رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعب الحوار الوطنى دورا مهما فى تحريك المياه الراكدة داخل الحياة السياسية المصرية، فقد صنع حالة من الزخم بعد سنوات من الجمود الذي  أصاب الأغلبية العظمى من الأحزاب، فكانت الأحزاب تتحرك فى مساحات متباينة لا تقاطع فيها، حتى جاءت الدعوة  التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إفطار الأسرة المصرية فى 2022،  لحوار وطنى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، ليخلق مجالا للقوى الوطنية المختلفة لإيجاد مساحة مشتركة تكون نقطة انطلاق لمناقشة كافة القضايا النوعية على الساحة الوطنية، مؤكدا أنه حوار للجميع دون تمييز أو إقصاء، انطلاقا من أن  الأحلام والآمال التى يتطلع إليها الشعب المصرى تفرض التوافق لا الاختلاف، فبشكل أو بآخر ساهم الحوار الوطنى فى رسم ملامح الجمهورية الجديدة، التى تتسع للجميع.

وربما يرجع الفضل الأول فى المشهد الحضارى للمصريين فى الانتخابات الرئاسية، إلى الحوار الوطنى الذى أعاد الأحزاب إلى الحياة السياسية عبر مناقشات ثرية ومتنوعة حول القضايا الوطنية وأولويات العمل الوطنى خلال  الفترة المقبلة، فالجميع يتسابق من أجل المشاركة فى صناعة مستقبل هذا الوطن،  وهو الزخم الذى انتقل إلى الاستحقاق الانتخابى الأول بعد شهور من انطلاق توصيات الحوار الوطني، وقرار الرئيس إحالة جميع التوصيات الصادرة عنه إلى الحكومة لدراستها، فى رسالة واضحة ورد قوى على المشككين فى جدية الحوار.

فالحوار الوطنى نجح لأول مرة فى حشد القوى السياسية والوطنية بكل اختلافاتها الأيدولوجية والفكرية على مائدة واحدة، واستثمار هذا الاختلاف والتنوع فى طرح حلول واقعية وغير تقليدية لكل القضايا التى يعانى منها المجتمع المصرى على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما أنه أصبح متنفس للعديد من الأحزاب وأيضا القوى الشعبية والاجتماعية للتعبير عن رؤيتها فيما يتعلق بمشكلات مصر، فالحوار لم يكن محددًا بهدف، وإنما تم تحديد أهدافه بمشاركة شعبية غير مسبوقة، حيث أتيح للجميع من مجتمع مدنى وأحزاب ونقابات وشخصيات عامة وأشخاص عاديين التعبير عن رأيهم وموقفهم من سير الحوار، وأهم القضايا التى ستتم مناقشاتها، لذلك كان حوارا شاملا يجمع كل المصريين، وليس مجرد حوار بين السلطة والمعارضة، كما حاول البعض توجيهه فى البداية. 

والحقيقة التى لا يمكن إنكارها هو أن الحوار الوطنى كان ولازال ركيزة أساسية للإصلاح السياسى الذى دعت إليه القيادة السياسية، حيث ساهم فى فتح المجال العام، وخلق حالة من الحراك السياسى، فى إطار متوافق عليه بين القوى الوطنية، ومن خلال مراجعة القوانين المنظمة للحياة السياسية، والتمسك بما نص عليه الدستور المصري، وتوافق تام على استبعاد كل من تلطخت يداه بدماء المصريين، أو تورط فى أعمال عنف، وعلى الرغم من أن الحوار الوطنى جاء كخطوة ضمن خطوات أخرى أحدثت حراكا سياسيا مهما منها إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان،  وإلغاء مد حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد، وتفعيل لجنة العفو الرئاسى التى ساهمت فى الإفراج عن عدد من المحبوسين احتياطيًا، حيث وصل العدد الإجمالى إلى أكثر من 1400 شخص  الأمر، إلا أنه يظل الفضل للحوار الوطنى فيما تعيشيه مصر من زخم سياسى غير مسبوق، الأمر الذى يعكس امتلاك النظام المصري  رؤية متكاملة للإصلاح السياسى، تضح ملامحها مع الوقت.

وتقديرا للدور الذى لعبه الحوار الوطنى فى تعزيز الالتفاف الشعبى والوطنى خلف الدولة المصرية،  فقد حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أول خطاب له بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية 2024 أن يعلن عن استكمال الحوار الوطنى الذى عُلقت جلساته حتى الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي، وأن يدخل مرحلة أكثر فاعلية وعملية كما وصفها الرئيس، فى إشارة إلى أن مخرجات الحوار ستدخل مرحلة الدراسة والتنفيذ على أرض الواقع، الأمر الذى يمثل قوة دفع جديدة للأحزاب للتسابق فى تقديم أفضل ما لديها من أجل المصلحة الوطنية العليا، فلا يهم من فى السلطة طالما أن الجميع قادر عن طرح رؤيته واثقا أن القيادة السياسية حريصة على متابعة كل ما يدور على مائدة المناقشات.

فى النهاية.. مصر نجحت فى تقديم نموذج سياسى شامل اسمه الحوار الوطني، بُنى على أسس مؤسسية قوية، تساعده على أن يتحول  إلى حالة وطنية دائمة غير مرتبطة بوقت معين، لتستمر متنفسا وساحة سباق بين الأحزاب فى حب مصر.

 

عضو مجلس الشيوخ

عضو الهيئة العليا لحزب الوفد