عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جولدا :اعترف إسرائيلي بهزيمة تل أبيب في حرب ١٩٧٣

بوابة الوفد الإلكترونية

المخرج:قدمت أدلة عن هزيمتنا رغم أكاذيب الأفلام الأمريكية والبريطانية

الفيلم يوثق الخسارة الفادحة للاحتلات الإسرائيلي

اللعنات طاردت مائير حتي بعد وفاتها

العمل استند إلي وثائق تاريخية صادرة عن لجنة أجرانات

 

انطلقت عروض فيلم «جولدا مائير» فى دور العرض الأمريكية منذ أيام قليلة، وهو الفيلم الأول من نوعه إنتاج إسرائيلى الذى يؤرخ لهزيمة إسرائيل فى حرب 1973، وفشل المخابرات الإسرائيلية فى كشف وتصديق ميعاد شن الجيش المصرى هجماته فى السادس من أكتوبر عام 1973 لتحرير سيناء وعبور قناة السويس إلى الضفة الشرقية، جنبا إلى جنب هجوم الجيش السورى لتحرير الجولان فى يوم «عيد الفصح» الإسرائيلى، ويركز الفيلم على شخصية السيدة «جولدا مائير» رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك، والتى خانها ذكاؤها وأخفق جهاز مخابراتها فى تنبيهها وتنبيه قيادة الجيش الإسرائيلى ووزير الدفاع «موشى ديان» بهجمات الجيشين المصرى والسورى لتحرير أراضيهم مسبقا، بالإضافة إلى عدم قدرة هذا الجيش الذى كان يعلن أنه لا يقهر على اللحاق بإغاثة وحداته الرابطة على الجبهتين المصرية والسورية بغطاء دفاع جوى، وعاشت جولدا مائير «يلعنها» ضحايا حرب أكتوبر من ضباط الجيش الإسرائيلى السابقين الذين عاصروا هذا اليوم الذى وصفوه «بالبركان» على حد وصف «عمنون داننكنر» أحد ضباط الجيش الإسرائيلى على جبهة الجولان فى حرب 6 أكتوبر 1973 والذى فرح عند سماع وفاة جولدا مائير هو وزملاؤه من ضباط جيش الحرب والذين كانوا يصفون مائير «بالكارثة» التى حلّت على بلادهم، وقد فقدت إسرائيل أكثر من 3 آلاف جندى وضابط، بالإضافة إلى 9 آلاف جريح و400 أسير أثناء هذه الحرب، وكادت أن تفقد وجودها حسب تعبير الكاتب الأمريكى جوناثان برودر فى صحيفة «سباى توك».

يرى الكاتب الأمريكى والناقد جوناثان برودر أن الفيلم يمثل نقلة نوعية فى صناعة السينما الإسرائيلية، فهو يبتعد عن المعالجات المتكررة عن مكافحة الإرهاب التى اعتادوا عرضها خلال السنوات الماضية، حيث ظهرت المعالجة السينمائية والقصصية مغايرة لتصوير اليهود كأبطال والعرب كإرهابيين ومهزومين فى الأفلام الأمريكية والبريطانية، فقد ظهر الجانب المظلم لأحوال الجيش الإسرائيلى فى 1973، وكذلك العنف والاضطهاد الذى يعامل به أفراد الجيش وقيادته للعرب والفلسطينيين، وهو ما اعتبره الناقد جانبا دراماتيكيا متميزا وفارقا فى السرد السينمائى الإسرائيلى.

وقال مخرج الفيلم جاى نيتيف، وهو إسرائيلى فى حواره مع صحيفة «سباى توك» الأمريكية إنه أراد أن يقول الحقيقة فى هذا الفيلم، ويؤكد على هزيمة الجيش الإسرائيلى فى هذه الحرب وليس كما سردت كل الأفلام التى عالجت هذه القضية بأننا انتصرنا وجولدا مائير كانت أحد أبطال إسرائيل حسب قوله، وقد بنى كاتب السيناريو نيكولاس مارتين أحداث الفيلم بناء على دراسات فى التاريخ الإسرائيلى والمصرى والأمريكى ودعّمها بوثائق لجنة تقصى الحقائق «لجنة أجرانات» التى بحثت أسباب وذرائع خدعة الجيشين المصرى والسورى للمخابرات الإسرائيلية وتمكنهم من الهجوم الكامل حتى آخر اللحظات، وأوضح مخرج الفيلم ناتيف أن المادة التى تم عرضها استندت أيضا إلى تصريحات المعاصرين للأحداث الحقيقية على رأسهم رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلى آنذاك زيفى زامير، والمتحدث الرسمى باسم جولدا مائير ميرون ميدزينى وحتى حارسها الخاص، مضيفا أن جلسات النقاش التى جمعت بينه وكاتب السيناريو مارتين غيروا فيها وجهة أحداث الفيلم من التركيز بنسبة 80% على حرب 1973 و20% فقط على شخصية جولدا مائير إلى العكس تماما، وفى أحد تصريحات المخرج جاى نتيف لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أكد تعرض جولدا مائير للوم واللّعنات والتوبيخ أثر الهزيمة بسبب كونها سيدة وتتولى هذه المسئولية الضخمة قبل وأثناء الحرب دون غيرها من قيادات الرجال رغم اشتراكهم معها فى المسئولية والهزيمة. وهو ما أراد المخرج إبرازه إلى جانب نقطة ضعفها وسوء تقديرها نظرا لطبيعتها كامرأة التى يغلب عليها العاطفة رغم اللحظات المصيرية والخطيرة، ورغم ذلك يقول جاى تنتيف إنه أخرج هذا الفيلم «ليرد به الجميل» لجولدا مائير بعد أن ظلمها الجميع وحملّوها وحدها مسئولية الهزيمة.     

وبدت الفنانة الأمريكية صاحبة جوائز الأوسكار هيلين ميرين وكأنها جولدا مائير الحقيقية تتحدث إلينا الآن وقد يخدع المشاهد إن لم يقرأ اسم الممثلة على الشاشة كما يروى مخرج الفيلم جاى نيتيف الذى استعان بالماكير البارع حاصد الجوائز العالمية عن عدة أفلام من بينها فيلم «إليزابيث الأولى».

وعرض الفيلم المناقشات التى دارت وراء الأبواب بين الشخصيات العالمية من بينها هنرى كيسينجر الذى كان يعتبر جولدا مائير فى مقام جدته، وكان حديثه معها يخرج عن الرسميات ووصل إلى حد «التوسل» إليها بأن تستسلم للأمر الواقع بانتصار العرب وترضخ للسلام بعد الضغوط والأزمات التى وضعها العرب أمام الولايات المتحدة فى قطع إمدادات النفط عنهم أثناء الحرب، لأنه أولا أمريكى ويحرص على مصالح بلاده قبل أن يكون يهوديا، إلا أنه أعاد اتصاله بالسيدة جولدا فور عودته إلى واشنطن وأخبرها بإرسال السفن والطائرات الحربية إلى إسرائيل، والتى أدت إلى وقف إطلاق النار.

ركز الفيلم على بعض الأجزاء الإنسانية ورفع النقاب عن إصابة جولدا مائير بمرض سرطان الدم طوال 12 عاما قبل حرب أكتوبر 1973 وهو ما لم تكشفه «المرأة الحديدية» كما اعتادو أن يلقبوها حتى لوزرائها حتى عرف بعد وفاتها فى 1978.

وأرخ الفيلم لزيارة الرئيس السادات لإسرائيل التاريخية وأظهر روح الدعابة المتبادلة بينه وبين وجولدا مائير بعد أن كانا يتبادلان التهديدات بعد ضربة مصر فى السادس من أكتوبر 1973، واتسمت المعالجة الدرامية لكثير من المشاهد بالعمق، حيث جاءت لحظات ومشاهد توقيع اتفاقية السلام «كامب ديفيد» فى واشنطن 1978 أثناء وجود جولدا مائير على فراش المرض قبيل موتها بأيام.

أما عن ردود الأفعال تجاه الفيلم قال جيوين مائير حفيد السيدة جولدا إنه عندما شاهد الفيلم شعر وكأنه أمام جدته الحقيقية خصوصا عن مقابلته للفنانة الأمريكية هيلين ميرين التى كانت على وعى كامل بشخصية جدته السيدة جولدا وردود أفعالها أثناء الأحداث الجسام التى عاصرتها، فقد عاشت ميرين لمدة عام فى معسكرات ومستوطنات اليهود فى الأراضى المحتلة وقامت بالأعمال التطوعية التى كانت تقوم بها جولدا مائير فى شبابها مثل جنى المحاصيل الزراعية حتى تشعر بالخلفية الحياتية لشخصية جولدا مائير والتى لعبت أدوارا مؤثرة فى شخصيتها من الناحية الإنسانية، وعند عرض الفيلم فى القدس وباقى المدن الإسرائيلية خاصة بعد تعاقب الأجيال الجديدة منذ 50 سنة حتى الآن ممن شاهدوا الفيلم ولم يعاصروا الأحداث آنذاك اختلفوا جميعا فى الآراء، حيث عاد وحملّها الكثيرون المسئولية بما أنها رئيسة الوزراء آنذاك بغض النظر عن خذلان قادة الجيش والمخابرات لها وأنصفها آخرون حيث لم يروا أنها اقترفت أية أخطاء وقامت بما أملته عليها مسئوليتها وضميرها.