رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نداء القلم

يُصيب العبد المؤمن من الهموم والأحزان ما قد يُفتت فؤاده، فلابدّ له من تنفيس وإلا هلك. لابدّ من أشعة النور الأعلى تنقشع بها حُجب ظلمات المعاصى والآثام : متنفس الهموم والأحزان، وهى ظلمات تتراكم من فعل الخطايا والغفلات والتعلق بالدُون فى عالم الشهوات. 

نعم ! هى حُجُب لكنها سرعان ما تزول من فعل سرّ الأنوار.. 

الروحانيّة فى المؤمن أقوى من الظلمانيّة، الروحانية هى الباقية، والظلمة فانية لا محالة. وممدُّ همم الروحانية هو حضرة النبى أكمل خلق الله، وأول خلق الله، وأحبُّ خلق الله إلى الله، هو نور الله الذاتى، والنسمة المنفوخة فينا هى من نوره حقيقة لا مجازاً، وهى سرٌ من أسراره (واعلموا أنّ فيكم رسول الله)، (لقد جاءكم رسول من أنفسكم)، (قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ ممّا يجمعون)، (لقد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين).

ومن أعظم وأكمل وأبقى سُبل التنفيس عن الهم وكفايته؛ كثرة الصلاةِ على النبى.. والكثرة تعنى الزيادة من الإمداد الإلهى إلى حيث الاستمداد الروحانى للمؤمن، من الملأ الأعلى إلى النسمة الروحيّة التى هى فينا؛ لأن صلاة الله تعالى عليه إمداد، وصلاة المؤمنين استمداد، ولذلك جاء الأمر الإلهى بالصلاة والتسليم عليه لاستمداد النور الذاتى وهو الذى يجلو الغمّة ويكشف الكٌربة فيكفى الهم ويغفر الذنب.  «إذنْ تُكفَى هَمَّك ويُغفَرُ لك ذَنبُك».

وكيف تُكفى همّك ويغفر ذنبك؟.. أقول لك إنّ الهموم والأحزان وما شابهها من آثار المعاصى، إنّما هى تجليات إلهية لصفات الجلال. وسيدنا رسول الله نوره ذاتى يسرى سره فى سائر الأسماء والصفات الإلهيّة، ومعدن النور تجليات لصفات الجمال ومنها تجليات المحبّة، ولذلك فرض صلوات الله عليه محبته وأوجبها أن تكون مقدّمة على حب النفس شرط تحقيق الإيمان. والعالم كله محكوم بالأسماء الحسنى والصفات العلا، والسر السارى سره فى الأسماء الحسنى والصفات العلا هو نورانية حضرته صلوات الله وسلامه عليه. 

فالكروب والهموم والأوجاع إنْ كانت تجليات لصفات الجلال الإلهي؛ فإنّ نور سيدنا رسول الله أسبق وأعلى، لأنه من مرتبة نور الذات، قبضة النور الإلهيّة. ومرتبة نور الذات أعلى من مرتبة الأسماء والصفات. ناهيك عن سريان نوره، فى سائر الأسماء والصفات الإلهيّة. وبمقتضى هذا النور الأزلى القديم تجلًت الأسماء والصفات فيما خلق الله من عوالم الأكوان، ظاهرة وباطنة؛ لذلك كان ولا يزال صلوات الله وسلامه عليه من الأزل إلى الأبد رحمة من الله مُهداه، رحمة للعالمين. العالمين بكل أنواعهم وأجناسهم وأطيافهم وأشكالهم وأصنافهم. وله فى ذاته النورانية صفات الجلال، وصفات الجمال، وصفات الكمال؛ لذلك كان الإنسان الكامل حقيقة لا مجاز.  

فيا من أصابك الهمُّ والحزن واشتد بك الكرب أكثر من الصلاة والسلام عليه. واشتغل بها (بالنورانيّة) واستشعر بقاءك فيها. عش الحالة وتذوق حلاوتها، وجاهد من أجلها. وكلما غفلت عنها أذكرها، وعاود ذكرها، وانقطع لها، وتبتّل، وبالغ فى محبته وفى تعظيمه صلوات الله وسلامه عليه حتى يفنيك عنك به، هنالك ترى من الأثر، وتجنى الثمر، وترقى لتدرك الحقائق بموالاته صلوات الله وسلامه عليه ومحبته واقتفاء أثره والانشغال به على الدوام بغير انقطاع. فاللهم صَلِّ وسَلِّم على سيِّدِنا ونبيِّنا مُحَمَّد وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.