رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

منذ عدة سنوات، قال لى المستشار نبيل زكى عياد، أحد أحباء الزعيم الشريف طاهر اليد مصطفى النحاس.. إنه قام بإعداد بحث بعنوان «مواقف مضيئة فى حياة الزعيم» حول المواقف السياسية والوطنية للنحاس باشا، وبه توثيق لعدد من القوانين المهمة التى نجح فى إصدارها وإنحاز فيها للموظف والعامل والفلاح.
البحث المختصر عن حياة النحاس يستحق القراءة، وكل محاولة لتوثيق سيرة الزعيم، هى إحياء لمبادئ لن تموت لأن صاحبها دفع ثمنها حريته ومناصبه، وكافح سنوات طوال من أجل نشرها.. تعالوا نقرأ لقطات مختصرة من بحث المستشار نبيل عياد.. تناول فيها موقف النحاس من الأقباط.
عند قيام ثورة 1919 كان كل من مصطفى النحاس ومكرم عبيد فى بيت الأمة وتأخر الليل، فقال لهما سعد زغلول: امكثا عندى تلك الليلة، رد مصطفى النحاس إننا تعاهدنا أن نعيش معًا ونموت معًا.
فما الحكاية؟
عندما تم نفى سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وسينوت حنا وعاطف بركات وفتح الله بركات إلى جزيرة سيشل.. مرض مكرم عبيد بالملاريا فقام مصطفى النحاس بالسهر والتمريض عليه.. ومن هنا كان العهد والوعد الذى أفسده القصر الملكى بالوقيعة بين القطبين.
قام أحمد حسنين باشا كبير الياوران فى القصر الملكى بالوقيعة بين مكرم عبيد باشا والنحاس باشا، عبر ادعاءات على زعيم الأمة لا أساس لها من الصحة، انتهت بإصدار مكرم للكتاب الأسود، ورغم ذلك لما توفى مكرم عبيد باشا فى يونية 1961 حزن عليه مصطفى النحاس باشا، وقال إن ضعف بصرى لم يحزننى بقدر وفاة مكرم عبيد.
من الحكايات الأخرى..
حدث أيام 1928 أن إدارة البلديات أعلنت عن وظائف انتهت بنجاح أربعين متسابقًا والمطلوب اختيار السبعة عشر الأوائل من بينهم بالترتيب.. ولسبب غير معروف لم تعلن النتيجة.. فكتب أحد المتسابقين فى الصحف يقول إنه منذ شهر تأخرت النتيجة.. فاستدعى النحاس باشا مدير البلديات، فرد وقال له: يا دولة الباشا.. الذين نجحوا فيهم عيب! فقال له النحاس: يعنى دول لم ينجحوا.. إيه العيب؟ فقال مدير البلديات: اتضح أن السبعة عشر الأوائل منهم اثنا عشر قبطيًا فاستشاط النحاس غضبًا.. وقال له كيف تقول هذا؟ أليسوا مصريين وكيف يقال ذلك فى عهد وزارة الوفد الذى شعاره الهلال والصليب، وأمره أن يرسل الكشف وبه السبعة عشر موظفًا وتم تعيينهم.. لأنه لا فرق بين مسلم وقبطى عند النحاس، وهذا هو قانون الوفد الذى لا يتم تعديله.
أيضًا ما حدث عام 1928 مع تشكيل وزارة الوفد، فقد كان العرف يجرى بإقامة احتفال سنوى فى موسم الحج بميدان الجيش بالعباسية، حيث يسلم أقدم لواء بالجيش المصرى المحمل إلى أمير الحج، وتصادف أن كان أقدم لواء هو «نجيب باشا مليكة» القبطى.. فلم يجد النحاس باشا غضاضة فى تسليمه لأنه لا فرق بين قبطى ومسلم.
هكذا كان النحاس مُحبًا لبنى وطنه دون تمييز، فالمصرى عنده هو المصرى بغض النظر عن دينه.. رغم أنه كان مسلمًا ملتزمًا، وكان من مريدى مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه، وليس جديدًا أن أعيد عليكم سرد الحكاية الشهيرة بينه وبين الأستاذ سعد فخرى عبدالنور..
بعد يوليو 1952 تم تحديد حركة الزعيم مصطفى النحاس.. وكان مسجد الإمام الحسين من الأماكن المسموح له بزيارتها أسبوعيًا.. وكان سعد عبدالنور، سكرتير عام الوفد فيما بعد، ونجل القيادى الوفدى البارز فخرى عبدالنور لا يرى النحاس إلا كل يوم جمعة فى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة.. وفى إحدى المرات قال سعد عبدالنور للنحاس: يا باشا أنا مسيحى.. مش معقول كل ما أحب أشوفك لازم تجبرنى أدخل جامع الحسين! فرد عليه النحاس مازحًا: "جرى إيه يا سعد إنت ماتعرفش إن مولانا الحسين كان وفدى"!!
هذه هى شخصية مصطفى النحاس باشا الذى قضى عمره يدافع عن الوطن وقضيته الوطنية، من خلال الوفد الحزب العريق الذى عشقه مثل روحه مستعينًا بالله.. متمسكًا بثوابته التى لا تختلف عن ثوابت كل المصريين المسلمين الذين كانوا يعملون نهارًا من أجل لقمة العيش، ويناضلون ظهرًا ضد الاحتلال ويزورون أولياء الله الصالحين تبركًا بهم.. ولكنهم كانوا شركاء لإخوانهم فى الوطن وإن اختلفت الديانات.
اللهم احفظ مصر.. بتماسك المصريين.. نعيش فى وطن واحد نحميه جميعًا بأرواحنا.. ونبنيه بسواعدنا التى لا تعرف التفرقة.