رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى ذكرى اليوبيل الذهبى لنصر أكتوبر

أمجد مصباح يكتب: أسرار فى حياة السادات

بوابة الوفد الإلكترونية

حكاية الرئيس مع الطفل «خالد» فى طنطا.. ودعوة جرحى الحرب فى حفل زفاف ابنته

بطل الحرب والسلام ارتدى قميصاً واقياً من الرصاص فى زيارته للقدس

«هيلموت شميت» يبكى يوم اغتيال السادات قائلاً: العالم أكثر بؤساً بدونه

قصة سائق «دمرو» الذى أنقذ الرئيس من الموت والجوع

«العندليب» ينقل رسالة شفهية من «السادات» للرئيس السورى حافظ الأسد

 

الرئيس الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام، زعيم تاريخى لمصر، حقق الكثير والكثير رغم مدة حكمه القصيرة التى لم تتعد 11 عاما، ويظل قرار الحرب فى أكتوبر 73 هو أعظم قراراته، ثم قرار السلام فى عام 1977، وإنجازاته التى لن تمحى بداية من القضاء على مراكز القوى عام 1971، وطرد الخبراء السوڤييت عام 1972، وعودة الملاحة لقناة السويس 1975، وتوقيع معاهدة السلام 1979، وإلغاء الأحكام العرفية 1980.

واحتفالاً باليوبيل الذهبى لانتصار أكتوبر العظيم، والذكرى الـ42 لرحيل بطل الحرب والسلام، نستعرض فى هذا التقرير المطول أسراراً وحكايات خاصة فى حياة البطل معظمها لم ينشر من قبل. وأسعدنى الحظ أن أكون شاهداً على بعضها لأنى رأيتها بعينى وأنا من أبناء مدينة طنطا.

بداية فى يوم تاريخى لم ولن أنساه حيث كنت فى الثالثة عشرة من عمرى، ففى يوم الجمعة 11 فبراير 1977، وكانت الساعة الـ11 صباحاً فى شارع الجيش بمدينة طنطا، حيث استعدت المدينة عن بكرة أبيها لاستقبال الرئيس الذى جاء لأداء صلاة الجمعة بمسجد السيد البدوى.

هبطت طائرة الرئيس فى ملعب نادى طنطا الرياضى، ثم استقل السيارة المكشوفة بصحبة نائبه حسنى مبارك، اخترق الموكب شارع الجيش وسط تصفيق وترحيب الآلاف لكن أثناء مرور الموكب، اخترق طفل يدعى «خالد» موكب الرئيس وعلى الفور أمر السادات بوقف الموكب حرصاً على سلامة الطفل.

وأصر السادات أن يجلس الطفل بجانبه فى السيارة المكشوفة ليحيى أبناء المدينة فى مشهد رائع يعكس الحب بين السادات وأهالى مدينة طنطا.

وأسعدنى الحظ مرة أخرى يوم الجمعة 20 يونيو 1981، حيث كنت فى منطقة المعمورة بالإسكندرية وذهبت لأداء صلاة الظهر بمسجد المعمورة، وفوجئت بالرئيس بعد أداء الصلاة يخرج من المسجد بمفرده مرتدياً بدلة صيفية بيضاء، قمة التواضع والإحساس بالأمان.. وبالطبع التف حوله المصلون بعد أداء الصلاة، هذا فضلاً عن حسن حظى، حيث رأيت السادات عشرات المرات فى مدينة طنطا، خاصة مشهد مرور القطار الرئاسى أثناء زيارة الرئيس الأمريكى الراحل نيكسون فى يونيو 1974، والرئيس الأمريكى الأسبق چيمى كارتر فى مارس 1979.

هناك العديد من المواقف المثيرة للغاية فى حياة الرئيس السادات منها موقف غريب حدث عام 1972، رواه اللواء محمد صبيح، الرئيس ذهب منفردا لمنطقة الهرم فى ساعة متأخرة من الليل يستقل سيارة «ڤولكس» صغيرة وقد غطى وجهه حتى لا يعرفه أحد، فوجئ الرئيس بجندى من الشرطة يوقف السيارة ويطلب منه تحقيق الشخصية.

قال الرئيس بالحرب الواحد: «انت مش عارفنى يا ابنى»، قال له الجندى: لا.. رد الرئىس: «يا ابنى سيبنى فى حالى»، ولكن الجندى مُصر على موقفه، ووجه الرئيس مغطى تماما، ثم قال له السادات ابعت لى الضابط بتاعك. وكان اللواء صبيح وقتها فى بداية حياته الشرطية ذهب الضابط للرئيس وقال له انت مخبى وشك ليه، فين بطاقتك أنا هاقبض عليك.

قال السادات ردا على الضابط: انت مش عارف صوتى، قال له الضابط: لا، وأمام إصرار الضابط على القبض عليه اضطر السادات للكشف عن وجهه، بالطبع كانت الصدمة هائلة للضابط والذين معه، ارتبك بشدة وقال للرئيس: آسف يا فندم، حضرتك نازل ليه دلوقتى؟، وقال السادات بتواضع: «باشم هوا» بعيدا عن قيود الرئاسة، وطلب من الضابط ومن معه الحضور لقصر الرئاسة صباح اليوم التالى بالطبع ارتعد الضابط بشدة وتصور أنه سيعاقب على موقفه.

ولكن الرئيس كان له رأى آخر، حيث تمت مكافأة الضابط ومن معه على موقفهم وانضباطهم فى عملهم، داخل قصر الرئاسة. 

يتساءل البعض عن كواليس قرار السادات التاريخى بالذهاب إلى القدس. فى خريف عام 1977، كان الرئيس فى جولة خارجية فى رومانيا وإيران، كانت مصر فى تلك الفترة تتمتع بعلاقات قوية مع الدولتين، أثناء لقاء السادات مع الرئيس الرومانى الراحل نيكولاى تشاوشيسكو، قال له «شاوشيسكو» إننى جلست مع مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل لمدة 8 ساعات متواصلة، اكتشفت أنه يريد السلام وإجراء مفاوضات مباشرة مع مصر لحل الصراع العربى الإسرائيلى.

أنصت السادات باهتمام لكلام الرئيس الرومانى ثم ركب الطائرة متجها إلى إيران، جلس بمفرده وقرر أن يخرج خارج الصندوق ويتوجه لإسرائيل فى عقر دارها، لتتحول قصة الصراع العربى الإسرائيلى إلى مسار آخر تماما بفضل عبقرية السادات.

فى 24 يناير 1974، كان زفاف لبنى ابنة الرئيس السادات بعد ثلاثة أشهر من انتصار أكتوبر العظيم أصر الرئيس أن يكون عدد من جرحى حرب أكتوبر ضمن المدعوين لحفل زفاف ابنته، واستقبلهم بنفسه مع السيدة جيهان السادات فى حديقة منزل الرئيس مما يعكس تقدير السادات لجرحى نصر أكتوبر العظيم.

كان الرئيس السادات شديد الجرأة بطبعه، وفى زيارته التاريخية للقدس فى 19 نوفمبر 1977، وأمام إلحاح كل من حوله ارتدى السادات قميصا واقيا من الرصاص كإجراء احترازى ليس إلا، ولكنه رفض بشدة ارتداء القميص الواقى من الرصاص فى أكتوبر 1981، واغتيل بالفعل فى مشهد أبكى مصر والعالم.

ربما لا يعلم الكثيرون أن المرة الوحيدة التى بكى المستشار الألمانى هيلموت شميت، كان يوم 6 أكتوبر 1981، يوم اغتيال السادات خرج على شاشات التليفزيون الألمانى باكيا ليقول: «العالم بدون السادات أكثر بؤساً».

وفى 18 أكتوبر 1981، ولأول مرة فى تاريخ الولايات المتحدة خرج 4 رؤساء أمريكيين ينعون السادات فى البيت الأبيض، وهم: الرئيس ريجان والرؤساء السابقون چيمى كارتر وجيرالد فورد وريتشارد نيكسون. وحضر الثلاثة جنازة السادات يوم 10 أكتوبر 1981.

موقف آخر رواه جمال السادات نجل الرئيس حدث فى أغسطس 1981، فى استراحة الرئيس بالمعمورة، ودخل على والده وجده غاضبا وثائرا للغاية، بعد اجتماعه بوزير الداخلية نبوى إسماعيل، وبعض رجال الأمن حيث أعطوا له كشفا غامضا قال جمال لوالده: فى إيه حضرتك لماذا كل هذا الغضب، قال له الرئىس: تصور يا جمال طالبين منى أوقع على كشف باعتقال 5 آلاف شخصية كان هذا قبل قرارات سبتمبر، عدل السادات القائمة واعتقل 1579 شخصا فقط.

يوم 9 سبتمبر 1981، عقد السادات مؤتمرا صحفيا عالميا عقب قرارات سبتمبر الشهيرة، وأثناء المؤتمر تجاوز صحفى أمريكى وسأل الرئيس: هل حصلت على موافقة الرئيس ريجان قبل إصدار تلك القرارات؟ هنا استشاط السادات غضبا قائلا للصحفى الأمريكى بعصبية وغضب شديدين: مصر لا تأخذ أوامر من أحد، لولا الديمقراطية لأصدرت أوامرى باعتقالك فورا. ولم تستطع الإدارة الأمريكية وقتها الرد على تهديد السادات للصحفى بالاعتقال.

فى مارس 1981، فى العدد الأول لصدور جريدة مايو برئاسة تحرير الراحل إبراهيم سعدة. كتب السادات بنفسه فى الصفحة الأخيرة حكاية سائق دمرو، الذى أنقذ السادات فى حقبة الأربعينيات من الموت والجوع، حيث كان الرئيس بلا عمل تقريبا أصر الرجل على اصطحاب السادات بمنزله لعدة أيام حتى شفى تماما بعدما حصل على قسط من الراحة والطعام، ولم يحاول الرجل مقابلة السادات حتى بعدما أصبح رئيسا، وبعد نشر ما قاله السادات ظهر الرجل فى قصر الرئاسة بناء على طلب الرئيس أصر الرئيس على مكافأة الرجل قائلا له: ماذا تطلب؟ قال له: عايز أحج يا ريس، وعلى الفور قرر السادات أن يؤدى السائق فريضة الحج على نفقته الخاصة، ولم يكتف الرئيس بذلك، سأله عن أولاده قال: أنا حاليا أزوج ابنتى الكبرى، قال له الرئيس: جهاز ابنتك بالكامل على نفقتى الخاصة، ولم يكتف بهذا بل ذهب إلى قرية دمرو مركز المحلة الكبرى لحضور حفل الزفاف بنفسه وسط ترحيب هائل من أصل القرية والسائق الذى لم ينسَ السادات ما قدمه له منذ ما يقرب من 40 عاما. وعندما سمع السائق عن اغتيال السادات وهو فى الأراضى الحجازية سقط مغشيا عليه من هول صدمة رحيل الرئيس.

من يتصور أن الرئيس السادات كان سببا أساسيا فى التقارب الفنى بين الموسيقار الراحل بليغ حمدى والشيخ سيد النقشبندى، فى عام 1972، كان حفل خطوبة ابنة الرئيس وكان من بين المدعوين النقشبندى وبليغ حمدى والإذاعى وجدى الحكيم، وجاءت الفكرة للرئيس حيث طلب حضور الثلاثة ثم قال لبليغ: عايزك تلحن للشيخ النقشبندى، أصيب النقشبندى بالذهول وقال للرئيس: كيف هذا؟ وأظهر اعتراضا شديدا، وأصر الرئيس وأمر وجدى الحكيم بالعمل على الجمع بينهما وفى اليوم التالى اجتمع الثلاثة لتظهر الألحان التاريخية «مولاى إنى ببابك» و«ربنا» وغيرها.

فى سابقة لم تحدث من قبل يوم السبت 12 سبتمبر 1981، أصر الرئيس السادات على اصطحاب حفيده شريف مرعى فى أول يوم له بالدراسة فى إحدى المدارس الابتدائية بالقاهرة، وبالطبع أصاب الذهول قيادات المدرسة والتلاميذ حينما وجدوا الرئيس بينهم فى فناء المدرسة، منتهى التواضع من رئيس عظيم.

الفنان الراحل محمود يس هو الفنان الوحيد الذى جسد شخصية الرئيس السادات فى عمل فنى والرئيس على قيد الحياة، كان ذلك فى المسلسل الإذاعى «البحث عن الذات» عن حياة الرئيس السادات وأذيع فى شبكة البرنامج العام فى مايو 1981، وجسد الفنان أحمد مظهر شخصية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

فى موقف ربما لا يعلمه أحد، العندليب الراحل عبدالحليم حافظ كان فى سوريا لإحياء حفل غنائى فى منتصف السبعينيات، وأثناء ذلك طلب منه الرئيس السادات التوجه لمقابلة الرئيس السورى حافظ الأسد لنقل رسالة شفهية من الرئيس السادات للرئيس الأسد وذلك يعكس تقديرا للعندليب الراحل عبدالحليم من السادات.

قبل رحلته التاريخية للقدس طلب الرئيس من الفنان العالمى عمر الشريف الحديث مع بعض الشخصيات السياسية فى أمريكا وإسرائيل وجس نبضهم قبل قيام السادات برحلته إلى القدس، وقبل أيام قليلة من زيارته للقدس طلب من الفنان غسان مطر مقابلة الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات، لإقناعه بقبول مبادرة السلام، وافق عرفات ولكن اضطر للرفض بسبب المعارضة الشديدة من القيادات الفلسطينية لزيارة السادات للقدس.

كان الرئيس السادات محبا للرئيس الأمريكى كارتر بسبب مواقفه السياسية، فى أغسطس 1981، وأثناء زيارة السادات لأمريكا للاجتماع مع الرئيس ريجان، أصر على التوجه لمقر إقامة الرئيس الأمريكى السابق كارتر، وكان اللقاء بينهما حارا للغاية يعكس التقدير المتبادل بين الرئيسين.