رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

رجل القانون البارز عبدالرازق السنهورى، هو الصانع الأساسى وواضع صياغة القانون المدنى المصرى فى الفترة من عام 1946 حتى عام 1949، ومن فرط تأثره بالقانون الفرنسى، أنجز عملاً باهراً من خلال ما قام به من مزج براق بين روح التشريع الإسلامى ووضعية القانون الفرنسى، ويأتى القانون 131 لعام 1948 ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن «فاروق الأول» ملك مصر ومجلس الشيوخ والنواب قد اعتمدوا وأصدروا القانون المدنى الذى صاغه «السنهورى» وهو ما أدى إلى إلغاء التشريعات القديمة.

إن ما حظى به «السنهورى» من صيت عالمى كفقيه قانونى قد أهله لصياغة القوانين والتشريعات المدنية فى كل من العراق وسوريا والأردن وليبيا والكويت والإمارات العربية المتحدة.

يلعب القانون المدنى المصرى دوراً حاسماً فى ضمان الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى فى مصر، ويوفر إطاراً قانونياً لحل النزاعات وحماية حقوق الأفراد والمؤسسات، كما يساعد على تعزيز الشفافية والمساءلة وسيادة القانون.

ولد «السنهورى» عام 1895 فى الإسكندرية لأسرة فقيرة، وعاش طفولته يتيماً، حيث توفى والده الموظف بمجلس بلدية الإسكندرية تاركاً أمه وسبعة من البنين والبنات، ولم يكن «عبدالرازق» يبلغ من العمر أكثر من ست سنوات. بدأ تعليمه فى الكتاب بتشجيع من والده ثم انتقل إلى مدرسة راتب باشا الابتدائية ثم التحق بمدرسة رأس التين الثانوية، فالمدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية ومنها حصل على الشهادة الثانوية عام 1913، وكان ترتيبه الثانى على طلاب القطر المصرى، نال درجة الليسانس فى الحقوق عام 1917، من مدرسة الحقوق الخديوية بالقاهرة رغم أنه كان يعمل موظفاً بوزارة المالية إلى جانب دراسته، وجاء ترتيبه الأول على جميع الطلاب، تأثر فى مرحلة شبابه بالزعيم المصرى الوطنى مصطفى كامل، وتبنى فكرة الجامعة الإسلامية التى كان يدعو إليها، كما كان معجباً بـ«الكواكبى» وعبدالعزيز جاويش ومحمد فريد، عين بعد حصوله على ليسانس الحقوق بالنيابة العامة فى سلك القضاء بمدينة المنصورة، وكتب بمذكراته عن الاجتياح الاستعمارى للدولة العثمانية عام 1918، وتأثر بفكر ثورة 1919، وسافر إلى فرنسا للحصول على الدكتوراه، وعاد عام 1926 ليعمل مدرساً للقانون المدنى، ثم انتخب عميداً لكلية الحقوق بالقاهرة عام 1936.

نادى «السنهورى» بوضع قانون مدنى جديد، واستجابت له الحكومة، وشغل منصب وزير المعارف 4 مرات، وعيِّن رئيسا لمجلس الدولة من عام 1949 حتى عام 1954، عرف عنه تأييده لثورة يوليو، وشارك ى مشاورات خلع الملك فاروق مع محمد نجيب وجمال سالم وأنور السادات وبذل جهودا كبيرة فى مشروع الإصلاح الزراعى وطلب إرساء الديمقراطية وحل مجلس قيادة الثورة وعودة الجيش إلى الثكنات إلا أن المظاهرات العمالية هدمت أفكاره.

يعتبر «السنهورى» ومؤلفاته ثروة للمكتبة القانونية إذ كان عضواً فى مجمع اللغة العربية منذ 1946، وأسهم فى وضع الكثير من المصطلحات القانونية إلى أن توفى فى 21 يونيو 1971.

لقد كان «السنهورى» مؤمناً بتعاليم المدرسة التاريخية، وخير ما يؤكد ذلك أنه قال: «كل من يتعرض للتشريع ومسائله يجب أن يعرف أن القانون ليس هو كلمة المشرع يقول له كن فيكون.  وقد مضى ذلك الزمن الذى كانت تسود فيه هذه النظريات السطحية، والقانون كائن حى ينشأ ويترعرع وينمو، حتى يبلغ أشده، وليس هو خلق الساعة ولا هى الإرادة» وإذا كانت المدرسة التاريخية قد بالغت فى هذا المعنى، فإن هذا لا يمنع من أن المذهب فى جوهره صحيح.

وجاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون المدنى المصرى قول «السنهورى»: ما يجب أن أشير إليه فى هذا المقام أن المشروع المعروض قام على دعامتين رئيسيتين الأولى: الاحتفاظ بالصالح من أحكام التقنين القائم لأبعد الحدود، فما من حكم صالح فى هذه الأحكام إلا وأخذ به مع تهذيبه التهذيب الواجب.. تقنين ما استقر من المبادئ فى أحكام القضاء المصرى مع ترجيح ما كان منها خليق بالرجحان عند اختلاف المحاكم.. وعلى هذين الأساسين أقام المشروع أكثر من ثلاثة أرباع القواعد الواردة فيه، فانتفع بتراث الماضى وجعل الانتقال من الوضع القديم إلى الوضع الجديد مجرد تطور طبيعى لا يختلف أمره من هذا الوجه عن أى إصلاح يستبدل الخير بالذى هو أدنى فى غير تطرف أو عنف.