدائية، ثم المدرسة الثانوية الخارجية بطنطا، التي حصل منها على التوجيهية بمجموع 75%، ثم التحق بالشرطة وتخرج منها عام 1946م، وعندما تخرج عمل ضابطًا بقسم شرطة روض الفرج، وكان متميزًا في عمله، ومنذ ذلك الوقت لم يؤمن بقانون العنف فى التعامل مع الخصوم، أو أن القوة والعنف هما الأسلوب الأنجح فى عمل رجل الشرطة، ولكنه آمن بأن الدهاء والحيلة هما أكثر الأساليب الناجحة للقبض على المجرمين وطبق هذه النظرية طول مدة حياته الوظيفية.

 تدرج اللواء أحمد رشدى في مناصب الشرطة المختلفة حتى أصبح وزيرًا للداخلية لمدة 19 شهرًا فقط في الفترة من شهر يوليو عام 1984م وحتي شهر فبراير عام 1986م.

 وكان "رشدي" ثالث وزير داخلية في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، بعد اللواءين النبوى إسماعيل وحسن أبوباشا، وهو الجنرال الذى أنقذ القاهرة عام 1981 بعد حادث المنصة واغتيال السادات.

ملفات نجح فيها اللواء أحمد رشدي:

 ويعد أخطر ملف نجح فيه اللواء رشدى، معركته ضد "مافيا الكيف" التى اعتبرها قضية أمن قومى، ووصل التحدى فيها لدرجة أنه أقسم بأنه سيواصل الحرب ضد أباطرة الكيف حتى يستأصلهم من مصر، وبالفعل نجح في ذلك، والدليل أن أول رد فعل لبارونات الكيف فى مصر هو إطلاق عبارة "باى باى رشدى" على أحد أصناف الحشيش الذى سيتم توزيعه صبيحة مغادرة رشدى لمبنى الوزارة لتعكس حجم الشماتة في أقوى وزير داخلية مصرى واجه تجار الكيف فى عقر دارهم.

 وجاء الملف الثانى الذى واجهه الوزير أحمد رشدى، هو ملف المرور الذى يصفه الكثيرون بأنه السرطان الذى لا دواء له، ولكن خلال فترة وزارته نجح فيما فشل فيه الآخرون.

 وخاض اللواء أحمد رشدى معركة أخرى عندما كان وزيراً للداخلية، حيث رفعت أسهم الرجل ليس فقط على مستوى الشارع المصرى بل فى الدوائر الأمنية الدولية والعربية، هذه المعركة أطلق عليها عملية "البكوش" نسبة إلى عبدالحميد البكوش رئيس الوزراء الليبى الأسبق واللاجئ السياسى لمصر، حيث أرسلت ليبيا أفرادًا من منظمة إرهابية أوروبية لاغتيال الرجل فى القاهرة.

 ولكن رشدى، نجح فى تلقين من أراد أن يعبث فى الأمن القومى درسًا لم ينسوه حيث استخدم خطة الخداع الاستراتيجى بإدخال عناصر أمنية متخفية ضمن الشبكة الإرهابية بهدف المساعدة فى قتل البكوش، ونجحت خطة الخداع وشرب العملاء الطعم وأعلنوا أنهم نجحوا فى قتل البكوش بالقاهرة، لكن اللواء رشدى خرج فى مؤتمر صحفى عالمى يفضح أكاذيبهم وبصحبته رئيس وزراء ليبيا ووقف البكوش أمام عدسات التليفزيون سليمًا معافًا يستقبل نظرات الذهول.

اللواء أحمد رشدى يقيل نجله "ضابط الشرطة":

 كان من ضمن أسباب استحواذ اللواء أحمد رشدى على قلوب المصريين، تحقيق العدل بين طوائف الشعب المصرى فقد رأى فيه المصريين رجلًا حقيقيًّا صاحب مبادئ راسخة، وخاصة حينما تعلق الأمر بعمل نجله "ضابط الشرطة"، الذى قال له: "يا بابا أنا زمايلى بس قالولى أقولك إننا كنا عايزين مكافآت عشان بقالنا فترة ماخدناش مكافآت وكده"، فرد عليه والده: "تمام"، وفى اليوم التالي، وبمجرد أن وصل اللواء أحمد رشدي إلى مكتبه داخل الوزارة، أحضر طلب استقالة وكتبه باسم ابنه، ووقع عليه بالموافقة، وعندما علم نجله بما حدث قال له "رشدى": "إنت ما تنفعش تشتغل فى الشرطة طول ما أنت شايف أبوك هاينفعك"، ليخرج ابنه من الخدمة ويعمل بعدها فى مجال المحاماة.

اللواء أحمد رشدى يكتشف رأفت الهجان:

 عندما كان اللواء أحمد رشدي ضابطًا، قام بتقديم "رأفت الهجان" لأحد القادة، حيث رأى أنه شخص يصلح زراعته في إسرائيل كعميل مخابراتي لمصر، وكانت من أصعب وأنجح العمليات المخابراتية لجهاز المخابرات المصرية.

 وبالفعل قامت المخامرات المصرية بتدريب وتوجيه "الهجان"، ليتم زراعته داخل المجتمع الإسرائيلي، وبعد أن تأكدت المخابرات من كفاءة الهجان سافر إلي إسرائيل 1955.

واقعة الأمن المركزي وخطة الإطاحة باللواء أحمد رشدي:

لم يكن من المستبعد أن تولد نجاح سياسات اللواء أحمد رشدى، غضب وكراهية أصحاب المصالح والنفوذ وتجار الكيف وزعماء الفوضى، بل وبعض المسئولين وعدد من قيادات الشرطة وجميعهم بدأوا فى التخطيط لضرب الرجل، فخططوا لأحداث الأمن المركزى بعد أن سربوا شائعة مد الخدمة العسكرية لجنود الأمن من 3 إلى 4 سنوات.

وتتلخص أحداث الأمن المركزى التي أطاحت بالوزير أحمد رشدى والتي تعرف باسم إنتفاضة الأمن المركزي، وهي التي تظاهر فيها أكثر من 20 ألف جندي أمن مركزي في معسكر الجيزة احتجاجًا على سوء أوضاعهم، كما تسربت شائعات عن وجود قرار سري بمد سنوات الخدمة لهم من 3 إلى 4 سنوات وتخفيض مرتباتهم والتي كانت تقل عن 6 جنيهات في الشهر.

 وبدأت هذه الأحداث في يوم 25 فبراير عام 1986م، حيث خرج الجنود من معسكرين للأمن المركزي في منطقة الأهرامات مندفعين بخوذاتهم ورشاشاتهم وبنادقهم في مظاهرات مسلحة إلى فندق الجولي فيل في مواجهة أحد المعسكرين اللذين بدأ منهما التحرك وحطم الجنود واجهاته الزجاجية وإقتحموا الفندق وبدأوا يحرقون ما فيه.

 وفي وسط هذه الأحداث ذهب اللواء رشدى بنفسه إلى المعسكر الذى بدأت منه إحتجاجات مجندي الشرطة وتعرض لقذائف الحجارة هو ومرافقوه رفضاً من المحتجين لسلطة الحكم.

وفي الساعة الثالثة من صباح يوم الأربعاء 26 فبراير عام 1986م أعلنت حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في القاهرة وفي حوالي الساعة السادسة صباحًا إنتشرت قوات الجيش واحتلت عددًا من المواقع التي يتواجد فيها الجنود المتمردون وبدأوا في حصار الجنود وبعد معارك ضارية إستطاعت قوات الجيش أن تسيطر على المنطقة وما كادت ساعات صباح الأربعاء الأولى تمر حتى بدأت الإنتفاضة في أغلب معسكرات الأمن المركزي الأخرى في العاصمة.

وقد استمرت حالة الإنفلات الأمني لمدة أسبوع أعلن فيها حظر التجول وإنتشرت قوات الجيش في شوارع القاهرة، وبعد إنتهاء هذه الأحداث، تم رفع حظر التجوال وتم عزل العديد من القيادات الأمنية، كما أتخذت العديد من القرارات لتحسين أحوال الجنود والحد من أعدادهم ونقل معسكراتهم خارج الكتل السكنية سواء في القاهرة أو المحافظات.

وجاءت إستقالة الوزير أحمد رشدى من وزارة الداخلية، بعد أحداث الأمن المركزي الشهيرة فى أواخر شهر فبراير عام 1986م، وكان رحيله سبباً في حزن وأسف الكثيرين من المواطنين المدنيين ومن رجال أجهزة الشرطة الشرفاء.

وفاة اللواء أحمد رشدي:

 وبعد استقالته من منصب وزير الداخلية، تم انتخابه عضوًا في مجلس الشعب عن دائرة بركة السبع بمحافظة المنوفية، وكانت وفاته في يوم 4 يوليو عام 2013م عن عمر يناهز 89 عامًا، وتم تشييع جثمانه في جنازة عسكرية رسمية مهيبة.