عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. ناهد عبدالحميد مدير ملتقى الهناجر الثقافى لـ«الوفد»:

الغرب زرع دولة الاحتلال فى فلسطين بالوعد المشئوم

بوابة الوفد الإلكترونية

سئمنا سياسة الكيل بمكيالين..والموقف الدولى فاضح

الأرض المحتلة ستنبت ألف فصيل يقاوم الكيان الصهيونى

قلب مصر النابض بالعروبة يساند حقوق الشعب الفلسطينى

ثورة 30 يونيو استعادت الهوية الثقافية المصرية

تيار الإسلام السياسى سقط سريعًا بسبب جهله بالتاريخ وتمسكه بالسلطة

الثقافة العربية مستهدفة والنوات الأجنبية تدس السم في العسل

 

الدكتورة ناهد عبدالحميد أحد الوجوه النسائية البارزة فى الساحة الثقافية، لها نشاط بارز فى الندوات واللقاءات الفكرية والثقافية، اختطت لنفسها طريقًا سارت فيه حتى حققت العديد من النجاحات المتتالية، منذ حصولها على بكالوريوس التربية الموسيقية بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف ثم دبلوم الدراسات العليا بالنقد الفنى، والماجستير بتقدير امتياز. نالت درجة الدكتوراه فى فلسفة الفنون بتقدير امتياز كما حصلت على العديد من الدورات التدريبية أهمها دورة استراتيجية الأمن القومى ودورة الأزمات والتفاوض ودورة صناع القرار من أكاديمية ناصر العسكرية، ودورة الحوكمة والقيادة والنزاهة من هيئة الرقابة الإدارية، ثم دورة التدريب على القيادة من المجلس القومى للمرأة، وهى سفير السلام والنوايا الحسنة من جامعة الدول العربية، ورأست اللجنة الثقافية بالاتحاد الدولى للصحافة. لها العديد من المؤلفات والأبحاث فى مجال الفنون والموسيقى ومنها «الغناء بين الفن والسياسة» و«الأغنية الوطنية..البدايات والتحولات» و«الكيان الفنى إمام–نجم» و«المسرح عند نعمان عاشور». ناقشت خلال ملتقى الهناجر العديد من القضايا العامة مثل قضايا المرأة وحقوق الطفل، والتطرف والإرهاب، وأهمية القوى الناعمة، ومشكلات التعليم فى مصر، ومستقبل مصر والثقافة والتعليم، والانتخابات البرلمانية وتجديد الخطاب الدينى والثقافى، ودور الثقافة فى التنمية والمشروعات القومية رؤية.. قائد وإرادة شعب.

«الوفد» التقت الناقدة والأديبة الدكتورة ناهد عبدالحميد مدير ومؤسس ملتقى الهناجر الثقافى، وهذا نص الحوار،،

< بداية.. هناك من يتحدث عن ضرورة إدانة ما قامت به حركة حماس فى عملية «طوفان الأقصي» فى السابع من أكتوبر.. ما ردك على من يقولون ذلك؟

<< القضية فى الأرض المحتلة تخطت أن يمسك بلوائها تنظيم أو جماعة محددة.. حتى لو الدنيا كلها أدانت أى تنظيم بأى جزء من فلسطين وقضت عليه.. ستنبت الأرض المحتلة ألف فصيل جديد يقاوم الاحتلال، لأنَّ الظلم الفادح واقع على الجميع، حتى الأطفال والنساء وكبار السن، والعجزة..العدوان لم يستثنِ أحدًا، ولذلك ثأره مع الشعب كله، وليس من تنظيم محدد، الشعب كله مقاومة.

< فى ظل الحرب الوحشية تستمر محاولات جيش الاحتلال فى استفزاز مشاعر المسلمين والمسيحيين فى آنٍ واحدٍ بانتهاكٍ صريحٍ واستهدافٍ لدور العبادة فى الأراضى الفلسطينية ومحاولات تكثيف الخناق على المصلين كيف تنظرين إلى هذه الجرائم التى تستهدف دور العبادة وفى مقدمتها المسجد الأقصى؟

<< دور العبادة من مساجد وكنائس ومعابد خط أحمر بأى صراع مسلح.. فى كل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية، وقبل كل ذلك بالفطرة الإنسانية والشرائع السماوية التى تدعى دولة الاحتلال التمسك بها وفق شريعتهم، وما يزيد الأمر فداحة وإجرامًا من قبل الاحتلال أن أماكن العبادة فى فلسطين، كلها تاريخية وأثرية، وقيمتها المعنوية لا تقدر بثمن، بجانب قيمتها الروحية، سواء كانت إسلامية أو مسيحية، ومن المثير واللافت للنظر هنا عدم وجود آثار يهودية مقدرة فى كل فلسطين، فمن أين جاءت ادعاءاتهم بوجودهم التاريخى فيها؟ أما حكاية الهيكل المزعوم، فهى مجرد أساطير لم تثبت تاريخيًا أو علميًا أو ثقافيًا، أى وجود حقيقى لها. وفى النهاية نحن لانستغرب هذه الهمجية فى التعامل مع دور العبادة، فلا ننتظر ممن لا يقدس الروح البشرية ويتعامل معها بكل وحشية، أن يرحم الحجر، وقد هان عليه البشر. وأخيرًا بصفتى من العاملين والمهتمين بالشأن الثقافى أؤكد أنَّ الفنون والثقافة أمامهم منهل ضخم سينهل منه المبدعون فى السنوات القادمة، لتمجيد المقاومة، وتوثيق المحرقة الأفظع فى غزة.

< ما نظرتكِ إلى الموقف الدولى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأوروبا تجاه جرائم الإبادة ضد شعب فلسطين الأعزل؟

<< الموقف الدولى مخزٍ تجاه ما يجرى من مذابح فى غزة نراها على الهواء مباشرة..ونحن سئمنا كشعوب عربية من سياسة «الكيل بمكيالين» إلا من أصوات بعض الشرفاء من هنا وهناك، فالغرب هو من زرع دولة الاحتلال بالوعد المشئوم، وهو الذى يحافظ عليها، ولقد رأينا «الجسر الجوى» الذى وصل دولة الاحتلال لاستمرار تفوقها..والغريب أنهم أى»الدول الغربية» يستمرون فى ادعائهم أيضًا، برعاية عملية السلام.

< وما تقييمك للموقف العربى من الأزمة فى الأراضى المحتلة بفلسطين حاليًا واستمرار قوات الاحتلال فى عدوانها الغاشم وتدمير المستشفيات والمدارس وقتلهم واستهدافهم المتعمد للأطفال الأبرياء؟

<< ما المقصود بالموقف العربي؟ فإذا كنا نتحدث عن الشعوب فإن شعوبنا كلها تشعر بالظلم والغضب والرغبة فى الالتحام بالمقاومة، ونظرة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعى تشى لنا برأى الشعوب الغربية رغم ما نعرفه عن محاولات الشركات الغربية المالكة لهذه المواقع بتحريف الحقائق، ووضع قيود على حرية تعبير الشعوب العربية عما يحدث فى الأرض المحتلة من جرائم ضد الإنسانية، أما إذا كان المقصود من «المواقف العربية» هو ردود فعل الأنظمة؟ فمن الطبيعى أن تتباين مواقفها، لتباين ظروف كل منها، حسب تاريخها مع القضية، وحسب علاقتها بمصالح الشعب الفلسطينى، وحسب رشدها السياسى، وحسب قوتها ونفوذها السياسى والاقتصادى والعسكرى والاجتماعى والثقافى، وحسب ما تستطيع تقديمه للقضية وللشعب المقاوم، فالعبرة أحيانًا ليست فى علو الصوت، بقدر تأثيرك فى القضية وإمكانية حلها، باختصار مواقف الشعوب العربية كلها مشرفة، ومواقف الأنظمة متباينة، ولكن يكفى أن موقف قلب العروبة النابض «مصر» يتسق شعبًا وقيادة خلف حقوق الشعب الفلسطينى.

< ما تقييمك لوضع الثقافة المصرية وما الآليات التى ترينها للنهوض بها؟

<< الثقافة المصرية حاليًا بخير، لأنها امتداد لثقافة ثورة 30 يونيو المجيدة، التى استعادت هويتنا الثقافية المصرية بعدما تعرضت له من محاولات طمسها على أيدى جماعة وصلت لسدة الحكم فى غفلةٍ من الزمن.

وقد انتصر المصريون لمصر النيل، والتاريخ، والأهرامات، التى قال عنها فليسوف الجغرافيا الكبير د. جمال حمدان فى موسوعته الشهيرة «شخصية مصر عبقرية الزمان والمكان» مصر هبة المصريين، وصحح بها مقولة هيرودوت «مصر هبة النيل».

انتصر المصريون لمصر صاحبة الأعمدة الحضارية السبعة كما قال عنها المفكر الكبير د. ميلاد حنا، مصر صاحبة أقدم حضارة عمرها يزيد على سبعة آلاف سنة، وحضارة إسلامية بدأت قبل ألف و400 عام. ويكفى الثقافة فى مصر وجود مادة صريحة فى دستورنا الحالى تنص على حق المواطن فى الثقافة دون تميز لعرق أو لون أو دين، فى سابقة هى الأولى فى الدساتير المصرية منذ دستور 1923م وصولًا إلى دستور 2014 المعدل فى إبريل 2019.

أما عن الآليات التى أشرتم لها.. فأهمها الاستمرار فى العمل بروح الفريق.. فهناك تصور خاطئ قديم يقول إنَّ «التثقيف» هو مهمة وزارة الثقافة وحدها.. لكن الواقع يؤكد أنَّ كل مؤسسات الدولة تعمل بنفس الاتجاه.. بدءًا من البرلمان، والأزهر والكنيسة، مرورًا بوزارتى التعليم العالى، والتربية والتعليم، بجانب الشباب والرياضة، والأوقاف، وصولا إلى مجالس وهيئات الصحافة والإعلام، والمجلس القومى للمرأة والمجتمع المدنى.. وفقًا لتوجهات القيادة السياسية، بالتركيز على بناء الإنسان المصرى من خلال 3 محاور حيوية هى الصحة، والتعليم، والثقافة.

(منصة ثقافية مستنيرة)

< ماذا عن نشأة ملتقى الهناجر الثقافى وبداياته وأهم أهدافه؟

<< من وقت مبكر جدًا.. كنت أحلم بمنصة ثقافية وطنية مستنيرة تتفاعل فيها الخبرات وآراء كبار الخبراء.. للخروج بعصارة فكر وتجارب هؤلاء القمم فى مختلف التخصصات. وسنحت الفرصة لإنشاء «ملتقى الهناجر الثقافي» أثناء عملى فى قطاع الانتاج كانتداب وتوليت إدارة النشاط الثقافى فى قصر الأمير طاز التابع لصندوق التنمية الثقافية لمدة 7 سنوات، بقرار وزارى يتجدد كل عام، وأثناء عملى فكرت لماذا لا يكون فى جهة عملى الأصلية «أى الصندوق» ملتقى ثقافى كبير يتناول كافة القضايا التى تهم المواطن المصرى ويكون له دور فى نشر الوعى فى كل المجالات الثقافية والفنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية..إلخ. مع مناقشة وتوقيع أهم الكتب والإصدارات ومحاولة مساعدة المواهب الحقيقية سواء فى الشعر والغناء والموسيقى والأدب وتقديمهم للجمهور. وبالفعل عرضت الفكرة على رئيس قطاع الإنتاج الثقافى آنذاك، وكان د. محمد أبو الخير وناقش معى الفكرة ووافق عليها، وفعلا بدأنا وكان اللقاء الأول مع الفنان الكبير محمد صبحى، وكان عنوان الملتقى «الثقافة ومستقبل مصر» ومنذ ذلك الحين وملتقى الهناجر الثقافى مهمته الرئيسية هى قضية الوعى والحمد الله يحقق نجاحات متتالية. ولا أنسى دور أستاذى د.سيد خاطر بأكاديمية الفنون ورئيس قطاع الإنتاج الثقافى، فقد كان الداعم الأكبر لى فى فترة صعبة جدًا فى العام 2013 وأسست أيضًا فى عهده الإدارة العامة للنشاط الثقافى والفنى وكانت إنجازًا كبيرًا، لأنه كان من المستغرب لى وجود قطاع كبير بهذا الشكل ولا توجد به إدارة للنشاط الثقافى والفني!!. ثم توالت الملتقيات حتى الآن بدعمٍ كبيرٍ أيضًا من رئيس القطاع الحالى الفنان والمخرج الكبير خالد جلال، هذا بالنسبة لنشأة وميلاد الملتقى والبدايات، أما عن أهدافنا فهى واضحة تمامًا لنا وتتمثل فى تعزيز دور قطاع الإنتاج الثقافى فى الحياة الثقافية والفنية ليقوم بدوره التنويرى والتثقيفى وتقليل الفجوة بين ثقافة النخبة والجمهور العادى.

< هناك أزمة ثقافية فى مجتمعاتنا العربية تتمثل فى أمور كثيرة.. ما خطورتها، ومن يقف وراءها وما الحل من وجهة نظرك؟

<< الثقافة العربية بلا شك مستهدفة.. انظر كم القنوات الأجنبية الموجهة لمنطقتنا العربية.. هناك أكثر من ٣٥ فضائية دولية تبث لنا الأخبار والدراما والثقافات الوافدة التى يريدون توصيلها لنا، وكثير منه مشحون بالمخاطر.. يتم فيه دس «السم فى العسل».. فيما يسمى بالعولمة الثقافية.

لكن ما يطمئن أنَّ هناك من يعطى الإنسان العربى «أمصال» للوقاية من أضرار العولمة الآتية إلينا عبر الفضائيات أو الإنترنت.. وذلك عن طريق تطوير المحتوى الثقافى العربى.. لكنه طريق طويل ويحتاج لجهدٍ كبيرٍ.

< ما مدى حضور المرأة فى المشهد الثقافى والإنتاج الفكرى وهل استطاعت أن تشغل مكانة أكبر فى الإبداع؟

<< إسهام المرأة المصرية فى الحراك الثقافى والفكرى داخل المجتمع واضح جدًا ومؤثر.. من خلال الإبداع، والإدارة، وتعزيز دورها داخل المشهد الثقافى.

نعم.. عانت المرأة فيما مضى من الإقصاء والتهميش، ولكن بثقة القيادة السياسية فيها.. أثبتت أنَّ لديها قدرة هائلة على النجاح والتفوق. نعم.. هناك تحديات ورواسب اجتماعية كثيرة مازالت، ولكن هناك أرضا جديدة تكتسبها المرأة المصرية كل يوم بدعم الدولة من ناحية.. وبالـ»المعافرة» من جهة أخرى.. فمنذ تولى الرئيس السيسى مسئوليات الحكم.. والمرأة المصرية تعيش عصرها الذهبى من التمكين الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والثقافى كما لم يحدث من قبل.

< الناقد العربى اليوم مطالب بالإجابة عن الكثير من التساؤلات والاستفسارات، فبعض النقاد يرون أن النقد لا يواكب الإبداع الأدبى وبعضهم يقولون إنه مغيب ويجد أنَّ الناقد فى وادٍ والأديب والمتلقى فى وادٍ آخر؟

<< الحالة النقدية اليوم «بعافية شوية».. فنحن لا نملك اليوم «حركة نقدية» حقيقية كما فى الستينيات أوالسبعينيات، ربما لأنَّ الحالة الإبداعية اليوم على نفس المستوى من الضعف.. والسبب أنَّ مدرسة النقد الحالية تميل «للشخصنة»، أو ما نطلق عليه بالعامية المصرية «الشللية».. أكثر من الاستناد إلى أسس ومعايير موضوعية، توضح للمتلقى مواطن الضعف أوالقوة فى العمل، بدليل أنَّ الذاكرة لا تسعفنى الآن لتذكر نقاد يتسمون بهذه المواصفات إلا فى حدود «أصابع اليد الواحدة».

< فى الفترة الأخيرة شاعت دعوات تحمل سمات البراءة والتعاون بين الشعوب مثل « العولمة» و«الكوكبية» و « القرية الواحدة»...إلخ... لكنها فى نهاية الأمر تخص نوعًا من سيطرة الاتجاه الواحد والثقافة الواحدة والدين الواحد ما رؤيتك لهذه القضية؟

<< لا نستطيع وضع كل هذه المفاهيم فى سلةٍ واحدةٍ، كما لا يمكن الحسم أنَّ كلها سيطرة، وخلفها مؤامرة.. ولكننا نستطيع تقييم مكاسب كل منها، ومخاطرها أيضًا، ومصر مليئة بالعقول ومراكز البحث والتفكى، وبالتالى نستطيع الاختيار والتعامل مع كل حالة على حدها.

خذ مصر ثورة الاتصالات والمعلومات لا يمكن اعتبارها مؤامرة، رغم أنها أحد مظاهر العولمة والكوكبية، لكننا لا نستطيع اليوم الاستغناء عن الإنترنت «مستحيل» رغم ما به من مخاطر!

< كيف ترين تفاعل المواطن فى البلدان العربية مع مفردات الثقافة؟

<< هذا الأمر يتفاوت تمامًا من بلدٍ عربى لآخر.. فلدينا 22 قُطْرًا عربيًا، يختلف تفاعل مواطنيها مع الثقافة حسب ظروف كل بلد.. فلا ننسى أنَّ هناك أشقاء يعانون من الحروب الأهلية أو الإرهاب، أو حتى البنى الثقافية الهشة.. ولا يمكن مقارنة هؤلاء مع مواطنى بلد عربى مستقر سياسيًا أواقتصاديًا، أو اجتماعيًا.. لكننا نستطيع أيضًا التأكيد بوجود ثقافة عربية راسخة، أسهمت فى نمو الحضارة الإنسانية بمفرداتها الثقافية العربية.

< هل ترين أنَّ الثقافة نالت حظها فى عهد الرئيس السيسى وأنَّ هناك دعمًا من الدولة للثقافة المصرية؟

<< أقول بكل ثقة.. إنَّ أحد وجوه «الجمهورية الجديدة» فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الوجه الثقافى، وهو الأبرز والأبهى لمصر المستقرة.. ودع الواقع يقول.. أصبحت لدينا مدينة للثقافة والفنون فى عاصمتنا الإدارية، وأصبح لدينا المتحف القومى الكبير، ودار أوبرا جديدة، والأهم لدينا صناعة ثقافية هى الأضخم فى الشرق الأوسط.. سينما ومسرح وكتاب، وإبداع.

ويرى الرئيس السيسى أنَّ الثقافة أسلوب حياة، وظهر اهتمامه بالثقافة والمثقفين من خلال لقاءاته وحواراته، فلقد منح الثقافة لكل مواطن منذ العام 2014، وقد شاهدنا الافتتاح الأسطورى لمتحف الحضارة فى الفسطاط وموكب نقل المومياوات، واستطاعت الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسى الانتهاء مما يقرب من مائة مشروع إنشائى ثقافى كبير على مستوى الجمهورية.

إلى جانب آخر مهم وهو الاهتمام بجوائز الدولة، ورفع قيمة جائزة النيل وهى أرفع الجوائز، واستحداث جائزة المبدع الصغير برعاية قرينة الرئيس السيدة انتصار السيسى، حيث أولت الاهتمام بالأطفال المبدعين فى كافة مجالات الفنون والإبداع المختلفة، مما كان لها أكبر الأثر على وجدان الأطفال وهم مستقبل بلادنا.

< هناك بعض الرموز والكوادر الثقافية تحاول دائمًا هدم ثوابت الدين...فكيف ترين هؤلاء وكيف تتم مواجهتهم؟

<< هذا اتهام خطير.. فإذا كنت تقول إنَّ أولئك رموز؟ فمن أعطاهم هذه الرمزية؟! الرمز لا يمكن إلا أن يكون بطلا شعبيًا يتفق عليه الجميع.. فنحن عندما نقول الشيخ سيد درويش، فهو رمز لأنه ملحن السلام الوطنى، وكان له دور بارز بإبداعه فى ثورة 1919، ولذلك أصبح رمزًا، فأطلقنا عليه فنان الشعب، وعندما نقول العقاد أو د. طه حسين، أو أديبنا الكبير نجيب محفوظ.. فهم رموز فكرية وأدبية رفيعة يتفق عليهم الأغلبية الكاسحة.. لكن أن نطلق لفظة «رمز» على من يهدم ثوابت الدين.. فهو لا يمكن أن يكون كذلك، لأنَّ الشعب المصرى مؤكد لا يتفق عليه.. ومن هنا نعتبر من تقصدهم مجرد أصحاب رأى (ولا أقول فكر) نختلف عليه، رغم ما قد يصادف من بعض المؤيدين.. أما المواجهة فتتم بدحض آرائهم.

< الإبداع هو التمرد.. بينما الأديان تعلمنا الطاعة.. مقولة لأحد العلمانيين فهل معنى هذا أنَّ الدين يمثل عائقًا للإبداع؟

<< الإبداع هو التمرد على قواعده.. وليس التمرد على الله سبحانه وتعالى.. والأديان تعلمنا الطاعة للخالق، وليس لقواعد الإبداع.. باب التمرد على المدارس الفنية وقوالبها مفتوح، وليس للدين شأن به.. ولو صح هذا الكلام الموجود بالسؤال لألغينا آلاف القطع الفنية الإسلامية، ومئات السنين من الفن والإبداع الإسلامى، الذى مازالت أوروبا تقتات عليه حتى اليوم، وأكبر دليل عليه إسبانيا وغيرها من دول أوروبية تعيش سياحيًا على فنون العمارة الإسلامية المبهرة.

< قضية تجديد الخطاب الدينى من القضايا التى ادت إلى اشتباك جبهة المثقفين مع الأزهر فكيف ترين هذة القضية؟ وهل الخطاب الثقافى يحتاج إلى تجديد؟

<< أعود لبداية الحكاية، عنما أثيرت القضية سنة 2013 وتوجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى لعلماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ببحث تجديد الخطاب الدينى أثناء الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، ومنذ ذلك الحين ونحن نتحدث عن تجديد أو تصويب الخطاب الدينى وعملنا عشرات اللقاءات. وكان السؤال الأهم وقتها.. من أين نبدأ.؟ وتحدثنا مع علماء كُثر من وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، فأكد الجميع أنَّ التجديد يتم بعيدًا عن الثوابت التى لا يمكن المساس بها وكررنا مرارًا ولكن التصويب أو التغيير يسير بطيئًا للغاية.. والحقيقة «وهذا من وجهة نظري» أنَّ الحديث عن تجديد الخطاب الدينى وحده.. فكرة منقوصة، لأنه جزء من الخطاب الثقافى العام.

< هل تؤمنين بزمن الأجيال أو بمفردات النقاد هذا جيل الستينيات وذاك جيل السبعينيات والتسعينيات وهكذا أليس الإبداع لا زمنى؟

<< رأيى أنَّ هذا التقسيم أو التصنيف متعسف، فما حدث أنهم كانوا يريدون إخضاع الثقافة للمقارنة بين ما كانت عليه فى الخمسينيات والستينيات وأوائل القرن والوقت الراهن، ومن أطلق هذه التصنيفات كان تصنيفًا عمريًا، ولذلك قرأنا عن شعراء الستينيات وشعراء السبعينيات وهكذا، وجدنا أيضًا من يقول إننا فى زمن الرواية أو فى زمن القصة القصيرة وهكذا.

الآن أضحى للإنسان شركاء فى كل المجالات حتى فى الإبداع وخاصة ونحن فى عصر الذكاء الاصطناعى، فلقد خرج علينا ما يسمى بشات جى بى تى أعتقد أنه منافس لجوجل وهذا الشات يستطيع أن يكتب قصيدة شعر، أوسيناريو، يستطيع أن يكمل رواية أو قصة قصيرة بدأها الإنسان.. ولكن فى رأيى سيبقى للإنسان الإحساس والمشاعر، الروح، لا يمكن أن يحاكيه الروبوت.

< شهدت الدول العربية إبان ثورات الربيع العربى صعودًا لتيار الإسلام السياسى الذى ما لبث أن تهاوى بطرقٍ متباينة…إلام ترجعين ذلك الصعود ثم التهاوى السريع لهم.. وما تقييمك لتعاملهم مع ملف الثقافة المصرية؟

<< تفسيرى للصعود السريع ثم التهاوى «الأسرع» لتيار الإسلام السياسى.. أنه كان بلا ظهير شعبى.. لم تخترهم الغالبية الكاسحة من المصريين.. وصعودهم «الاستثنائى.. الفلتة» تم على صهوة ما يُسمى بـ«الربيع العبري» الذى كان ضمن أهدافه.. إسقاط أعمدة الشخصية المصرية، واستبدالها بفكر قائم على العنف والتسلط والعمل السرى تحت الأرض. لكن جاء سقوطهم سريعًا لأنهم طُلّاب ُسلطة، لأنهم جهلاء بالتاريخ وبالهوية المصرية، وبأنَّ المجتمع المصرى أو الدولة المصرية التى نشأت على ضفاف النهر، تحمل جينات ثقافية وحضارية ظلت صامدة كالجبل من فجر التاريخ، وصولًا لعهد محمد على، ثم فترة الخمسينيات والستينيات إلى أن حدث هذا ووصلت هذه الجماعة إلى سدة الحكم.. إلا أنَّ الشعب انتفض وتوحدت إرادة الملايين منه، لاستعادة هويتنا الوطنية المصرية، وهو ما تم.

وكانت الثقافة فى المواجهة.. بصراحة تامة كنا فى «وش المدفع» ولم نهابهم، فكان أول مؤتمر فى ظل حكم الإخوان يحمل عنوان «الثقافة فى المواجهة» ومؤتمر آخر كان يحمل عنوان «القوة الناعمة فى مواجهة التطرف والإرهاب» وكان رئيس المؤتمر د.سيد خاطر بأكاديمية الفنون ورئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافى وقتها.. وتشرفت بكونى الأمين العام للمؤتمر.

< هل يقتصر مفهوم الثقافة على النخب وكيف يمكن تعميق الوعى بدورها؟

<< بالطبع لا.. أنا من أنصار مدرسة «الفن للجميع»، أو الثقافة لكل المجتمع، لأنها إحدى أهم وسائل التربية والارتقاء بالإنسان. ولأنَّ مفهوم الثقافة أوسع وأكثر رحابة من كونه يقتصر على فئة معينة أو حاجة نخبوية تخص قطاعًا معينًا اسمه المثقفون، فالثقافة هى جملة حراك الناس فى الحياة اليومية، وتنعكس على الناس فى الشارع.. والحقيقة ودون مجاملة وزارة الثقافة الآن تقوم بدورها التنويرى التوعوى بشتى الطرق، كل قطاعات الوزارة تعمل كخلية نحل كل يعى دوره ومسئوليته الوطنية تجاه المواطن والوطن.

< ما الأسباب الجوهرية التى أدت إلى تراجع دور المثقف وانكفائه على الأوساط الثقافية وتخليه عن مهامه فى الأوساط الشعبية كيف تقرأين هذه المشكلة؟

<< بصراحة.. بدأ تراجع دور المثقف فى مصر قبل احداث 25 يناير بسنوات.. عشنا فى وهم اسمه «التنوير».. ثم حدثت المفارقة عندما اكتشفنا بعد عشرين عاما ويزيد.. ان بؤر الارهاب والتطرف تعشش بكل مكان، خاصة خلال التسعينيات، وحقيقة الأمر أننا كنا نعيش «أكذوبة» كبيرة أو ما يسمى بـ«كاموفلاج» بلغة التصوير السينمائى، أى «مجرد فرقعة» فمصر منذ ذلك الحين وحتى منتصف 2014 كانت تتعرض لجريمة تجريف ثقافى. لكننا بدأنا تصويب الأمر بعد صحوة الشعب فى ثورة 30 يونيو العظيمة، واستعدنا بعدها دور المثقف الحقيقى، الذى يحمى حق المواطن فى الثقافة كحقه فى التعليم والماء والهواء.. والدليل موجود على أرض الواقع.. فالخدمات الثقافية فى صدارة ما تقدمه الدولة فى مشروع «حياة كريمة» فى قلب الريف والمناطق الشعبية، ومشروعات الإسكان البديلة لما كان يُدعى «عشوائيات».

< هناك أزمات فى مجتمعاتنا العربية تتمثل فى أمور كثيرة ما خطرها؟ ومن يقف وراءها وما الحل من وجهة نظرك؟

<< الأزمة الأكثر حضورًا أمامنا هى الأمية بكل أنواعها.. سواء كانت الأبجدية، أو الأكبر مثل مثل الأمية التكنولوجية التى نعيشها مقارنة بالدول الصناعية.. ونحن الذين نتسبب فيها بعدم القضاء عليها.. هى ليست مؤامرة لكنه تقاعس ممتد منذ عقود لكن مؤسسات الدولة عازمة على نسفها.. ولا أجد أصدق من تعبير د. فؤاد زكريا المفكر والفيلسوف فى كتابه «خطاب إلى العقل» الذى قام فيه بتشخيص أزمة الثقافة وقال إنها الجمود، أو العجز عن مواكبة الفكر للانطلاق إلى المستقبل، على اعتبار أنَّ الثقافة فعل إيجابى خلّاق.

< هل ترين أنَّ المؤسسات الثقافية الحكومية تقوم بدورها فى مواجهة الفكر الظلامى المتطرف فى مصر؟

<< قبل أن أتحدث عن دور المؤسسات الثقافية فى مواجهة الفكر الظلامى لابد أن أتحدث عن دور الثقافة بشكل عام لأن دورها محورى ومهم.. فالمجتمعات المنتجة للثقافة، والمستهلكة لها.. وجدوا أنَّ نسبة العنف والإرهاب فيها عند حده الأدنى. واكتشفوا العكس أيضًا.. أنَّ غياب المنتج الثقافى فى أى مجتمع يجنح به للعنف والجهل والتطرف بمعناه العريض، وليس الدينى فقط. وما يجعلنا نطمئن فى مصر.. هى التراكمات التاريخية للثقافة المصرية وطبقاتها المختلفة، وهى تمتلك القوة والحيوية الفاعلة التى تمكنها من التصدى لكل الرؤى والأفكار الظلامية.. بدليل ميراث الثقافة المصرية، ساهم فى استرداد عافيتها وحيويتها حتى فى ظل أكثر الظروف قسوة وحتى فى لحظات هزيمة يونيو 1967حيث ساهمت فى دعم التماسك والتلاحم الوطنى ضد الاحتلال الإسرائيلى والتصدى له. وفى أعقاب أحداث يناير 2011 وانتشار بؤر التطرف والإرهاب والأفكار الظلامية التعسة التى أوقعتنا فى براثن التطرف والإرهاب لسنوات وسنوات إلى أن جاءت ثورة 30 يونيو 2013 المجيدة، حيث لعبت الثقافة دورًا مهمًا فى نقد ورفض أطروحات هذه الجماعة التى حاولت نشر أفكارها المتطرفة وفكرها الإرهابى، إلا أنَّ المؤسسات الثقافية جميعها كانت فى المواجهة وانطلقت الشرارة الأولى ضد حكم الجماعة الإرهابية من الثقافة.

< بعض رموز الثقافة طالبوا من قبل بالتطبيع الثقافى مع إسرائيل كيف ترين ذلك؟

<< لا أخاف على ثقافتنا العربية من المواجهة مع أى ثقافة وافدة.. لأنَّ ثقافتنا بحضارتها ستبتلع أى ثقافة خارجية كما فعلت دائمًا منذ ١٠ آلاف سنة، لكن موقفنا كمثقفين محسوم من التطبيع.. فهو يتسق تمامًا مع قناعاتنا الوطنية والسياسة العامة للدولة المصرية والحقوق العربية.

< أخيرًا ما طموحاتك المستقبلية؟!

<< طموحاتى كلها لبلادى الحبيبة مصر، ولوطنى العربى الكبير أن تنتشر ثقافتنا فى العالم.. وأن نوثق تراثنا الثقافى الإنسانى كاملا.. لأنَّ مصر كنز ثقافى ضخم لم يُكتشف بعد.