رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

إذا لم يدرك القادة فى العالم وكبار الساسة أن أى إنسان معدم، بسيط أو ثرى، مطلبه الأول فى الحياة ولا أقول أهم أحلامه العيش فى وطنه الحر، فوق أرض هى أرضه، بين أربع جدران فى بيته فى أمان، وأن أى مطلب آخر فى الحياة يتبع ذلك فى الأهمية أيا كانت هذه المطالب، إذا لم يدرك القادة والساسة ذلك فهم أغبياء بكل المقاييس مهما بلغ قدرهم ومكانتهم فى الحياة. وعندما يقول رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لا حديث عن دولة فلسطينية، فهو بذلك قرر أن يصادر آخر أمل للفلسطينيين فى وطن حر مستقر، وطن له حدوده، جيشه، استقلاله، اقتصاده، مستقبله الذى هو مستقبل أبنائه، عندما يقول هذا معتقدا أنه وضع وجه شعب فلسطين كله بمواجهة جدار صلد لا ثغرة فيه لأمل ولا مستقبل، فهو غبى، لأنه بهذا يضع شعب فلسطين فى خيار وحيد، هو المقاومة حتى الموت بكرامة.

جاءت تصريحات إسرائيل بأنه لا حديث عن دولة فلسطينية محملة بالاستفزاز الدينى الذى دأبت إسرائيل على فعله فى العام أكثر من مرة باقتحام المسجد الأقصى، وإقامة شعائر صلواتهم واحتفالاتهم بعيد الشعانين وغيرها من أعيادهم، وتدنيس المسجد وباحته والاعتداء على المصلين بالضرب والطرد والاعتقال، ناهيك عن السياسات التى تسير على التوازى من الاستفزاز بالتوسع فى المستوطنات والإمعان فى تهويد القدس.

السند الذى تعتمد عليه دولة الاحتلال تلك الفرقة العربية التى استشرت مؤخرا والتى سببتها إسرائيل نفسها بجذب عدد من الدول العربية لمستنقع التطبيع بقوة، وان رفضت الشعوب العربية هذا التطبيع، إلا أن بعض قادة العرب أصبحوا يرون فى التطبيع مصلحة اقتصادية وسياسية، أنا شخصيا بصراحة اصاب بالغباء عندما أفكر مليا فى ماهية هذه المصالح وحقيقتها التى يمكن أن تحققها تلك الدول العربية جراء التطبيع مع دولة قاتلة للأطفال والشيوخ والنساء، دولة لا تعترف بمواثيق دولية ولا بمعايير إنسانية، وكل ما تتعامل به هو الصلف والغرور المذموم اعتمادا على قوتها النووية والدعم الأمريكى والغربى غير المشروط، إضافة إلى قناعتها الكاملة بازدواجية المعايير الدولية فيما يتعلق بالقانون الدولى وبكل المواثيق الدولية والأعراف، فقد تأكدت دولة الاحتلال منذ البداية أنه لا عقاب دولى سيفرض عليها إذا ما استولت على أراضى الغير، إذا ما سرقت مستقبل شعب وصادرت أحلامهم، إذا ما شنت غاراتها لإرهاب شعب أعزل وقتلت منهم الآلاف بين حين وآخر من أطفال وشيوخ ونساء لإرهاب شباب المقاومة، إذا ما دكت البيوت على رؤوس المدنيين، إنها واثقة من إفلاتها من العقاب وهى تمارس كل جرائم الحرب والتصفيات وأعمال الفصل العنصرى المقيت، ومن آمن العقاب أساء ليس فى الأدب فقط بل أساء لكل شىء وفى كل شىء.

فى الواقع أسانيد كثيرة تعتمد عليها إسرائيل لتمارس كل جرائمها ضد أصحاب الحق والأرض، لكن يبقى السؤال الذى تفشل دوما دولة أطول احتلال فى العالم الإجابة عنه، وهو هل تصمد قوة احتلال غاشم بكل أسلحة العالم أمام إرادة شعب فى التحرر، فى أن تكون له دولة مستقلة، فى أن يزيح كابوس الاحتلال الأسود الجاثم على صدره منذ عقود؟ علهم يسألون أنفسهم هذا السؤال ويتهربون من إجابته، أو لعل غرورهم بسند القوة والسلاح يدعهم لا يطرحون أصلاً هذا السؤال متجاهلين أن إرادة الشعوب تغير التاريخ، وتغير مسارات الدول، وتسقط الممالك، رغم قوة دولة الاحتلال، وتحكمها فى مراقبة الاتصالات وجواسيسها، ورجال استخباراتها، إلا أن كل هذا الزخم لم يتنبأ بمعركة طوفان الأقصى، لم ترصدها أجهزتهم، ولم يستعدوا لها، وهو ما يؤكد كلامى بأن ارادة الشعوب هى القوة الأعظم كما أثبت دوما التاريخ.

طوفان الأقصى يضع إسرائيل على المحك، يجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تقول لا حديث عن دولة فلسطينية، لن يكون هناك حل إلا بالتفاوض السياسى العادل، إلا بإعلان دولة فلسطينية على حدود ٦٧ إلا بحصول شعب فلسطين على كافة حقوقة، أما سياسة القوة واعتماد لغة التحدى، والدخول فى معارك حتى لو كانت غير متكافئة القوة، فإن الكل خاسر، والمدنيون ينزفون دماءهم ولا تنسى أسرة فلسطينية ولا إسرائيلية أن غباء ساسة إسرائيل وصلفهم سبب فقدهم أبناءهم وأحباءهم، والغضب الساطع قادم قادم، لأجلك يا مدينة القدس، لأجل الشهداء والأطفال المشردين، لأجل الأرض والحق الذى لا يموت.

[email protected]