رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

كما توقعت فى مقالى الخميس الماضى (سيناريوهات هدنة الخوف)، ضربت إسرائيل عرض الحائط بكافة المواثيق الدولية، فما إن انتهت الهدنة المؤقتة حتى سارعت بحرب شرسة على غزة، وهدمت عشرات المنازل فوق رؤوس أصحابها وسكانها الأبرياء.

لقد ساهمت الهدنة كما قلت فى تعميق جراح قادة إسرائيل والمؤيدين لاستمرار الحرب وتوسيع دائرة الإبادة؛ لإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة والرحيل إلى أقرب الجيران؛ وبالتالى لم يكن أمام «نتنياهو» سوى الغدر لإرضاء المتطرفين وامتصاص غضب الشارع على تحرير بعض الرهائن والمحتجزين بشروط وإملاءات «حماس»، وسقوط نحو 420 قتيلاً من جيش يفكر الآن فى إنقاذ ماء وجهه بإغراق كل أنفاق غزة بمياه البحر بحثاً عن قادة المقاومة.

ومع ازدياد قلق واشنطن، وخوف البيت الأبيض من تكرار ما حدث للجيش الأمريكى فى الفالوجا والصومال وأفغانستان، ومع انتشار بكتيريا غامضة فى صفوف الجيش الإسرائيلى بعد سقوطه فى وحل غزة، ومع تآكل الدعم الشعبى والجماهيرى لحكومة الليكود، ونفاد صبر المجتمع الإسرائيلى، جاءت الهجمات العشوائية، وضربات اليأس والهزيمة براً وجواً وبحراً مستهدفة البنية التحتية والمدنيين، بطريقة تشبه إلى حد كبير بطل الملاكمة قبيل سقوطه أرضا مغشيا عليه بالضربة القاضية من منافسه فوق الحلبة، وتسديده لضربات عشوائية فى الهواء؛ ليعلن بعدها الحكم هزيمته.

وعلى الصعيد الدولى، انقلب السحر على الساحر، وكشفت الهدنة عن أكاذيب إسرائيل، وزيف ادعاءاتها بأنها تدافع عن شعبها والحضارة الغربية، عندما شاهد العالم كله، المعاملة الحسنة والإنسانية التى لقيها الأسرى المحتجزون لدى فصائل المقاومة.

واندلعت مظاهرات الغضب والاحتجاج، تشيد بعظمة الإسلام والمسلمين، وتضحيات وصمود الفلسطينيين تحت الصواريخ والقنابل والأحزمة النارية، وكسبت حماس ولأول مرة تعاطف العالم مع القضية العربية وعودتها مرة أخرى إلى صدارة المشهد الدولى.

وعربياً، أظهرت مصر «العين الحمراء» ضد أى محاولة تهجير قسرى إلى سيناء، والشىء نفسه فعله قادة الأردن وقطر والسعودية وبقية الدول العربية، وغيرها من ردود أفعال؛ كانت دافعاً لاستئناف حكومة الاحتلال حربها القذرة، للضغط على حماس شعبياً؛ ولتعلية سقف التفاوض على ما تبقى من أسرى عسكريين ومحتجزين مدنيين يسببون إحراجاً قوياً وصداعاً شديداً لحكومة باتت على وشك تقديم استقالتها خلال الأيام المقبلة.

أعتقد أن كل هذه الأحداث ستعقبها هدنة أخرى وشيكة باتت فى الأفق، قد يقبلها «نتنياهو» مجبراً تحت الضغط حتى لا تسقط حكومته، وتدخل المنطقة مرحلة أخرى جديدة تضطر فيها إسرائيل إلى قبول حل الدولتين، وعندها يضيع حلم إسرائيل ويسقط المشروع الصهيوأمريكى الإبراهيمى فى الشرق الأوسط، وتسقط معه كل محاولات تهجير أهل غزة واجتثاث بيوتهم؛ لفتح قناة بن جوريون التى خططت إسرائيل وأوروبا وأمريكا لها عام 1963؛ لضرب قناة السويس وعرقلة مشروع الطريق والحزام الصينى وإضعاف الاقتصاد المصرى والعربى.

وحتى تأتى هذه الهدنة المرتقبة أدعو العرب لاستثمار حالة «التيه» التى يعيشها الإسرائيليون حالياً، للضغط على المجتمع الدولى وتفعيل مبادرة السلام العربية ورسم خارطة جديدة تستمد خطوطها من قمة القاهرة 2023 وقمة الرياض العربية الإسلامية، ومن هذا الرفض الدولى للممارسات الوحشية فى الأراضى الفلسطينية المغتصبة.

إن قنابل اليأس التى تحرق أرض فلسطين اليوم، لن تستمر، لأن إسرائيل وكما يقول الكاتب الصهيونى الشهير «آرى شبيت» تلفظ أنفاسها الأخيرة، كونها تواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معه سوى الاعتراف بحقوقه وإنهاء الاحتلال، وإنقاذ إسرائيل من النازيين الجدد الذين استباحوا فلسطين بزعم أنها أرض بلا شعب، ليكتشفوا أن الفلسطينيين متجذرون فى أرضهم، ينتفضون لحماية وطنهم، لا يبالون بالسجون والحصار والدمار والأسلاك الشائكة، ويحطمون الجدار العازل، ويصنعون من المستحيل صواريخ قاتلة.

[email protected]