رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

فى مشهد عبثى بأحد الأفلام، وقف الفنان محمد سعد حاملاً بضعة أسلحة جلبها إليه جمع من الناس حوله وقال بلغة الكوميديا «هو أنا هحارب وحدى؟»، مع الفارق بين ذلك المشهد الكوميدى، وبين المشهد الحالى الأكثر دراما فى العالم، أرى أن حماس تقف حاملة ما تيسر لها من أسلحة وتقول نفس الجملة «هو أنا هحارب لوحدى»، وقد ضعف فى المشهد صورة كل الجبهات الأخرى التى كان مفترضاً وجودها بقوة بجانب حماس تحارب معها كيان الاحتلال، أو على الأقل توقف هذا الاعتداء الوحشى الغاشم على المدنيين العزل فى قطاع غزة.

لا أعرف سبباً واحداً لعدم ظهور المقاومة فى الضفة الغربية وباقى الأراضى الفلسطينية بقوة، ليهب الجميع فى وقفة رجل واحد، إما التحرر والنصر أو الشهادة بكرامة، لا أعرف لماذا لم تتحرك المقاومة فى سوريا لتتخذ مما يحدث فرصة ذهبية لتحرير الجولان، ولم تتحرك المقاومة فى جنوب لبنان لتجدها فرصة لتحرير مزارع شبعا، ولم يتحرك حزب الله «إلا قليلاً» الذى يمتلك من السلاح والعتاد ما يمكنه من نصرة أهالى غزة، وهو الذى يشنف الأذان دوماً ويملأ مساحات البث الإعلامى بالتهديد والوعيد لإسرائيل.

كل ما سمعناه هو إطلاق بعض قذائف الهاون ونيران للمدفعية المحدودة من الأراضى السورية وبضعة صواريخ من حزب الله، ولم نسمع عن خسائر حقيقية ملموسة فى إسرائيل جراء قذف هذه الصواريخ، فى الوقت الذى نادى فيه محمد الضيف، قائد الجناح العسكرى بكتائب القسام، فى أول بيان له بأن كل من يملك بندقية عليه إخراجها لدعم طوفان الأقصى، وقال بالحرف:«يا إخوتنا فى المقاومة فى لبنان وسوريا والعراق وإيران هذا هو اليوم الذى ستلتحم به الجبهات»، فأين كل هؤلاء مما يحدث؟، وماذا ينتظرون للتدخل القوى الواضح بعد فورة الدماء الفلسطينية وهذا النزيف المروع لأرواح المدنيين؟

فى الواقع موقف غير مفهوم لهؤلاء، رغم نشر رئاسة سوريا صورة عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك لخارطة فلسطين ومن خلفها المسجد الأقصى فى الساعات الأولى لطوفان الأقصى، وهو ما أعتبره المراقبون السياسيون والعسكريون تأييداً واضحاً لطوفان الأقصى ومؤشر لدخول سوريا رسمياً على خط المقاومة ضد إسرائيل، لكن لم يحدث أى تحرك سورى رسمى رغم قيام القوات الإسرائيلية بقصف أهداف فى مطار حلب يوم السبت الماضى.

لا يمكن أن يعتقد أحد ان حماس قامت بذلك الطوفان دون الحصول حتى على وعود مسبقة بالدعم العسكرى القوى من تلك الجهات التى ذكرتها، لا أعتقد ان حماس قررت أن تخوض هذه الحرب دون الارتكان الى ظهير يمكن ان يساندها بقوة.

وأياً كانت النتائج، فإن طوفان الأقصى هو رد للاعتبار العربى الذى أضعفته وأنهكته حكوماته على مدى عقود، فكلما اشتد الغرق فى الوحل امتدت يد فلسطين المحتلة بجرعة منشطة للكرامة، طوفان الأقصى رغم كل الخسائر فى ارواح الفلسطينيين ستعيد تصويب البوصلة العربية نحو العدو الحقيقى للدول والشعوب العربية، ونعلم جميعاً أن الثمن سيكون باهظاً، وسيدفعه الفلسطينيون وحدهم، لأن إسرائيل انتهكت دوماً وستنتهك كل حقوق الإنسان، وقتلت وستقتل دوماً المدنيين بدم بارد، وارتكبت وسترتكب كل جرائم الحرب والتصفيات العرقية وأعمال الإبادة، لكنها لن تقتل شعباً بأكمله، ولن تخمد إرادة اشتعلت بقوة هذا هذه المرة غير عابئة بالمخاطر.

لا نتمنى نشوب حرب إقليمية، فالشعوب منهكة من أوضاع اقتصادية ستزداد تعقيداً مع نشوب مثل تلك الحرب، ولكن ننتظر وقفة عربية وإسلامية واحدة لحصار إسرائيل سياسياً واقتصادياً، وفرض عقوبات ومقاطعات جماعية ضد هذا الكيان الصهيونى الوحشى، إنه الحد الأدنى من الإجراءات التى يمكن أن تستعيض بها الدول العربية عن الدخول فى حرب تشعل الإقليم كله، ولن تنسى فلسطين ولا الشعوب العربية الغاضبة الآن أى انبطاح أو صمت تجاه جرائم إسرائيل، فكل صمت تواطؤ.

[email protected]