رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باختصار

وتأبى عدالة السماء أن تفرغ أرض مهبط الأنبياء وثالث الحرمين من رجالها، ففى الوقت الذى استشهد فيه ما يقرب من 25 ألف شهيد فى غزة منذ انطلاق الحرب فى السابع من أكتوبر الماضى، فهناك بإرادة الله 20 ألف طفل غزاوى ولدوا فوق أرض المعركة الملتهبة خلال نفس الفترة، ما يعنى أن غزة أرض ولادة لن ينقطع لها نسل وسوف تستمر فى تفريخ الشهداء إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً.

الإحصائيات والأرقام الدقيقة والموثقة كشفت أن هناك 180 طفلاً يولدون يومياً فى القطاع بواقع طفل كل 10 دقائق، ما يعنى ميلاد 20 ألف طفل غزاوى خلال فترة الحرب وفقاً لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة.

ستبقى قصص مخاض الغزيات الحوامل تحت الأنقاض وعلى أضواء طلقات القذائف والأسلحة المحرمة دولياً، وتحت مطاردة جنود الاحتلال من أبشع القصص الإنسانية التى ستقيم لها محاكم التاريخ المشانق، ولن ترحم مرتكبيها بالتقادم، فذاكرة التاريخ لا تنسى.

من جانبها، صنفت باسكال كويسار، منسقة الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود فى القطاع الفلسطينى وضع النساء الحوامل فى غزة بالكارثى، فى ظل الظروف المعيشية الصعبة والتعامل مع الضغوط المستمرة الناتجة عن التفجيرات والتهجير والمفاجآت المأساوية غير السارة المتلاحقة.

ومن ناحية أخرى فإن ظروف الولادة التى تتعرض لها الغزيات حالياً مرعبة، حيث إن معظم المستشفيات تم تدميرها وأصبحت خارج العمل، والأعداد القليلة المتبقية تعمل بجزء من كفاءتها ومقلقة للغاية، ومتكدسة بأعداد فوق طاقتها، لذا فإن العديد من النساء يلدن فى أماكن أخرى غير مجهزة مثل الخيام، بل وصل الأمر أن بعضهن يلدن فى المراحيض المنتشرة فى مواقع النازحين برفح.

تلك الظروف الكارثية التى تتعرض لها السيدات يكون نتيجتها أحياناً تعرض الأم الحامل لمضاعفات أثناء الولادة قد تودى بحياتها، كما تعرض حياة الرضع للموت، خاصة فى ظل انعدام الخدمات الصحية والإشراف الطبى والحضانات.

الوضع الصحى فى غزة بائس حيث تعمل 13 مستشفى فقط فى القطاع بشكل جزئى وفقا لمنظمة الصحة العالمية من أصل 36 مستشفى، لذا فإن الغزيين على وجه العموم يواجهون وضعاً صحياً سيئاً للغاية يكاد يكون منعدما فى ظل حرب الإبادة المتواصلة التى يشنها الاحتلال على القطاع منذ 107 أيام، ويزداد الوضع الطبى سوءا فيما يتعلق برعاية النساء الحوامل والأطفال الرضع.

وفى ظل حرب الحصار والتجويع التى ينتهجها الاحتلال ضد الغزيين منذ فترة، فإن النساء الحوامل بالتحديد اللاتى يحتجن إلى نظام غذائى مكثف يتعرضن للثالوث القاتل «الجوع، المرض، الفقر»، بخلاف ما يتعرضن له من آثار سلبية ناجمة عن الحرب، الأمر الذى يخالف كافة المواثيق والقوانين الدولية وحقوق الإنسان، ويتضمن جرائم حرب موثقة يجب معاقبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية بصورة عاجلة.

باختصار.. نساء غزة وأطفالها ليسوا بمعزل عن الشعب الفلسطينى البطل صاحب الحكايات الأسطورية فى المقاومة والدفاع عن النفس والأرض والعرض، والذى يتحمل ما لم يتحمله شعب آخر على مر التاريخ ويتعرض لهولوكوست إنسانى غير مسبوق، متذرعاً بالإيمان بالله ومتمسكاً بتراب وطنه وإرث أجداده فى مواجهة نازيى العصر الحديث.

تبقى كلمة.. هؤلاء الأطفال «شهداء الغد» الذين استقبلتهم الحياة بطلقات المدافع وأهوال يوم القيامة، سوف يشتد عودهم على حب الوطن وسوف يرضعون من أمهاتهم الصمود والتصدى والمعنى الحقيقى للوطن والتمسك به.. وإذا كنا نفتخر جميعاً اليوم ببطولات أطفال الحجارة الذين أصبحوا الآن أبطالاً للمقاومة، فإن أطفال الأنقاض وشلالات الدم وطوفان الأقصى سيكونون الأكثر بلاء وقوة على عدو الله وعدوهم وربما حقق الله على أيديهم الوعد.

[email protected]