رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين: كان يجمل حياتنا ..ونجله: لا ندري ماذا سنفعل؟
دموع وقصائد وتجارب إنسانية في تأبين الشاعر "أشرف عامر"
لم تكن ليلة روتينية مقصورة على نقد الأعمال الإبداعية لشاعر كبير، بقدر ما تخللها شجن، وذاكرة عامرة بحكايات النشأة، والتمرد الشعري، والأدبي لمجموعة منتقاة أنتجت مع أجواء حي "الوراق" شاعرية "أشرف عامر".
وفي حضرة الأسرة، والأصدقاء، والتلامذة، ومحبي الشاعر الكبير الراحل الذي وافته المنية في سبتمبر الماضي عن عمر ناهز 65 عامًا، أغلقت قاعة مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك على مشاعر متباينة ما بين دموع، وعاطفة شعرية تجاه ذاكرة ثقافية كبيرة، وحضر النقد هامشيًا لامتزاج الشاعري بالإنساني، حسبما بدأ شقيقه الأصغر سرد جانب من مسيرة عامرة بالإنجاز، والتجربة الثرية.
وفي أعقاب "فيلم وثائقي" يستعرض جانبًا من حياة "الشاعر الراحل"، تذكر د.أيمن عامر رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب – جامعة القاهرة، ورئيس رابطة الأخصائيين النفسيين، تجارب البدايات مع شقيقه الأكبر، وأصدقائه من الأدباء، والشعراء الذين أطلق عليهم مجموعة "الوراقين".

وقال- مستأنسًا بشجن الرحلة الطويلة بـ"حي الوراق" مسقط رأس التجربة- :إن الموت تكتمل فيها أشياء، وكبر السن يجعل المرء يرى أشياء بدأت، وانتهت، لافتًا إلى أن بيت الأسرة كان على شاطئ النيل، تشرق الشمس من نوافذه، لدرجة أن الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي وصف المكان بأنه "خلّاق للشعراء، والفنانين".
وأضاف خلال أمسية تأبين الشاعر "أشرف عامر" –أمس-والتي حضرها عدد من الشعراء، والنقاد، والفنانين، وأدارها الفنان "طارق الدسوقي" أن شقيقه الأكبر كان يجمل حياة الأسرة، ومعظم قصائده تدور حول أصدقائه في مقدمتهم "عبد الرحمن الأبنودي، ويحيى الطاهر عبد الله".

وأشار رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين إلى أن الناقد د.حسين حمودة جاء إلى الوراق من القلعة منضمًا إلى مجموعة "الوراقين"، وهناك تحول إلى "أرسطو".
وتساءل "عامر": هل يصلح أن نطلق على مجموعة الوراقين وصف "مدرسة أدبية"؟..
وفي السياق ذاته: قالت د.سالي رياض: إن "أشرف عامر" مثل حالة استثنائية في الثقافة العربية، وأقام قناعاته –بوصفه عضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة- على أن النص هو المعبر للنشر، وأن الفرص يجب أن تكون متاحة أمام الجميع.

وأضافت" كان الشاعر الراحل يحلم بعودة الثقافة الجماهيرية لسابق عهدها، ورغم منصبه لم يتحول إلى موظف روتيني"، وأردفت قائلة:"كان يمضي وقتًا كبيرًا في لجان النشر لأجل إعطاء فرصًا أكبر للموهوبين".
وعرج د.طارق نعمان –صديقه المقرب- على زمالتهما خلال فترة الدراسة بكلية الآداب-قسم اللغة العربية-، لافتًا إلى أن من حظ "أشرف عامر" انشغاله بالشعر على حساب الدراسة الأكاديمية.
واستطرد قائلًا:"الدراسة الأكاديمية كانت ستعطل موهبته".
فيما تدثر نجله الإعلامي خالد عامر برداء الحنين، وغالب دموعه، وهو يقول: جئت بهذا الـ"تي شيرت"، لأن أبي هو الذي أعطاه لي، كما أعطاني محبة أشعاره وحدها.

وأضاف، وهو يثبت نظره على شقيقه الأكبر، طالبًا التماسك: نحن كأسرة ندور في فلك سؤال واحد "هنعمل إيه؟"، مستدركًا "من الصعب جدًا أن نتصرف في مواقف كثيرة مستقبلًا، لأن أشرف عامر كانت لديه طاقة كبيرة في مساعدة من حوله".
بينما تذكر د.خيري دومة –رئيس قسم اللغة العربية الأسبق بكلية الآداب-جامعة القاهرة علاقته بالشاعر الراحل، معرجًا على أنه لخص نفسه في ديوانه "هو تقريبًا متأكد"، كما ألقى الشاعر علي سعيد -صديقه المقرب- قصيدة ممتعة، متأثرًا خلالها برحلتهما المشتركة في الشعر، والحياة.
وألقى الفنان طارق الدسوقي عددًا من قصائده، بعد أن استعرض جانبًا إنسانيًا من حياة الشاعر "أشرف عامر"، صديقه الأقرب، ورفيق رحلته، مشيرًا إلى حماسه لمقترح "قوافل التنوير" التي طافت جامعات مصر، وضمت شعراء، وفنانين، وصحفين، وتبنت فتح حوارات دون خطوط حمراء.
واختتم قائلًا:"المبدع الحقيقي لا يموت، ويظل باقيًا بفنه، وإبداعه".

حضر اللقاء إلى جانب أصدقاء الشاعر الكبير، وأسرته، عددًا من الأكاديمين يتقدمهم د.حسين حمودة أستاذ النقد الأدبي، ود.سلوى سلامة أستاذ علم النفس بكلية الآداب -جامعة القاهرة، وطلاب دبلوم دراسات علم الإبداع بقسم علم النفس.
يشار إلى أن الشاعر "أشرف عامر" وافته المنية في الثاني عشر من سبتمبر الماضي عن عمر ناهز 65 عامًا، وصدرت له خمسة دواوين ما بين الفصحى، والعامية من بينها "اكتشافات الفراشة، وهو تقريبًا متأكد، وشبابيك"، وتقلد عددًا من الوظائف القيادية بوزارة الثقافة.
وتنوعت تجاربه الإبداعية في عدة دول عربية من بينها عمله كأخصائي البرامج الثقافية بدولة البحرين، ومستشار إعلامي، وفني لدار الوطن بالرياض.